Sunday, December 30, 2007

بين عام وعام




يا عام لا تقرب منازلنا فنحن هنا طيوف
من عالم الأشباح ينكرنا البشر
ويفر منا الليل والماضى، ويجهلنا القدر
ونعيش أشباحا تطوف

نحن الذين نسير لا ذكرى لنا
لا حلم، لا أشواق تشرق، لا منى
آفاق أعيننا رماد
تلك البحيرات الرواكد فى الوجوه الصامتة
ولنا الجباه الساكتة
لا نبض فيها ، لا اتقاد

نحن العراة من الشعور، ذوو الشفاه الباهتة
الهاربون من الزمان الى العدم
الجاهلون أسى الندم
نحن الذين نعيش فى ترف القصور
ونظل ينقصنا الشعور
لا ذكريات
نحيا ولا تدرى الحياة
نحيا ولا نشكو، ونجهل ما البكاء؟
ما الموت؟ ما الميلاد؟ ما معنى السما؟

قصيدة مفعمة باليأس كتبتها نازك الملائكة منذ عشرات السنوات، أما عامى القادم فلست بهذا التشاؤم إزاءه
عامي الذي يلملم بقاياه قبل أن يوصد من خلفه الباب كان إجمالا عاما عاديا شهدت بدايته خيبة أمل قوية أحاول حتى الآن التأقلم معها، أو ربما تأقلمت بالفعل لولا بقايا من "لو" تتحرش بى أحيانا

العام أيضا شهد إقامة قصيرة في مصر ثم سفري للخارج، أكره الحياة في القاهرة وأنا هناك، واشتاق إليها أحيانا وأنا بعيد عنها، أعتقد أنها حالة الكثير من المغتربين، ومع ذلك في الخارج نرى كل شيء ونقارن، ولا تأتى النتيجة لصالح مصر في العادة ولكن أعود ويشدني الحنين للمشاعر الحلوة مع الأهل والأصدقاء ويغلف رؤاي واشتياقي بحلم وردى

مع العام الجديد اردد دائما أن أجل ما أتمناه/نتمناه هو الصحة لمن أحبهم ولى، فدونها يقزم كل شيء مهما كان بريقه السابق

أمنية أخرى شخصية خالصة ومخلصة ـ إلا قليلا ـ وهى أمنيتى ألا أقع في الحب، نعم هذه أمنيتي! لهذا العام؟ العام التالى؟ إلى الأبد؟ لا أدرى ولكنى فقط أقول أن أسوأ ما يحدث أن يأتينا الحب فى وقت ليس وقته ولا وقتنا!

أتمنى أيضا لو كنت أكثر تماسكا وتحكما فى دموعى

هل لدى أمنيات أخرى؟

لا أتذكر ولكن

لدى بعض رسائل لم تسنح لى الظروف ـ أو الشجاعة أو الرغبة ـ أن أقولها وجها لوجه لمن هى موجهة إليهم ولكنى سأجد الآن بعض الراحة فى مجرد تفريغها من قلبى مع نهاية هذا العام

ي: اقتربت أنا من النهر ولكن لم ألمسه رغم أنك كنت فيه ويدك تشير إلى أن أتبعك، العيون الزرقاء باهرة الجمال والنفاذ ولكن مشاعرك وأحاسيسك أجمل وأنقى وأكثر نفاذا واختراقا

م: مفاجأة أنه بعد هذه الأعوام شاهدت صورك الأسبوع الماضي على الفيس بووك، الحمد لله أن قلبي لم يعد يرجف

خ: رسالة وصلتني قبل أيام من مغادرتي للقاهرة، قرأتها قلبتها ثم وضعتها في الدرج، بعض التصرفات مهما كان صدقها تأتى متأخرة بشكل يجعلها كما لو كانت زائفة

ن: حين أرى ابتسامتك يصغر يصغر كل شيء آخر فى الحياة مهما كبر

وكل عام وكلنا بخير

.

.


اللوحة للرسام الهولندى فون مينزيل

Monday, December 24, 2007

خلوة

منذ سنوات عديدة لا استطيع أن يمر يوم ـ ربما الآن أصبحوا أيام ـ دون أن أمضى على الأقل ربع ساعة وحدي، للاشيء، مجرد خلوة ومحاولة تفريغ قلبي وعقلي من المشاغل اليومية والانشغال بالآخرين سواء كانوا عائلة أو أصدقاء أو زملاء
.
ربع أو نصف ساعة أشبه بمربع وهمي أبيض أخطه على الأرض وأقبع بداخله كمنطقة خالية من الهموم والتساؤلات المصيرية مثل ماذا سأفعل بحياتي، أو التافهة مثل هل انتهت قطعة الجبن القريش ومتى سأشترى مخزوني للأيام القادمة
.

ما أجمل أن تكون هذه الخلوة في الليل، وأن تكون الإضاءة جانبية وضعيفة، أكره الأنوار الساطعة، تشعرني أنها ستصيبني بالعمى، الإضاءة الساطعة قبح يكنس من أمامه الظلال، يخرس الحديث المبهم بين الشيء وظله، ويقطع التدرج بين العتمة والنور. الضوء الساطع يمحى ببروده وعريه الألف معنى وراء كل معنى وراء الأشياء
.

لو كان الليل إضاءته ساطعة فلما وجوده؟
.

وما أجمل أن تكون هناك موسيقى أو غناء فى هذا المربع الأبيض، بيللى هوليداى أو أريثا فرانكلين في بداياتها أو فيروز وهى في خوفها تتوسل أن يمنحها خمس دقائق فقط لتستمع للموسيقى، رغم أنى لا أفهم لماذا تتوسل له أن يمنحها هذه الدقائق قبل أن يرحل ، ربما تريده أن يبقى معها وتتحجج بموسيقى يسمعانها معا..منتهى اليأس

ويمكن حبك جد بس أنا تعبانه
.
أتذكر خلوة قضيتها مع نفسي منذ سنوات في الغرفة ذات النوافذ الزجاجية الدائرية والواسعة للغاية كما هي العادة في ذلك البلد الأوروبي الذي يفتقد الشمس على مدار العام، وبينما أنا في حالتي هذه بين النوم والاستيقاظ ، بين الوعي واللاوعي، بين الإرادة والسلبية، والرغبة واللامبالاة، إذا بالثلج يبدأ في التساقط
.
للحظات لم أصدق عيني فأسرعت بإزاحة الستائر البيضاء الخفيفة تماما وإطفاء ضوء الاباجورة، وجلست على الكنبة الزرقاء لأشاهد أمامي شاشة ضخمة أو قبة سماوية تملؤها نتف الثلج البيضاء في أجمل منظر رآه قلبي، وغبت معه لأصبح أنا أيضا فتفوتة تلج بيضاء تسبح مع الأخريات لا الجاذبية ولا الرياح استطاعا شدها إلى حيث لا ترغب، فظلت في الفضاء عالقة بإرادتها، وتمسك زمام موقفها
.
رغم السنوات مازالت تلك اللحظة حية وسعادتها دافئة ككوب لبن ساخن وضعته جانبا لكن مازلت أشعر بحرارته في راحتي، أو حية مثل تلك الذكرى البعيدة حين أسندت رأسي على ذلك الكتف في السيارة ومازالت رائحة البارفان في أنفى حتى اليوم
.
أحتاج إلى هذه اللحظات الوحيدة مهما كانت مشاغلي، في الماضي كانت يوميا والآن على الأقل كل عدة أيام، أتعجب ممن يسعدون بيوم مشغول على مدار الأربع والعشرين، أما أنا فعدم وجود لحظات سكينة مع نفسي أشعر أنها تستنفذ روحي وتأكلها
.
.

Monday, December 17, 2007

ثلاثة

:صديق مقرب جدا، أوروبي، عاش في مصر لعدة سنوات، له ثلاث أذواق/أراء أندهش لها
.
.
أولا
ــ جامع الأزهر من الداخل أجمل لديه من مسجد الحسين
.
ولا أستطيع فهم ذوقه، فمسجد الحسين باتساعه وإضاءته الجميلة وسجاجيده الوثيرة كلها تمنحني الشعور بالرهبة والجمال والخشوع، فى المقابل أرى في جامع الأزهر تقشفا واضحا، وتهالكا كما لو كان يحتاج لترميم، ولكن صديقي يرى فيه جمال عبق التاريخ أكثر مما يحسه في بهاء مسجد الحسين
.
.
ثانيا
ـ إذا كان لسائح يوم واحد فقط في القاهرة فزيارة المتحف المصري أولى من زيارة الأهرام
.
نعم أفهم أن المتحف مليء بالروائع ولكن الأهرامات هي الأهرامات ولو كان هناك يوم واحد للسائح فالأولوية الأكبر ـ من وجهة نظري ـ أن يرى أحد عجائب العالم
.
.
ثالثا
ـ المواطن المصري العادي متحفظ بدرجة ما فى التعامل مع الأجنبي
.
اندهشت حين سمعت منه هذا الرأي، ولكن صديقي عاش فى سوريا عدة أعوام أيضا ودلل لي على رأيه بالمقارنة بين المواطن السوري البسيط ونظيره المصري قائلا أنه من العادي بعد حديث يطول أو يقصر مع فرد سوري أن يدعوه الأخير إلى المنزل لشرب كوب شاي مع عائلته مهما كان تواضع المنزل، ولكن في مصر لم يحدث أن تعرف على مواطن بسيط ووجه له هذا المواطن الدعوة لزيارة منزله، في اعتقاد صديقي أن الدعوة للمنزل لدى المصري أمر له خصوصيته أو ربما يخجل من تواضع منزله وفى كلتا الحالتين فهذا نوع من التحفظ
بعد شعوري الأول بالاندهاش للرأي وجدت فيه منطقية كانت غائبة عنى فيما يتعلق بدعوة الفرد المصري البسيط لشخص غربي لمنزله
.
.

Saturday, December 15, 2007

أمواج


عدْ....بعضُ لقاءْ
يمنحنا أجنحةً نجتازُ الليلَ بها
فهناك فضاءْ
خلفَ الغاباتِ الملتفاتِ، هناكَ بحورْ
لا حدَ لها، ترغى وتمورْ
أمواجٌ من زَبدِ الأحلامِ تقلّّبها
!أيدٍ من نورْ
.
نازك الملائكة

أن نتغير ونغير

لا أقتنع كثيرا بأن الإنسان يتغير
.
قد تتأصل أكثر إحدى صفاته، أوقد تذوى بعض الشيء إحدى صفاته، والتأصيل أو التخفيف قد يكونا بفعل الزمن أو الظروف أو الاثنين معا ولكن لا أعتقد أننا يمكن أن نقتلع صفة أو نزرع صفة
.
من الأمور التى قد تساعدنا على بعض التغيير فى شخصياتنا هو الحب، الحب الحقيقي
.
هناك عملان سينمائيان أحببتهما لأنهما تناولا هذا الموضوع يشكل جميل
.
أولهما فيلم اليوم السادس ليوسف شاهين، داليدا ومحسن محى الدين شخصيتان مختلفتان مرا بظروف وحب وتركا بعض فى النهاية لكن بعد أن أصبح فى كل منهما شيء جديد من شخصية الآخر
.
الفيلم بجد أراه أجمل أفلام يوسف شاهين وأحب كل ما فيه حتى داليدا التى انتقدها الكثيرون أيضا أحببتها وأحببت تمثيلها ولم يمثل لى موضوع اللغة عقبة أمام إعجابي بها فى الدور. الفيلم أيضا موسيقاه رائعة
.
الفيلم الثانى هو قبلة المرأة العنكبوت برازيلى أمريكى وكنت قد كتبت عنه فى إحدى محاوراتى مع المدونة العزيزة والمشغولة كتابة
.
الفيلم حول سجينين فى زنزانة واحدة أحدهما شيوعي ثوري مسجون لأسباب سياسة والآخر مثلى مسجون بسبب قضية جنسية. الثوري حاد وواقعي والمثلى يقضى حياته فى أوهام وتخيلات ناسجا لنفسه وللآخرين حكايات عن عوالم أسطورية، ولكن واقع السجن يحتم عليهما التعامل والاحتكاك ولاحقا تنمو مشاعر دافئة، ومع الوقت يأخذ كل منهما بنعومة شيئا من الأخر فيقبل المثلى حين يخرج من السجن أن يقوم بمهمة يطلبها منه الثوري للاتصال بأعضاء الخلية الشيوعية رغم ما فى هذه المهمة من مخاطر واحتكاك بعالم واقعي وعنيف لم يتعامل معه من قبل، وكذلك يموت الثوري فى النهاية وقبل موته تدور فى رأسه تهويمات حول القصص الخيالية التي كان يحكيها له المثلى فى السجن والتى يرى من خلالها عالم غير العالم، مليء بالحب والعشق والمآسي والتضحية الخ
.
الفيلم جميل وبه معاني وأحاسيس
.
فكرة أن تعطى من نفسك وتأخذ من الآخر لتغيرا إلى حد ما في شخصيات بعضكما البعض تأسرني، الإيمان والحب هما برأيى فقط من يمكنهما إحداث نوع من التغير
.

Tuesday, December 11, 2007

مقتطفات

وُلِدْنا
من نعاسٍ ما
ومن ليلٍ ودفءِ غرامًْ
وسالتْ روحُنا تعباً
ونعناعاً ورملَ كلامْ
ولم تهب الطريقُ القلبَ
غيرَ علامةِ استفهامْ
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
يورثني أبى دمَه ومجدَ جبينه
وأساهْ
وأرفضُ أن أشابهه
وأمعنُ فى دمى فأراهْ
كذلك عشتُ
نصفَ أبى ونصفَ أنا
لنصفِ حياة
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
وأمي
أيُ جندي أشدُ جسارةٍ أو بأسْ؟
تخوضُ لآخرِ الأيامِ حربَ الحبِ
ضدَ اليأسْْ
لتمنحني يداً أعلى
وذاكرةً بحجمِِ الشمسْ
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
فيا ريحانة الآلامِ يا أمي
كفاكِ دموعْ
تلا ألواحَه موسى
وآب الماءُ للينبوعْ
وطفلك عاد متصلا
بحبل السُرّةِ المقطوعْ
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
أحمد بخيت

Sunday, December 9, 2007

روائح

هذه الروائح تتحدث معى
.
.


شقة الإسكندرية ونحن نفتحها في بداية الصيف بعد عام من إغلاقها
.
الحديقة بعد المطر
.
المرور أمام محلات البن
.
عرائسي البلاستيك القديمة وشعورها الصفراء
.
العيش الفينو لحظة خروجه من الفرن
.
الأرز بالشعرية بعد نضجه على النار الهادئة
.
جسد نظيف دافئ تكمن رائحته وهو يتدثر بملابس الشتاء بدون عطور أو مزيل للعرق
.
سيريلاك الأطفال
.
داخل مقام سيدنا الحسين
.
الكراسى الجلد الجديدة
.
معقمات المستشفيات ـ تذكرنى بوالدى
.
.

فلاحتان


Wednesday, December 5, 2007

منك و إليك

عرفتكِ، ما غاب وجهك عنى ولا غيرتكِ رياحُ الفصولْ
وصوتكِِ مازال خلفي يرنُ، يطاردُ روحي بدربٍ طويلْْ
!فأهربُ من وجهكِِ المتحجرِ، من صوتكِ البربري..ِ إليكِ
وتأخذني راحتاكِ وعينُك تومضُ بالمستحيلْ
!فأهربُ..قد أتخيلُ باباً ..وأسقطُ كالثلجِ بين يديكِ
.

محمد عفيفى مطر

ثلاثة أيام فى دبى

زرت دبي للمرة الأولى الأسبوع الماضي
.
قبل زيارتها سمعت عن كره البعض لها وخاصة من أوروبيين لكونها غابة من الاسمنت تفتقر الأصالة كما يرونها، وسمعت أيضا إعجاب شديد لها من مصريين لكونها أصبحت مثال للتحضر والتقدم وجنة للشوبنج
.
زرتها لمدة ثلاثة أيام بعد أن وجدت بصعوبة حجز في الفندق نظرا لنسبة الإشغال الضخمة جدا فى فنادقها وخاصة الفنادق ذات المواقع الهامة فى المناطق الحيوية
.
غابة من الاسمنت؟ نعم
مباني مبهرة؟ نعم
جنة شوبنج؟ نعم
حركة عمران وتنمية فى كل مكان ويكفى أنهم بدءوا بالفعل في بناء مترو الأنفاق؟ نعم
طابع كوزموبوليتان تماما تكاد تنسى معه انك فى دولة عربية؟ نعم
حرية كبيرة في ارتداء الملابس فى الشارع ناهيك عن أماكن السهرات؟ نعم
عدد لا يصدق من المطاعم والكافيهات؟ نعم
حركة مرور مزدحمة للغاية؟ نعم
احساس بأننا فى مصر نسير للوراء بشكل لا يخفى على الضرير؟ نعم
.
وفى النهاية
!استمتعت باجازتى القصيرة؟ بالتأكيد نعم
..
..

Monday, November 26, 2007

فنانات

أم كلثوم: ظللت لسنوات طويلة لا أفهم سرها وما يرى الكثيرون فيها، فذوقي فيروزي الهوى والإحساس، ولكن مؤخرا بدأت أدخل مملكتها شيئا فشيئا، فهل تذوق أم كلثوم مرتبط بالسن؟ ربما
.
نادية حمزة: لم تكن أول مخرجة مصرية ولكنها أول مخرجة تقوم بإخراج العديد من الأفلام وليس فيلما أو فيلمين، قدمت فى الثمانينات أفلامها ذات الصبغة التجارية الكبيرة ثم اختفت لم أعد أقرأ أو اسمع عنها
.
سماح أنور: حين قدمت بيت القاصرات تنبأ لها الجميع بمستقبل فني كبير وشبهوها بالممثلة الايطالية المتمردة آنا مانيانى، لكن لاحقا انطفأ التوهج لعوامل بعضها شخصية وظل بيت القاصرات أبرز أعمالها، شاهدتها مؤخرا فى مشاهد من إحدى المسلسلات وكان إنطباعى أنها لم تعد تعرف تمثل مع الأسف
.
ريما رحبانى: ابنة فيروز، وهل هناك أقسى من أن يظل إنسان يعرف فقط على أنه أبن أو أبنة فلان؟ ريما مديرة أعمال ومخرجة بعض أعمال فيروز
.
صفوة: راقصة وممثلة كنت أظنها من سنوات ستكون راقصة مصر الأولى كما يقولون، لها حادثة طريفة مع إحدى صديقاتي ولكن ..
.
!ليلى علوي: مبروك الزواج
.
.

Wednesday, November 21, 2007

غدا

غدا سوف تلقى بنا السنوات على المنحدرْ
فنشهدُ كيف يموتُُ الهوى والمنى تندثرْْ
نمدُ يدانا عسانا نصافح غيرَ الفراغْ
عسانا نحسُ لهيبَ الحقيقةِ فى أثرنا
سدى..لن نرى غير ظلنا
وهُزء القدرْ
.
غدا بعد طول طواف جديب وليل سفرْ
ستلمعُ فى عيننا نجمةٌ ذات ومضٍ أثرْ
سنشعرُ فيها اشتياقٍ لماضٍ توارى وغاب
صدى بعض شوقٍ قديمٍ يذكرني بحنيني
أشمُ شذاه فتمضى سنينى
!أمامى صورْ
.

Wednesday, November 14, 2007

بابا

لا أتحدث كثيرا عن بابا
.
لماذا؟ لا أدرى تماما، ربما لأن علاقتنا كانت بشكل ما مضطربة، وان كنت لا استطيع أن ألمس بيدي تماما الأسباب
.
ربما توقعاتى من الأب أقل مما وجدته؟
.
ربما كنت لصغر سنى لا انظر لأبى بموضوعية وبعقلانية؟
.
ربما لأن بعض الأبناء لا يقدرون؟ أو لأن بعض الآباء أيضا لا يتفهمون؟
.
ربما لكل هذه الأمور؟
.
الآن تعديت الثلاثين ووالدى توفى منذ أكثر من ستة أعوام، حين أنظر للوراء الآن أحاول أن افهم شكل علاقتى بوالدى وحقيقتها
.
أحببت ومازلت أحب فى ابى قوة شخصيته ,أجمل ما فيه كانت شجاعته الخارقة، لم يعرف يوما الخوف أو ربما شعر به لحظة ما ولم يشعرنا به
.
الشجاعة أحساس وقوة داخلية محض وليست بالضرورة أن ترتبط بقوة عقلية أو جسمانية، تكون شجاعا أو لا تكون، أو تحاول أن تكون شجاعا أو أكثر شجاعة أو لا تحاول، هكذا الحال كان مع والدي لم يكن ذا قوة جسمانية استثنائية أو عقلية عبقرية فذة وان كان له شيئا واضحا من كلا الصفتين، ولكن قوته لم يستمدها من هاتين الصفتين فقط ولكنها، لا أدرى، ربما بذرة ولد بها ثم كبرت مع الأيام
.
أذكر ذات يوم كيف اشتعلت النيران فى جزء من بيتنا ولم يكن بالمنزل غيره وغيري وشقيقتي الأصغر والخادمة، وكيف طلب مننا جميعا الخروج وظل وحده فى مواجهة النيران وأنبوب الغاز الذي كان من المتوقع أن ينفجر بين ثانية والأخرى لولا أنه استطاع إنقاذ الموقف دون ذرة تردد أو خوف أو حيرة رغم السنة النار التى طالت يده وشعره وحواجبه ورموشه وشعر يده
.
تظل هذه الذاكرة فى خيالي أسطورية عن فارس أسطوري
.
بابا رغم أصوله الريفية وكبر سنه وطبيعته المحافظة العامة كان أكثر ليبرالية من الكثير من الآباء الذين أراهم وأسمع عنهم في هذه الأيام، كان دائما يعطينا رأيه ولكن يترك لنا حرية اتخاذ القرار
.
نزاهة وأمانة وعزيمة واضحة كالشمس
.
أبى لم يكن يتحدث كثيرا، ونادرا مايضحك، وأبدا لا يكشف عما فى خلده، دائما هناك ستار حوله، نخاف منه ونخاف من غضبه و"تبريقته"
.
إظهار العواطف بشكل واضح ليس من صفات عائلتنا ولا الكلام المعسول المغسول بالحب مهما كنا نحمل من أطنان مشاعر جياشة وحب ، وابى كان الملك فى إخفاء مشاعره وتغليف مشاعره بالصمت
.
أبى كان قاس أحيانا أو ربما فى كثير من الأحيان، وهذه أكثر صفة كرهتها فيه وأحسست أحيانا بالكراهية له بسببها، الحمد لله لم يرثها أيا منا
.
وتظل صورة الأب هناك التى يحترمها ويهابها الجميع وتحمل متناقضات حتى بعد أن بلغ به الكبر مداه وعجزت عينه عن الرؤية وأذنه عن السمع وأرجله عن الحركة
.
لم أبك عند وفاته، وحين علمت بالوفاة كنت وحدي بين أخوتي أرثى لأمي وأخاف عليها وعلى مشاعرها من تبعات موته، ويسيطر على هذا الخوف ربما أكثر من أي شعور آخر حتى من حزني لفقده
.
أبى بكيت عليه بشكل مفاجئ بعد خمسة أو ستة أشهر من وفاته وأنا في آخر الدنيا في غرفة جمعت كل أغراضي وفى أول الليل دون أن أدرى لماذا تذكرته حينذاك ولماذا فقط بكيت حينذاك
.
.

Tuesday, November 6, 2007

رقص وعشوائيات وتعليقات


http://www.youtube.com/watch?v=uCKCcq727gc
.
.
الفيديو مثير للدهشة والفرجة، شفته أول مرة فى مدونة هووهى بعنوان مصر اتغيرت خالص، وحاولت اشوفه فى يوتيوب بس الرقابة على جهاز الكومبيوتر عندى بتمنع بعض مواقع أو بعض أجزاء منها، فمجاتليش فرصة أقرا التعليقات فى اليوتيوب، بس عندى شوية تعليقات كده
.
ـ كنت بفتكر بسذاجتى ان دينا هى اكتر رقاصة بتلبس عريان اتارينى ظلمتها، أما الواد الصغير ده فأكيد مشروع مستقبلى لسعد الصغير، والمطرب كمان عاطفى خالص
.
ـ بسال نفسى ليه محصلش تحرش للرقاصة زى ما بنسمع انه حصل لمغنيات تانيين كانوا لابسين مقفل اكتر من كده؟ او يمكن يكون حصل واحنا منعرفش
.
ـ فى رأيى الحاجات دى مش جديدة على مجتمعنا، يعنى مش ظاهره جديدة ولا حاجة يمكن بس بقينا دلوقتى بنشوفها ونسمعها لان وسائل الاعلام والانترنت موجوده ومتوفرة، يمكن بس الجديد ان افراح او مناسبات زى دى كانت بتم فى احياء شعبية دلوقتى بتحصل فى عشوائيات
.
ـ الجديد بقى فى رأيى أن كتير من الرجالة أو حتى الستات اللى بتحضر وبتتبسط فى الحفلات دى ممكن ان يكون ليهم وش تانى بيتمسك بقشور الدين أو بمظاهره، يعنى نفس الراجل اللى بقه مفتوح خمسة متر من الفرحه والانتعاش وهو بيتفرج على الرقاصه اللى تقريبا ملط، يمكن هو نفسه اللى شايف ان مراته أو بنته لازم تتحجب وبيحرص أنه يصلى فى الجامع الخ، مبقولش كل الملتزمين كده عشان محدش يفهمنى غلط انما بقول أن فيهم كده، فى حين انه زمان بحس ان شخصيات الناس كان فيها تناقض أقل وحياتهم بشكل عام كانت اكتر انسجام فى جوانبها المختلفة سواء كانوا متدينيين أو نص متدينيين او ملهمش فى موضوع الدين ، حتى الرقاصة نفسها محدش عارف بتدخل حتتها وبيتها وهى لابسه ازاى ومظهرها شكله أيه
.
ـ ساعات بقول لنفسى اننا كشعب محناش بالتزمت اللى بنبان عليه من بره، اللى يشوف الفلاحين والفلاحات وازاى بيتكلموا فى مواضيع خاصة جدا وجريئة جدا ببساطة ووضوح ميصدقش، وطبعا الاغانى الفلكلورية المصرية فيه كتير منها صريح ومكشوف ودى من الحاجات اللى بجد استغربتلها لما سمعت اغنية او اغنيتين من اللى بيغنوها الستات فى الافراح فى الارياف
.
ـ الرقص البلدى ده بجد حاجة كده مش مفهومة، لا هوه رياضة ولا هوه هواية ، نحبه ونتفرج عليه وننبسط ونعمله وباب الاوضة مقفول ولكن نقول مبنحبوش وميصحش وياي حاجة وحشه وبلدى قوى، وسألت نفسى هوه فيه حاجة تانية فى حياتنا ليها نفس مواصفات الرقص البلدى يعنى نحبها ونعملها والباب مقفول وندعى العكس قدام الناس، لكن موصلتش لاجابة، او بأدق ملقتش حاجة مواقفنا منها متناقضة زى موقفنا من موضوع الرقص
.
ـ الرقاصة فى الفيديو عماله تشد فى الجيب، معرفش عايزة تغطى ايه بالضبط، بس بصراحة ظريفه وبترقص ببساطة كده وتلقائية، واقول حاجة كمان يمكن اللى يقرا يستغربها؟ أنا مبشفهاش مبتذلة رغم لبسها المكشوف بس حركاتها مفيهاش حاجة اوفر، دا رأيى واللى عايز يتريق يتريق! كمان وهى بتختم فى الآخر فنانة خالص، وكمان وكمان جديدة حركة الرجلين دى مع الولد أول مرة أشوفها، ولا يمكن قديمة بس أنا اللى مش على دراية
.
ـ الجو العام كده عامل زى الافلام مع الجرسون اللى بيقدم المشاريب وعمال يرقص وآخر فرحة، لو شفتها فى فيلم كنت هاقول كليشيه
.
!!معرفش، بس حبيت الكليب والرقص والجو العام، يللا ادبحونى

.
.

Sunday, November 4, 2007

قصيدة وترجمة


من القصائد الانجليزية التى أحبها، ترجمتها على نسق قصيدة عربية موزونة مع حرية لا بأس بها فى الترجمة

.
أعلم طبعا أنه مهما وصل مستوى الإجادة فى الترجمة لن يرقى ولو من بعيد الى النص الأصلى، ولكنها محاولة
.
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

Acquainted with the Nightby: Robert Frost


I have been one acquainted with the night.
I have walked out in rain -- and back in rain.
I have outwalked the furthest city light.
I have looked down the saddest city lane.
I have passed by the watchman on his beat
And dropped my eyes, unwilling to explain.
I have stood still and stopped the sound of feet
When far away an interrupted cry
Came over houses from another street,
But not to call me back or say good-bye;
And further still at an unearthly height,
O luminary clock against the sky
Proclaimed the time was neither wrong nor right.
I have been one acquainted with the night.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


نعم قد عرفت الظلام
نعم قد عرفت الأسى
نعم قد شعرت انطفاء لهيب الغرام
ونوح المسا

نعم جبت كل طريق
وأبصرت حولي طيوف
ولكن غريبا مضيت بدون رفيق
مضيت أطوف

وها قد وقفت وحيدْ
سمعت صدى صيحةِ
وراء الحفاف وخلف شعاب الوجود
بكت حيرتي

ولكن لما؟ من ينوح؟
تحايا ترى أم وداع؟
ترى أم بكاء فؤادي الأسيف الجريح؟
جريح الصراع

وكان شهابى أغام
عليه السحاب الدفوق
أخيرا عرفت الشجون وكيف الظلام
!يصير صديق

Monday, October 29, 2007

عن الحب

بى عيب وهو عدم قدرتي على النظر لأي شخص فى عينيه لأكثر من ثانيتين، حتى من أحببتهم وملكوا عقلي وقلبي فى أيديهم فى وقت ما، لم أكن أستطيع ـ حتى فى أقصى لحظات الحميمية والمشاعرـ أن أنظر فى العينين لأكثر من ثلاث ثوانى على الأكثر. البعض رأى فى عدم قدرتي هذه سببا للشك فى صدق مشاعري أو فى الانتقاص منها، ولكنى ببساطة لا أستطيع
.
وأندهش حقا حين أجد بعض المحبين يركزون النظر لبعضهما فى العينين لفترة طويلة، فهي تنقل مشاعرهم وتخلق لديهم نوع من التواصل الجميل والعميق
.
ليتنى أستطيع ولكن لا أقدر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ رأيت مرتين تجربة أن يعطى أحد الأخوة أبنا أو بنتا من أبنائه إلى أخيه المحروم من نعمة الإنجاب ليقوم بتربيته
هل هذا ينتقص من حب الأبوين لهذا الابن أو هذه الابنة؟
.
لا أدرى، ولكنى اندهشت منها وفى هاتين الحالتين كان الأخ المحروم من الإنجاب أكثر غنا ووفرة من أخيه الأب
في إحدهما عرفت الموضوع من الأبن نفسه حين سألته بعفوية عن سبب إطلاقه لكلمة بابا على شخصين مختلفين، فأجابني وقتها بحدة لم أفهم سببها في بادئ الأمر قائلا : من شدة حب والدي الحقيقي لأخيه الذى لا ينجب، وافق على أن أعيش واسافر معه ومع زوجته وأصبحا بمثابة والدين آخرين لى، هل هناك معلومات أخرى أخبرك بها؟؟
فأجبت وقتها ببساطة : لا لقد كانت مجرد ملحوظة جرنا إليها الحديث، ولا تعنى رغبتي في استطلاع أي أخبار عائلية عنك
.
ولكنى بجد أحسست بنوع من الدفاع الهجومى فى حديثه، وأعتقد أنه طبيعى بالنظر الى أن رد الفعل الشائع لدى أغلب المصريين هو الشعور بالسلبية تجاه عمل كهذا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هناك مواقف صغيرة جدا تعكس وجود أو عدم وجود الحب
.
حضرت مرة موقفا من هذه المواقف بين خطيبين جديدين لم يكونا قد عرفا بعضهما بعد بما فيه الكفاية، فقد كانت خطوبتهما من نوع زواج الصالونات
.
كنت معهما فى سيارة الخطيب وبعد أن أنهينا مشوارنا كان عليه توصيلنا الى شارع مصدق لأن خطيبته تركت سيارتها هناك
وقفت سيارته على يمين الطريق ونزل هو وخطيبته وأنا، وسلمنا كلنا على بعض للتوديع ثم كانت خطيبته أول من أخذ سيارتها وانطلقت وكان عليها أن تستدير بالسيارة فى الاتجاه المعاكس باتجاه الدقى ونظرا لأن فتحة اليوـ تيرن كانت قريبة فقد أنتظرها خطيبها ليتأكد من أنها لفت صحيح دون مشكلة وسارت فى الاتجاه المعاكس
.
توقعت منها بعد أن تلف وحين تصبح سيارتها وسيارة خطيبها متحاذيتين، أن تنظر له وتحييه برأسها أو بيدها، ولكنها لم تفعل
.
حين رأيت هذا المشهد قلت فى نفسى: اذا كانت لا تحب خطيبها فهذا مفهوم فالزواج مرتب ولم تنشأ بينهما بعد ألفة أو مشاعر حميمية، ولكن هذا التصرف دلالة على عدم مراعاة المشاعر أو عدم الرغبة فى ابداء مشاعر حلوة
.
وقد كان
.
تم فسخ الخطوبة فى أقل من شهر لأسباب أخرى ولكن تدور فى نفس الفلك
.
لا أحب أحيانا أن أحمل بعض التصرفات الصغيرة أكبر مما تحتمل، ولكن أحيانا أخرى بعض التصرفات الصغيرة لها دلالات واضحة، ويبقى علينا أن نعرف متى نفرق بين هذه التصرفات وتلك
.

Saturday, October 27, 2007

صراخ

كان فى الحائط شقٌ مستطيل
أخذ الضوء’ الهزيل
ظلَ رأسي مستضاءا وظليل
دخل الشقُ به، حتى سمعت’ الطقطقة
في عظام الرأس، إذ يحشر ظلا فى الخطوط الضيقة
كانت الليلة مسمارا بلحمي والثواني مطرقة
وأنا أصرخ: من يطلق رأسي من جدار المشنقة؟
.
محمد عفيفى مطر

Tuesday, October 23, 2007

فيلم

فيلم برازيلي حاز على الجائزة الكبرى في مهرجان برلين عام 1999
.
الفيلم أسمه
Central station
.
والمحطة هي محطة القطارات المركزية في مدينة ريو دى جانيرو مثل محطة مصر في القاهرة
.
ريو مدينة ضخمة كالقاهرة فيها كل المتناقضات الحياتية من غنى وفقر ومرح ورقص وجريمة وعنف، ريو مدينة أسرتني بجمال الطبيعة فيها وحيوية والجاذبية الحسية لأبنائها
.
لكن الفيلم يتحدث عن جانب آخر من المدينة المبهرة
.
يبدأ الفيلم بسيدة معها أبنها الصغير حوالي فى التاسعة من عمره يذهبان كل فترة إلى سيدة عجوز تجلس فى المحطة وهى أقرب للعرضحالجى المصري، السيدة العجوز مهمتها كتابة خطابات أو عرائض لمن لا يستطيعون الكتابة والقراءة
.
الأم تطلب منها كتابة خطاب إلى رجل نكتشف أنه والد الطفل وتستعطفه كل مرة من أجل أن يلتم شملهما لأن الطفل يرغب في رؤية والده الذي لم يره من قبل
.
تكتب العجوز كل مرة الخطاب وتضعه في المظروف وتكتب العنوان عليه طبقا لما تمليه الأم، ثم تأخذ من الأم المقابل المالي لكتابة الخطاب ولثمن طابع البريد ومصاريف إرساله لأن العجوز هي التي تقوم بإرساله لمكتب البريد
.
تغادر الأم والطفل المحطة لنرى العجوز تقوم ببرود في نهاية اليوم كالعادة بإلقاء الخطابات التي كتابتها في صندوق القمامة وتستحوذ على ثمن الطوابع وأتعاب الإرسال دون أن يبدو عليها أي شعور بتأنيب الضمير
.
فى إحدى المرات وبعد أن أنهت الأم إملاء خطاب الاستعطاف على السيدة العجوز وسلمتها المال، وإذا بها تعبر الشارع المزدحم مع أبنها فتصدمها سيارة لتموت فى الحال ويبقى الطفل وحيدا لا يدرى ماذا يفعل وسط ذهول السيدة العجوز التي تنظر إليهما
.
لا يجد الطفل ما يفعله سوى اللجوء للسيدة العجوز عندما بدأ المارة يلتفون حوله ويستدعون الإسعاف لنقل جثمان الأم، ونكتشف أن لا أقارب له وفقط هناك والد ما في مكان ما في شمال البرازيل لم يره من قبل وفقط كان يسمع عنه من أمه
.
هذه الأحداث تستغرق حوالي عشر دقائق ليبدأ الفيلم رحلة بحث من السيدة العجوز والتي بدأت تشعر بتأنيب الضمير مع الطفل للبحث عن والد الطفل
.
ماذا يمكن أن أقول عن هذا الفيلم الذي شاهدته مرتين
.
دراما جعلتني أشعر بقلبي يعتصره الحزن والشجن والحب فى نفس الوقت

عذوبة فى المشاعر دون فجاجة أو ميلودراما
سعادة لرؤية الطفل وتمثيله المبدع المبدع وعينيه البريئتين
تمثيل أخاذ من الجميع فى بساطة وتلقائية
.
كتلة من المتناقضات فى آن واحد:
نرثى للطفل وندعو أن يجد والده بعد كل ما مر به
نكره العجوز ثم نتعاطف معها ،فهى فى النهاية عجوز وفقيرة وتخطأ مثلما نخطأ ككل البشر
نكره الوالد قبل أن نراه لتركه أم الطفل وأبنه، ثم نكتشف أن الوالد نفسه مات منذ زمن وكان حتى موته يبحث عن الأم والطفل دون جدوى
رحلة عبر البرازيل وما فيها من أناس بسطاء ومجرمين وجنس وحياة ومشاعر إنسانية وتعاطف وعنف ودين ولادين

.
.
من الأفلام التي أبكتني وككل الأفلام المؤثرة التي ترجف قلبى وتعتصره أجدني أوجه لنفسي بعدها أسئلة عبيطة مثل لماذا خلقنا؟ لماذا نموت؟ مافائدة الحياة؟ كيف نمحى التعاسة والقسوة واللاانسانية
وتتركنى هذه الاسئلة لاحساس جارف بجمال وقبح الحياة فى نفس الوقت

Wednesday, October 10, 2007

حوارات مصرية ـ الحوار السادس


ـ إنتى عارفة ان اسلوبك فى الكتابة حلو قوى، محدد وواضح
ـ شكرا، انت كمان اسلوبك حلو، مش باقول كده علشان اجاملك انت كمان بس دى الحقيقة
ـ أنا بحاول احط اللى حاسه على الورق من غير تفكير
ـ لا أنا بقى عكسك بقعد اراجع واشيل واحط علشان يطلع المعنى زى ما انا عايزاه من غير زياده ولا نقصان
ـ قوليلى انت بتبصى ازاى لموضوعنا ككل؟ يعنى الايجابيات والسلبيات لو فيه، اقولك، خلينى اجاوب انا الاول، المزايا طبعا انه هيخلى اهلى يبطلو زن فى الموضوع ده، وكمان هيخلينى على راحتى فى حياتى، يعنى يعمل نوع من الاستقرار الاجتماعى والنفسى، ومش شايف له عيوب طالما الامور كانت واضحه من البداية
ـ انا متفقة معاك فى المزايا، اما العيوب فاكبر عيب بالنسبة لى دلوقتى ان صاحبتى مش بالعاه، هى طبعا مش معارضاه قوى زى ما كانت من شهرين بسبب موضوع كده هاقولك عليه بعدين، لكنها لحد دلوقتى تقدر تقول مش مقتنعه بيه ميه ميه
ـ ايه السبب؟
ـ هى كانت قبل كده مش شايفه انه اسلوب صح لمواجهة المشاكل، وكمان هى غيوره حبتين مع انها عارفه كويس ان الموضوع كله اتفاق مش اكتر، زى ماقلتلك هى دلوقتى متقبلاه شويه ومتهيألى شوية بشوية هتتقبله اكتر
ـ وايه اللى خلاها تغير رأيها
ـ احكيلك من البداية احسن، وطبعا الصراحة لازم تكون موجودة واساسية دايما بينا، زى ما سبق وكتبتلك فى الايميل انا عايشه مع بابا وماما واخين ولاد ولينا اخت متجوزه وساكنه جنبنا، طبعا اهلى ليهم حوالى تلت سنين عمالين يزنوا جامد فى موضوع الجواز، وانا شغاله حجج مره العريس طويل مره قصير مره مش عارفة مامته بصتلى ازاى ومره اخته شاورتلى ازاى، يعنى خلصت كل الحجج، وسبحان الله ليه صحبات من ايام الجامعة هيموتوا يتجوزوا ومش لاقيين وانا بقى اللى سوقى ماشى فى العرسان حلو قوى هىء هىء
ـ بختك بقى يا ستى
ـ المهم طبعا اهلى حاسين انه فيه حاجة واغلب ظنهم انى ماشية مع واحد مش عايز يتجوزنى، او حتى زى ما ماما مرة لمحت انى يمكن بعرف واحد متجوز واخدنى بس تسليه، ومش بعيد برضه يكون مخهم راح انى مش بنت ومش عايزة اتجوز علشان مكشفش، لحد ما كنت فى يوم مع مها، دا اسم صاحبتى ـ ورجعت البيت متأخر لقيت اخويا الكبير وهو عصبى قوى مستنينى وكنتى فين ومع مين وكلمه منه وكلمه منى راح ضربنى تسووو على وشى ، انا اتسورت ومسكت فى خناقه ، طلعت اجرى على ماما زعقت له كده بنص لسان وقلبت الموضوع عليه انا ليه مش بتجوز وبرفض العرسان والموال ده، بابا مكنش موجود ساعتها
ـ يا خبر ابيض
ـ انا عنية ازرقت وقعدت يومين مبرحش الشغل، مها لما عرفت الموضوع ده كانت هتتجنن وصممت تيجى البيت تمسك فى خناقه اصلها حمئيه ومبطقش حد يضايقنى، انا بقى اللى ترجيتها تهدى علشان الامور متطينش زياده وانا اللى هبقى فى الاخر خسرانه، بس من يومها البيت كل يوم زى الحريقه والضغط زاد بقى كل ساعة، مها بتقولى اسيبلهم البيت واعيش بعيد من غير ما يعرفو، بس انا بصراحة مقدرش اعمل كده، مش شخصيتى، انا هادية ومسالمة بس انا عايزاهم يحلوا عنى، من يومها مها ابتدت تفكر انه فكرة جواز بشروطى وبالشكل اللى أنا عايزاه ممكن تبقى حل مش وحش فى حالتى
ـ طيب هى عامله أيه
ـ لا مها ظروفها تانية، باباها متوفى ومامتها كبيرة فى السن وملهاش غير أخ واحد عايش بره، شخصيتها قوية وكمان شغلها مديها استقلالية لانها بتسافر لوحدها كتير، دى حتى لو عايزه ممكن تعيش لوحدها، هى بس اللى عايزه تعيش مع مامتها علشان بتخاف عليها لان صحتها مش قد كده وكبيره فى السن وهى اللى بترعاها
ـ مامتها اللى بترعاها؟
ـ لا مها هى اللى بترعاها
ـ آه، وانتو بقالكو اد ايه مع بعض؟
ـ تلات سنين
ـ يا بختكو
ـ آه يابختنا هى حساسه ومخها كبير ودايما بشوف ان اراءها بتطلع صح، حتى لما قلتلها ان اخويا الصغير حنين وانه يمكن هو الوحيد اللى بستريح معاه فى البيت وانى بفكر اقله، حذرتنى جامد وقالتلى ان العيله مهما كانت متفهمة فيه حاجات مش ممكن تتقبلها، وانى لو قلتله ممكن الدنيا تتعك اكتر ومتهيالى برضه كلمها صح فى النقطة دى، وبالنسبه لك انت مفيش حد؟
ـ لا، علاقات عابره كده، كان فيه موضوع جد وراح لحاله، عارفة لما تكونى مش فى سلام مع نفسك صعب تبقى فى سلام مع شخص تانى
ـ عندك حق
ـ بابا مهندس وعايش معاه هو وماما واختى متجوزه، قضينا فترة طويلة فى الخليج ورجعنا لما دخلت الجامعة، ودلوقتى برضه نظام زن يومى، ساعات من غيظى اقول ارميلهم الحقيقة فى وشهم واتسلى بمنظر ذهولهم بس ارجع واقول حرام هم ذنبهم ايه، دى ماما مالهاش حاجة فى الدنيا غيرى انا واختى ودايما حطانا وحاطه راحتنا اول حاجة فى البيت، يبقى دا جزاتها؟ المشكلة انى معنديش حجة، الشقة موجوده والعربية وشغلى كويس وكله
ـ طيب همه مش شاكين فى حاجة؟
ـ واشمعنى يعنى؟ هو انا باين عليه ايه قوى كده؟
ـ لا والله مقصدش انا بتكلم بشكل عام يعنى، اصل فيه اهالى ممكن يعنى يخمنوا
ـ لا بس احيانا كده وفى جزء من الثانية بحس ان فيه حاجة صغيره جوه قلب ماما بتقولها الحقيقة، بشوف ده احيانا فى نظرة سريعة او كلمه متقلتش، يمكن دى تهيؤات او امنيات مش عارف، لكن فى الاخر الامور بتفضل زى ما هى


ـ قوللى انت جاتلك ردود كتيره؟
ـ جت شتايم كتيره، انتى عارفه بقى الانترنت والزبالة اللى ساعات بيلمها، فيه كام رد من بنات عربيات ومصريات عايشين فى بلاد عربية، بس لقيتهم مش حاجة عملية، من مصر ركزت فى الاخر على ردين بس انتى كنتى الانسب وكمان حسيت ان مستوانا الاجتماعى متقارب
ـ شوف هو لسه فيه حاجات كتيره لازم نناقشها يعنى هنقولهم اتعرفنا ازاى، ولو ان من كتر ما اهلى عايزين يجوزونى هيحبو يصدقوا اى حكاية، وكمان لو بابا عمل فيها ابو العروسه وطلب مهر وشقة وشبكه هنعمل ايه؟ انا مش عايزاك تتكلف حاجة لان الموضوع ده بينا بالشركه بس لازم نتفق انا وانت على اللى ممكن نقوله قبل ما اعلن لهم الخبر السعيد ان الحبيب المجهول قرر فى الاخر يتقدم هىء هىء
ـ طبعا لازم نتفق على الامور دى ونرتب لها كويس، أنا أنا عايز اسالك على حاجة بس خايف تفهمينى غلط
ـ لا شوط
ـ بجد مش هتفهمينى غلط؟
ـ يا عم شوط، فيه حد برضه يكسف من جوزة المستقبل..
ـ ايه رأيك فى موضوع الخلفة؟
ـ هممممم بص انا ومها اتكلمنا برضه فى الموضوع ده قبل ما اقابلك، من ناحية المبدأ انا طبعا نفسى موت فى بنت أو ولد وياريت تكون بنوته، بس ازاى يتم الموضوع ده وامتى دا محتاج ترتيب وتفكير، عارف القرارات الخاصة بينا احنا الاتنين ممكن نفكر فيها ونعملها يا طلعت صح يا طلعت غلط، بس لما يكون فيه كائن مولود يبقى ضرورى الخطوه تبقى محسوبة كويس لان ده انسان ملوش ذنب نجيبه فى الدنيا ومنوفروش ضمانات حياه مستقره وسعيده، ولا انت شايف ايه؟
ـ انتى بالضبط قلتى رأيى وانا كمان بحس ان نفسى اكتر فى بنت مش ولد، احنا طبعا محتاجين نتقابل كتير الفترة الجاية نتناقش فى كل حاجة
ـ اكيد بس ليه طلب، يضايقك لو مها حضرت معانا المقابلات، هى عملية فى تفكيرها يعنى هتساعدنا فى حاجات يمكن تطلع لنا
ـ طبعا تشرف، الاربع الجاى؟
ـ كويس بس خلينا ناكد بالتليفون قبليها بيوم، لو قفلت الخط ابقى مش عارفه اتكلم وانا اللى هطلبك بعدها
ـ خلاص اتفقنا الاربع مبدئيا وسلميلى على مها لحد ما اشوفها
ـ يوصل، سلام
ـ تشاو
.

Sunday, October 7, 2007

كمان وكمان

أحب أن أتكلم فى موضوع تناولته بعض المدونات العزيزات بمناسبة المسلسل الرمضاني، وإن كان الموضوع نفسه غير رمضاني
.
الاغتصاب
.
لاحظتم فى المسلسل أو بشكل عام حينما يأتى ذكر للاغتصاب بأنه دائما يتم تصوير الضحية بشكل ايجابي بل مثالي؟
.
السبب واضح جدا وهو أن مجتمعنا الذكورى والرجعى لحد كبير قد لا يدين الاغتصاب بشكل كبير إذا وجد أي سبب يمكن أن يمس الضحية اخلاقيا أو اجتماعيا، فعند وجود أى من هذه الأسباب يقوم المجتمع بتبرير قيام المعتدى بفعلته
.
يعنى ما لم تكن الضحية طيبة جدا وشريفة جدا ومظلومة جدا سيجد الكثيرون الأسباب لغض النظر عن جريمة الاغتصاب أو على أقل تقدير إيجاد مبررات للمعتدى لما قام به
.
هل يستطيع مثلا عمل درامى أن يصور المغتصبة صايعة حبتين أو متحررة شوية؟ أو لنذهب أبعد وأعقد ونقول أن الضحية ربما تكون قد ذهبت للمعتدى فى منزله بإرادتها لان الاتفاق بينهما كان على ممارسات جنسية معينة ولكن الرجل أخذ منها بالعنف أكثر مما أرادت هى منحه؟
.
سنجد عندئذ الرأى الشائع لدى الرجال وللأسف أيضا لدى الكثير من النساء أن الضحية تستحق ما جرى لها، رغم أن الجوهر فى الجريمة واحد وهو استخدام الرجل للعنف لنيل متعته الجنسية بالشكل الذى يريده دون مراعاة ما تريده المرأة أو موافقتها
.
تتذكرون حادثة فتاة العتبة منذ سنوات وماقيل وقتها فى تبرير الجريمة أو لتقليل مسئولية المغتصب من أن الفتاه تجاوبت معه جنسيا فى البداية؟
.
وحوادث التحرش فى وسط البلد العام الماضي حين كتبت بعض الأقلام أن الفتيات كن يسرن وحدهن فى مناطق يزدحم فيها الشبان أمام دور السينما؟
.
ومنذ أسابيع حين ذكرت الصحف أن فستان المغنية مروة والديكولتيه المكشوف ـ وهو فستان متواضع مقارنة بما ترتديه بعض المغنيات الأخريات ـ هو الذي يلقى عليها اللوم فى حادثة التحرش خلال حفل الساحل الشمالي، فهي يا حرام استثارت الشباب فلم يستطع سوى الانقضاض عليها
وهذا المذيع التليفزيوني المشهور بغبائه والذي أخذ يردد موضوع الفستان في حواره معها، ولا يدرى أن هذه الحجة إذا كانت تستخدم اليوم لأن الفستان مكشوف ستستخدم غدا إذا لم تكن الفتاه ترتدي ملابس طويلة، وبعد غد إذا لم تكن محجبة، والأسبوع القادم إذا لم تكن منقبة، والشهر القادم إذا تجرأت فتاة أصلا وخرجت من منزلها ففي كل هذه الحالات ستكون الضحية عندئذ قد سهلت وساهمت بشكل ما في جريمة اغتصابها، وهو منطق يسوده الجهل والشوفينية المتفشيين فى مجتمعنا
.
.

Wednesday, October 3, 2007

ندم

أيها الواقفون على المذبحة
أشهروا الأسلحة
سقط الموت، وانفرط القلب كالمسبحة
والدم انساب فوق الوشاح
المنازل أضرحة
والزنازن أضرحة
والمدى أضرحة
فارفعوا الأسلحة
،واتبعوني
!أنا ندم الغد والبارحة

.
.
أمل دنقل
.

Saturday, September 29, 2007

أكل ماما وأشياء أخرى

مشاهدة سريعة لأجزاء من المسلسلات المصرية خرجت منها بانطباع النمطية الشديدة جدا فى رسم الشخصيات والأحداث، ليس هناك إحداث تبدو مفاجئة أو غير متوقعة وشخصيات حقيقية من لحم ودم. الشخصيات يمكن تلخيصها فى كلمة أو كلمتين، وهذا أسوأ ما يمكن أن توصف به شخصية حين يمكن تلخيصها فى كلمة أو كلمتين. يسرا مظلومة وطيبة ويحيى الفخرانى ساذج وطيب وقلبه كبير ونادية الجندي قوية وداهية ..الخ
.
هذا غير المط والحدث الذى يمكن عرضه فى ثلاثة مشاهد يتم فى سبع مشاهد وخاصة مسلسل يحيى الفخرانى
.
ـــــــــــــــــــــــ
أحمدى نجاد: يراه الكثيرون فى مجتمعاتنا رمزا للوقوف ضد أمريكا وتجسيد للمسلم الحق غير الخاضع، وآخرون ومن بينهم الكثير من الغربيين لا يجدون فيه سوى ديكتاتور فى نظام دينى وراعى للإرهاب وقامع للحريات. الصورة من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال في تنوع درجاتها
.
لا أخفى اعجابى بتواضع معيشته فى ظل ما نراه من بذخ زعماء دول فقيرة تتضور شعوبهم جوعا وهم ينعمون بما هم فيه
.
تابعت كلمته فى جامعة كولومبيا العريقة خلال زيارته لنيويورك وإجاباته على الأسئلة الثلاث التي وجهت إليه
.
حين تحدث عن إزالة إسرائيل أو المحرقة النازية قدم ردودا لا غبار عليها تعكس وجهة نظره سواء اتفقنا أم اختلفنا حول المضمون، ولكن حين سأله أحدهم عن سوء المعاملة وحالات الإعدام التى يواجهها المثليات والمثليين فى إيران، فكانت إجابته أنه لا يوجد لوطيون أو سحاقيات فى بلاده
.
بصراحة أغبى رد ممكن أن يقال، كان يستطيع مثلا أن يقول أن الإسلام يدينهم أو أن الأديان السماوية كلها تدينهم كما يرى أو انهم يستحقون ـ من وجهة نظره ـ القتل أو أو أو، ولكن إنكار وجود مثليات ومثليين فى المجتمع هو الغباء بعينه
.
فى لغتنا العربية نقول ساخرين الجهل نعمة وهو ما لا يتسق مع هذا الموضوع، ولكن فى اللغة الانجليزية يقال الإنكار نعمة وهو ما تذكرته حين سمعت رد نجاد
.
ــــــــــــــــــــــــــ
الأمهات يبقين فى كل صفحات ذاكرتنا أو هكذا مفروض أن يكن
.
منذ الولادة وحتى ما شاء الله
.
ماما ـ رحمها الله ـ كانت معي في كل مراحل حياتي المدرسة المراهقة الجامعة العمل الارتباط فك الارتباط السفر وغيره وغيره دائما وجهها الصبوح وحبها اللامتناهى وإنكار الذات وطيبة القلب والتفاني فى خدمتنا والسهر علينا
.
حتى الذكريات فى الأوقات العصيبة كانت دائما هناك، والأمر لا يخلو من مناوشات أحيانا بينى وبينها وقت اللزوم ووقت شعورى بالحاجة لأم أكثر ليبرالية وأكثر تفهما ولكن تظل ماما لا تعوض ولا تنسى
.
جانب بسيط لا يمكن أن أنساه من عطاءها بالاضافة لمئات الأشياء الاخرى الثمينة، وهو طعامها!
.
فى رمضان لا استطيع أن أنسى محشى ورق العنب بخلطته الجبارة وطبقة الزيت الخفيفة على سطحه، أو الريش الضانى بالصلصة الحمراء الغامقة، أو الكشك اللى كان بيدوب فى الفم ، البامية المسبكة اللى كانت بتحلو أكتر فى اليوم التانى
.
أكلت كثيرا فى بلدان كثيرة ولكن يظل أكل ماما طعمه فى فمى فيه رائحتها وحبها وجمالها الذى ليس له مثيل
.

Tuesday, September 25, 2007

حوارات مصرية ـ الحوار الرابع والخامس

الحوار الرابع
.
ـ الله أكبر عليكى، أنا مشفتش فى جمالك وأخلاقك
ـ متشكره حضرتك
ـ مش مرتبطه يا هبه ولا مقرى فاتحتك؟
ـ لا ربنا لسه مرضش
ـ بقى معقوله الجمال والدين ده ولسه؟ ولا انتى اللى مبتفكريش دلوقتى؟
ـ لا والله مش شرط، كله بأمر الله، وقت ما ربنا يريد محدش بيبقى عارف الخير فين
ـ ونعم بالله، عندك المدرسة وشغلك هنا فى الجمعية ورعاية اليتمى، ربنا يحميكى
ـ الواحد بيعمل الحاجات اللى بتقربه من ربنا على قد مايقدر، وربنا يتقبل
ـ إن شاء الله يا حبيبتى، طيب لو جالك مهندس متدين وامكانياته كويسه تقولى أيه؟
ـ والله حضرتك مش عارفة
ـ أنا هكلمك بصراحة، أبن أختى أسمه نادر وعنده اربعه وتلاتين سنه مهندس وامكانياته كويسه، ومش هكلمك عن التدين مبيخفش من حاجه فى دنيته زى ما بيخاف يغضب ربنا، ولما شفت وشك السمح والتزامك وعملك فى الخير قلت هى دى اللى بيدور عليها نادر، لو معندكيش مانع نشوف طريقة تتقابلوا انتى ومامتك وانا وهوه فى مكان عام أو هنا فى الجمعية أو لو عايزين نجيلكو البيت برضه مفيش مانع، اذا حصل قبول تتعرفوا على بعض أكتر بإذن الله، قلتى ايه؟
ـ والله مش عارفة، خلينى اتكلم مع ماما
ـ على فكره انا حكيت له عنك
..........
ـ الله احنا هنتكسف من أولها ولا أيه
...........
ـ قلت له زى القمر رغم انك مش هتشوف وشها الا بعد كتب الكتاب، قاللى ياخالتى لو قلتى غير كده مكنتش هقبل، وهو مستنى بس موافقتكم على المقابله
ـ ربنا يعمل اللى فيه الخير
ـ والله انا مستبشره خير، وقلبى اتفتحلك من يوم ماشفتك أول مره، وحاسه كده انكوا إن شاء الله لبعض
ـ إن شاء الله خير
ـ إن شاء الله ياعروستنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحوار الخامس
.
ـ دول لو ورتهم صورة حسنى مبارك وقلتلهم دا مين مش هيعرفوا
ـ يا راجل بلاش مبالغة
ـ والله زى ما بقولك كده، ده العصر الحجرى، أنا متهيألى انه من ربعميت ولا خمسميت سنه الناس دى حياتها متغيرتش كتير
ـ للدرجة دى؟ ليه معندهمش تليفزيون ولا راديو حتى
ـ فى النجع كله كان فيه تليفزيونين او تلاته ومنهم واحد نظام تخبط عليه بايدك علشان يشتغل، انا لما بحكى لحد بيفتكرنى بهزر
ـ يا خبر
ـ احكيلك، انا أول مارحت كنت سمعت كلام ولكن يعنى قلت اللى قبلى بيهول، لحد ما وصلت وشفت، اول ولا تانى يوم بعد وصولى للقسم سمعت صوت ضرب نار قلت للعساكر نتحرك، لقيتهم بيقولولى اهدا ده عادى، لو زاد الضرب قوى نقوم نشوف فيه ايه علشان المشاكل متكبرش زيادة وتسمع بره، غير كده العملية متستهلش لان اى رصاصة ممكن تخدنا واحنا حتى مش عارفين دى جايه منين
ـ وطلع أيه؟
ـ ولا اعرف، الضرب سكت بعد شوية، كمان كان فيه واحد بيشتغل مترجم فى القسم ، لما يكون فيه تحقيق مبنفهمش الكلام اللى الاهالى بيقولوه، ده صعيدى بجد مش صعيدى بتاع التليفزيون نظام بجولك ايه ولا وع يابوى
ـ هىء هىء
ـ مرة تانية رحنا نقبض على واحد، خبطنا على الباب فتح اخوه سألناه عليه قال مش موجود قلنا ندخل نفتش قال اتفضلوا، ندخل فى اوضه ونطلع من اوضه ندخل فى اوضه نطلع من اوضه كل واحده فيها عيال وستات ورجاله وفى الاخر اكتشفنا ان كل البيوت بتاعة نفس العيله منفده على بعضها ولقينا نفسنا طلعنا من باب خارجى يمكن تلتميت متر من الباب الاصلى اللى دخلنا منه، كان قفانا يقمر عيش وهمه بيبصلنا وساكتين ووشهم جامد بس طبعا بيضحكوا علينا
ـ ايه ده ولا كانى بشوف فيلم، طيب والمسيحيين والمسلمين اخبارهم ايه؟
ـ انا كان حظى حلو مكنش عندنا مشاكل، دول ليهم كبيرهم ودول ليهم كبيرهم وكله متسلح تمام، سلاحنا فى القسم كان لعب عيال جنبهم، وكل واحد عارف قيمة التانى فمكنش فيه مشاكل، وقت ما بتحصل خناقة ولا حاجة الكبار كانوا يتلموا ويهدوا الموضوع ويحلوه
ـ والنسوان
ـ نسوان ايه ياعم، دا انا لما كنت بروح قنا كنت بحس انى سافرت امريكا، لو كنت قعدت اكتر من سنه كان جرالى حاجة، انا دورت على وسايط عند طوب الارض علشان يودونى حاجة تبقى ربع ولا نص ساعه من قنا مش تلات ساعات، انت شايف اللون الاسود اللى قدامك ده
ـ آه
ـ محسوبك بقى شاف ايام اسود منه هناك

Wednesday, September 19, 2007

اللى بيتبطل واللى بيتعمل

الروج
البارفان
الشغل
التركيز
سيرة الخلق
الجيبات القصيرة والفتحات الطويلة
اللبس الضيق والديكولتيه الواسع
الرجيم
الدلع بتاع اوقاته
أى كلام مبطن
بعض مواقع الانترنت
السرحان
الكدب الأبيض، الاسود أساسا مرفوض
الشتايم لزوم السواقة وحرقة الدم
ــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــ
قراية القرآن
المواظبة على الصلاة
الفرجة على التليفزيون
السهر للصبح
استنشاق جرعات مكثفة من دخان الشيشة كتدخين درجة تانية
اخراج الصدقات
التردد قبل سهرة السحور بين اللبس العادى واللبس لزوم الشهر
سماع حكايات اختى الكبيرة عن مائدتها السنوية
الكلام عن المسلسلات
قفل قزاز العربية قبل الاشارة علشان مظاهرات الكناسين/الشحاتين
جريان الريق على أى سيرة او منظر للأكل
النظر فى الساعة بشكل اكتر من العاده
التحسر على مرور الشهر بسرعة
.
.

Monday, September 17, 2007

بنفسجة من مرسى مطروح

البحر في مطروح
نورٌ يزفه النسيمُ للندى
فتستضيءُ وردة المدى
وتنتفي المجسمات في السطوح
والموجُ في مطروح
وردٌ يلوذ بعضه ببعضه
فبين كل وردة تأتى ووردةٌ تروح
سرٌ يباحُ للشذى به
وعاشقُ يبوح
يغفو كما لو كان قد نام
وما نام
..ولكن الجروح
.
.

حسن طلب

Wednesday, September 12, 2007

حوارات مصرية ـ الحوار الثانى والثالث

الحوار الثانى
.
ـ دى كانت عيشه هنا
ـ أمال أيه اللى رجعك أيامها؟
ـ أختى بقى الله يسامحها قالت لأمى تقولى فى التليفون ان قلبها وجعها وحاسه إنها هتموت، وانا بصراحه أمى غالية عليه قوى فقلت انزل اشوفها لحسن يجرى حاجة، وكمان ايامها ابتدت امريكا الضرب فقلت بالمره أقضى يومين الضرب فى مصر لحد ما الدنيا تهدا
ـ ومرجعتش من ساعتها
ـ لا ماالدنيا بقى اتغيرت، بس مش هنسى السنين اللى عشتها هناك
ـ فلوس طبعا
ـ آه أنا كانت بتعدى عليه أيام بطلع الفين وتلتلاف جنيه فى يويمن تلاته، وكنا شغالين فى كل حاجه بالذات لما كنا بننقل التليفزيونات والفيديوهات وكل الاجهزه الكهربائية من الكويت للعراق، كمان كان فيه تجار بيدونى فلوس اطلعها بره العراق
ـ مكنش حد بيتمسك؟
ـ لا ماحنا كنا بنخبيهم فى التريللات فى حتت محدش يعرف مكانها غيرنا
ـ والمصريين كانوا كتير قوى هناك
ـ يوه بالملايين، كان فيه حته اسمها المربع مكنتش تلاقى فيها عراقى، وكانت برضه لمه زبالة المصريين، وكنا واخدين حقنا على الآخر أصل صدام كان مطلع أمر محدش يتعرض للمصريين، لو مصرى اتخانق مع عراقى البوليس كان يمشى المصرى ويحبس العراقى
ـ بس متجوزتش من هناك؟
ـ كنت هتجوز واحدة عراقية زى القمر، زميلى كان واخد اختها، كانت حلوه وأهلها غلابه جدا وراضيين بأى حاجة، بس بقى نزولى مصر واللى حصل بعدها معدتش أعرف أراضيها، قبل ما نزل مصر قالتلى لو مرجعتش هموت نفسى، لحد دلوقتى ساعات بفكر فيها بعد السنين دى كلها
ـ يا راجل تلاقيها اتجوزت وخلفت سبع تمن عيال دلوقتى
ـ لا دى كانت بتموت فيه، والله ساعات لحد دلوقتى بسرح فيها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحوار الثالث
.
ـ بصى دلوقتى احنا نسيب بعض، انتى على شهاب وأنا على سفنكس، نتقابل بكره الساعة سبعه فى العمده نفطر ونروح، اتفقنا؟
ـ هو عماد هيستنانا؟
ـ مش عارفة، كلمنى امبارح وقاللى ان التاكس خربان وهيروح يصلحه، لو اتصلح هيجيلنا يوصلنا، إذا مكنش ناخد ميكروباص ولا أى تاكس
ـ طيب سلام دلوقتى، لو فيه أى حاجة هرنلك متطفيش المحمول
ـ طيب
ـ بقوللك أيه خللى بالك دعاء بتقوللى من يومين عربية البوليس هدت جنبها عند مصطفى محمود وبتقول لولا الطرحة كانوا سحبوها معاهم فى البوكس
ـ ولاد ال*****ة همه مورهمش غيرنا؟ فيه زينا وأوسخ بيضرب لهم تعظيم سلام فى البلد دى، متشطرين علينا احنا بس علشان على قد حالنا وواخدينها كعابى، بلد ****ة بصحيح
ـ بصى الراجل اللى هناك بيبصلك، طول بعرض وعربية كبيرة، يللا هنيالك دى باينها ليله فرتكه
ـ هىء بس يا *****ة
.
.

Sunday, September 9, 2007

حوارات مصرية ـ الحوار الأول

ـ أهلا يا هانم حمد الله على السلامة
ـ أهلا يا سيدة، ايه الاخبار خلصتى؟
ـ أيوه خلاص مش ناقص غير الغسيل ألمه وأطبقه
ـ يسلم أيدك، وأنتى عامله أيه وأولادك كويسين؟
ـ نحمده على كل حاجة، أهى ماشية
ـ فيه حاجة ولا أيه؟
ـ الواد البكرى يا هانم مطلع عينى ومبيعمرش فى شغلانه، الاسبوع اللى فات صاحب الاجزاخانه طرده ومن ساعتها وهو قاعد فى البيت لا شغلة ولا مشغلة
ـ أنتى اللى غلطانه كان لازم تخليه يكمل تعليمه
ـ قلتله كده قام قايلى وهمه اللى كملوا عملوا أيه، ما هم متلقحين برضه مش لاقيين شغل، أخويا ممكن يشغله فى شركة نضافه بس هيدوله متين جنيه فى الشهر، دول ميجوش حق السجاير اللى بيشربها
ـ ربنا يعنيك يا سيدة، أنا هاقول للدكتور لو يعرف حد صاحبه يشغله عنده
ـ الهى يخليكى يا مدام
ـ وجوزك مفيش أخبار عنه؟
ـ نصيبه تشيله وتشيل اليوم اللى شفته فيه، واحد من عندنا فى الشارع قاللى انه اتجوز وسكن هو وعروسته فى أرض النعام، ووالموكوسة كمان حامل
ـ يخرب بيته اتجوز عليكى؟
ـ يغور أنا مش عيزاه، يتجوز زى ما هو عايز بس يبعد عنى وعن العيال، أنا من يوم ما تجوزته والله ما شفت يوم عدل، كان يشتغل يوم ويقعد عشرة وأيده لا فى مصروف ولا فى تربية ولولاش أنا بجيب القرش كان زمان العيال التلاته ماتوا من الجوع، أنا قلت لامه أصلها ساكنه فى الأوضة اللى جنبنا أنه لو رجع تانى هولع فيه وفى مراته وعيلها
ـ يخرب عقلك مش هتبطلى جنانك ده، معلش يا سيدة، حظك وحش مع الرجالة، طيب ما تطلقى وتجربى حظك تانى
ـ قطعوا وقطع سنينهم، هأعمل بيهم أيه قلتهم أحسن
ـ على رأيك
ـ أنا بس حامله هم لو حصللى حاجة العيال يروحوا فين، أنا دلوقتى بعافيتى وبشتغل بس لو رقدت يوم مش هيلاقوا اللقمة
ـ لا متقوليش كده يا سيده، احنا جانبك وان شاء الله ربنا يباركللك فى عيالك انتى طيبة وبنت حلال وأمينة، استنى كده، أهوه خدى دول، تلتميت جنيه دى فلوس من الزكاه اللى بيطلعها أخويا
ـ الله يخليكى يامدام، انتى عارفه أنا هجيب بيهم أيه، تليفزيون ملون أصل بسمة ومنى قالولى يامه زهقنا من الابيض والاسود ومدام انعام بتاعة مصر الجيدة قالتلى ان محل كارفور منزل تليفزيونات ملونة تمنها متين وخمسين جنيه
ـ طيب مبروك عليكو التليفزيون، أنا داخلة أغير، خلصى وأمشى ، آدى حسابك وميعادنا الاتنين الجاى متنسيش
ـ ان شاء الله
.
.

Monday, September 3, 2007

رواية وفيلم ومسلسل

قرأت أن رواية عمارة يعقوبيان ستتحول إلى مسلسل رمضاني، وأن شخصية حاتم رشيد الصحفي المثلى سيتم تعديلها بحيث لا تتطرق إلى الجانب المثلى في شخصيته نظرا لحساسية الموضوع بالنظر إلى أن ما يمكن تناوله في رواية أو فيلم سينمائي غير ما يمكن تناوله في مسلسل تليفزيوني.
.
أفهم حساسية تناول بعض الموضوعات من خلال التليفزيون، خاصة وأن مجتمعاتنا لا تعرف شيئا أسمه تغيير درجات الرقابة التليفزيونية مع اختلاف توقيتات العرض، ففي الدول المتحضرة مثلا ما يعرض في التليفزيونات في أوقات ذروة المشاهدة غير ما يعرض بعد الساعة الحادية عشر مساءا، وما يعرض في محطات عامة غير ما يعرض في قنوات خاصة، وكذلك هناك درجات الرقابة المختلفة داخل القنوات طبقا لما تعرضه وطبقا لما تعلنه هذه القنوات نفسها من درجة تصنيف برامجها وطلب إشراف من الأبوين عند مشاهدة أبنائهم لبعض العروض التليفزيونية والتنويه عن ذلك من البداية.
.
الوضع لدينا مختلف
من ناحية الدولة هى التى تقوم بتحديد ما يجب ومالا يجب مشاهدته
ومن ناحية المجتمع، فإننا كأفراد نترك الأطفال أمام التليفزيون أربع وعشرين ساعة ونريد أن تقوم الدولة بالدور الذي نعجز نحن عن القيام به، وذلك بترشيد ما يشاهدونه، فبدلا أن نقول للأطفال أو الصغار أنه ممنوع مشاهدة التليفزيون فى وقت متأخر أو قنوات معينة نقول يجب على الحكومة منع كذا وكذا، فالأكثر راحة أن نترك للدولة أن تقوم بالتربية بدلا منا
وعلى جانب ثاني وفى غياب مفهوم احترام الآخر، فبدلا من أن نغير القناة التي تعرض شيئا ما لا يعجبنا، فإننا نطالب بمنع عرض ما لايعجبنا على القنوات ولأسباب مختلفة من حرمة دينية إلى ذوق عام إلى أخلاق عامة إلى غيره من أشكال ومسميات الوصاية التي نضعها كأفراد على الآخرين والتي تضعها الدولة علينا جميعا
.
كل هذا واقع ولا جديد فيه
.
ولكن ما أعجز عن فهمه هو لماذا يقبل كاتب مثل علاء الأسواني أن يتم بتر شخصية رئيسية لأحد أعماله بحجة أنها ستقدم في التليفزيون؟ تستطيع شركة إنتاج تليفزيونية أن تملى شروطها في تغيير الشخصيات، ولكن لماذا يقبل؟ لقد أخذت الرواية حقها من الشهرة عند تحويلها بأمانة إلى حد كبير إلى فيلم سينمائي، فهو لم يكن بحاجة إلى تقديم تنازلات من أجل تعريف الجمهور به وبأعماله.
.
كنت أظن علاء الأسواني أكثر غيرة على عمله الأدبى من ذلك، وربما كان العامل المادي هو سبب قبوله هذا البتر لشخصياته، وهذا ما أرجحه حيث أن المسلسل سيعرض في العديد من القنوات الفضائية والعربية، وصعب في هذا الزمن الصعب أن نتوقع أو نطلب من أحد التضحية المادية في مقابل عدم المساس بإبداعاته
.
ويبدو بشكل عام أن الأدباء لا يأبهون كثيرا لكيفية تقديم أعمالهم الروائية في أفلام ومسلسلات، وقد سبق وقال نجيب محفوظ أن حدود مسئوليته الأدبية تقف عند الرواية أما الفيلم فهو مسئولية ورؤية المخرج وعمل جماعي أكبر من حدود النص الذي قدمه، ولكن الاختلاف بين علاء الأسواني ونجيب محفوظ أن الأخير لم يكن يقف وراء الأعمال السينمائية المأخوذة عن رواياته بنفس الحماس والتأييد الذي وقف به الأسواني وراء فيلم عمارة يعقوبيان مصرحا بأن الفيلم كان أمينا ونقل أفكاره الخ أي أن الأسواني كان يعتبر الفيلم أداة لتوصيل أفكاره
.
وكم من إبداعات لنجيب محفوظ تم تقديمها بشكل سيء وسطحي فى أعمال درامية، وأتذكر من بينها روايته البديعة أهل الهوى ضمن مجموعة رأيت فيما يرى النائم. القصة شديدة الرمزية والعمق تبدأ بدخول شخص للحارة فاقد الذاكرة وعاري وقد تعرض للاعتداء فدخل للحارة على قدميه ويديه، وطبعا الرمز منذ البداية واضح بدخوله كالمولود الجديد للحياة بدون ذاكرة وعار وعلى أربع، وتستمر الرواية برصانتها وأفكارها العميقة
.
تحولت هذه الرواية لفيلم لنادية الجندي ومحمود ياسين شاهدته مرة لأرى كيف تمت ترجمة هذه الرواية الجميلة والفلسفية، الفيلم إن لم تخني الذاكرة، تحول إلى أسم وكالة البلح، وليس له صلة بالرواية سوى العلاقة الأساسية بين المعلمة والشاب فاقد الذاكرة، وتحول الأمر إلى قاهرة الرجال والأبطال نادية الجندي بجمالها الخلاب تحطم قلوب كل رجال الحارة وتطرحهم أرضا واحد وراء الأخر، الفيلم كان مسخ لا يرقى إلى واحد بالمائة من جمال النص الأدبي
.
وبشكل عام أرى أن الكثير من الأعمال الأدبية تفقد جمالها حين تتحول إلى أفلام، ولكن هذا الفيلم كان يفوق الوصف.
.
من قبل أن أرى عمارة يعقوبيان المسلسل ـ وإن كنت في الأغلب لن أراه حيث لا طاقة لي بمتابعة يومية منتظمة للتليفزيون ـ أتوقع مط وتطويل وتخفيف حدة المشرط الذي يشرح به الكاتب المجتمع وعيوبه وقبحه وطبعا الحجة الجاهزة لأي تشويه هو أنه عمل تليفزيوني له حساسيته
.
لا، ربما أشاهده من باب حب الاستطلاع لرؤية لبنى عبد العزيز بعد كل هذا العمر، وإن كنت أيضا أفضل لو أنها تركت آخر ذاكرتنا بها في أنا حرة والوسادة الخالية والكثير من أفلامها الحلوة الأخرى بشخصيتها المميزة وجمالها ذي الكبرياء
.
.

Saturday, September 1, 2007

تنويعتان على لمس القطيفة

1
.
يا هوى خجلا
أبنِ لي في فراغاتي مئذنة
يرنو من شرفتها الساكنة
حب ذو أحاسيس ملونة
غير مألوفة
لا يخشى البوح ولا يرتعد
من حميمية روح وجسد
أحسست بحرقتها ما إن لمست
!شفتي نارَ قطيفة
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2
.
أحنُ أتوقُ لهمسٍ وآهٍ
لربتة شوق ٍوليد شغوفة
ولسع شفاهك فوق شفاهي
!وحرقة خدي بلمس القطيفة
.

Wednesday, August 29, 2007

إطراء ـ تكملة

نظرا لأن وليد عاش سنواته الأولى فى منزل بمزرعة فى كندا والمنطقة تحيطها الغابات، فقد كان على معرفة بأنواع الكثير من الحيوانات وصفاتها، وقد قال لي أن من المألوف أن يرى غزلانا في المنطقة المجاورة للمنزل
.
وقد كانت له طريقة فريدة فى تشبيه الأشخاص الذين يقابلهم بالحيوانات فيقول مثلا:
خالد يشبه الفهد بجسمه الضخم وطريقة ارتطام بطن قدمه بأكمله على الأرض أثناء سيره، وكذلك في سرعة تناوله للأشياء
.
ويقول
لبنى تذكرني بالغزالة، ألم تلاحظوا عيونها المسحوبة وطريقة لى رقبتها وإشاحتها بوجهها حين لا يعجبها ما تسمعه؟ تماما كالغزالة
.
أو
فلان حين يزم شفتيه يأخذ وجهه شكلا مخروطيا مثل الفأر، كذلك طريقته المذعورة
.
وهكذا دائما حيوانات حيوانات حيوانات!
.
وفى البداية لم أكن أعير هذه التشبيهات الكثير من الانتباه، ولكن بمرور الوقت وقربى من وليد بدأت شيئا فشيئا ـ وربما بتأثير كلماته ليس أكثر ـ أنتبه إلى التشبيهات وأجد فيها شيئا صادقا
.
وكان السؤال الطبيعي منى له:
وأنا أي الحيوانات أشبه؟؟
.
رد وليد كان فوري: القطة وسأقول لماذا
القطة تدخل المكان دون أن تلفت انتباه أحد فى هدوء
تتسحب من موقع لموقع فى الغرفة دون أن نستطيع تحديد موقعها إلى أن تستقر فى مكان ما ملتصقة بشخص أو على حجره
قد لا ينتبه الشخص إليها رغم تمسحها به فى البداية، وقد يبدأ دون إدراك منه فى ملاعبتها أو الربت عليها ربما وهو يتحدث أو يشاهد التليفزيون، وشيئا فشيئا يعتاد هذا الشخص على وجود القطة ويجد نفسه متعلق بها ويحبها دون إحساسه بمقدمات هذا التعلق أو هذا الحب
وأنت مثل هذه القطة
.
بصراحة أحببت التشبيه ووجدته إطراءا جميلا ـ طبعا باستثناء موضوع "على حجره"!!ـ خاصة وأن وليد لم تكن له أجنده خفية من وراءه، فعلاقتنا كانت صداقة قوية واضحة المعالم والحدود دون لبس أو غموض
.
لا أدرى إذا كان الإطراء حقيقيا أو لا، ربما كان حقيقيا، ولكنى بالتأكيد أتمنى لو كان حقيقيا!
.
.

Tuesday, August 28, 2007

....

أماه وحشرجة ٌ ودموع وسواد
وانبجث الدم واختلج الجسم المطعون
والشعر المتموِّج عشش فيه الطين
أماه) ولم يسمعها إلا الجزار)
وغداً سيجيء الفجر وتصحو الأوراد
والعشرون تنادي والأمل المفتون
فتجيب المرجة والأزهار
رحلت عنا... غسلاً للعار
*
ويعود الجلاد الوحشي ويلقى الناس
(العار) ويمسح مديته (مزَّقنا العار)
ورجعنا فضلاء بيض السمعة أحرار
يا ربَّ الحانة أين الخمر وأين الكاس
نادِ الغانية َ الكسلى العاطرة الأنفاس
افدي عينيها بالقرآن وبالأقدار
إملأ كاساتكَ يا جزار
وعلى المقتولة غسلا العار
*
وسيأتي الفجر وتسأل عنها الفتيات
"أين تراها" فيردُّ الوحش "قتلناها"
وصمة ُ عار في جبهتنا وغسلناها
وستحكي قصتها السوداء الجارات
وسترويها في الحارة حتى النخلات
حتى الأبواب الخشبية لن تنساها
وستهمسها حتى الأحجار
غسلا للعار... غسلاً للعار
*
يا جارات الحارة يا فتيات القرية
الخبز سنعجنه بدموع مآقينا
سنقص جدائلنا وسنسلخ أيدينا
لتظل ثيابهم بيض اللون نقية
لا بسمة لا فرصة لا لفتة فالمدية
تراقبنا في قبضة والدنا وأخينا
وغداً من يدري أي قفار
ستوارينا غسلاً للعار
.
.
نازك الملائكة ـ 1952

Monday, August 27, 2007

بصقة

لم أستطع سوى وضع رابط لهذا الحادث الذى مر وسيمر مئات غيره
.
يعجز قلمى و لسانى عن وصف الأشمئزاز والقهر الذى اشعر به عند قراءة هذه الحوادث
.
!أب متجبر يزوج أبنته طفلة بمن لا تحب وأخ تاجر مخدرات يقتلها دفاعا عن شرف العائلة
.
هل هناك مهزلة مأساوية أكثر من هذا؟
.

Sunday, August 26, 2007

إطراء

هل هناك مجال لأذكر هنا إطراء قيل لي ذات يوم وأحببته؟
.
لا أدرى ولكن الكثير منا قد تربى على أنه لا يجب ذكر إطراء موجه لنا لأن ذلك دليل على النرجسية أو الغرور، ولكنى الآن أتساءل ما العيب حين نذكر الإطراء طالما نضعه فى مكانه وحجمه الصحيح دون نقص أو زيادة؟
.
قبل أن أذكر الإطراء، سأتحدث عن صاحبه لأنه شخصية مميزة للغاية سواء سلبا أو إيجابا مع بعض التغييرات فى التفاصيل حفاظا على الخصوصية، وهو من الشخصيات التي سأظل أتذكرها رغم مرور أعوام على افتراقنا، وكلى ثقة فى أننا إذا ما التقينا يوما لن نشعر بصدأ السنين، وهذه إحدى دلائل الصداقة الحقة
.
وليد شاب مصري ولد في مصر وتركها صغيرا مع والديه وعاش فى كندا، وبعد ما أنهى دراسته الجامعية اضطرته ظروف عمله أن يعود لمصر لمدة عامين حيث سنحت لي فرصة الاقتراب منه وتعارفنا وقويت صداقتنا بشكل كبير
.
وليد طيب القلب وذكى وكريم بلا حدود وخفيف الظل، على الجانب الآخر يمكن أن ينقلب مزاجه من النقيض إلى النقيض التام في أقل من ثانية ولأسباب غير مفهومة تماما
هذه الصفة أكرهها ولا أبالغ إذا قلت أنها تخيفني حين ألمسها في الأشخاص المقربين لي، فهي تشعرني بعدم الأمان
.
يمكن وصف شخصية وليد إجمالا بأنها خليط غير منضبط أو غير متوازن من الشخصية المصرية والشخصية الغربية، فقد كان يتصرف مثلا بطريقة مصرية تماما فى المواقف التي من الأفضل فيها ـ من وجهة نظري ـ التصرف كشخص غربي، والعكس أيضا كان صحيحا
.
من أبرز سماته أنه كان يلقى بتعليقات لا تتناسب مع المكان ولا الزمان ولا الأشخاص الذين قيلت التعليقات بحضورهم
كان يلقى هذه التعليقات والتي كانت أحيانا كالقنابل في منتهى البساطة وسط صمت وإحراج الموجودين
سأذكر هنا مثالا للتعليقات التي يمكن أن أوردها لأن الكثير من تعليقاته كانت خارج حدود المتعارف
يمكن مثلا لوليد أن يقول فى حضور ليلى أو غيابها:
ليلى فتاه ظريفة جدا، كنت أظنها مثلية ولكن حين عرفت أنها مخطوبة فقلت هي إذا على الأرجح بايسكشوال
أو يقول
المغنية فلانة الفلانية تبدو لي أنها وايلد جدا في السرير
أو
على وسيم، أعتقد أنى لو كنت مثلى لكنت قد أحببته
.
هذه التعليقات في حد ذاتها ليست صادمة ولكن أن تقال فى وسط عمل مثلا وفى وجود رجال كبار يبدو عليهم التدين وسيدات تقليديات محجبات يأخذ الأمر أبعادا أخرى
.
في أغلب المواقف كان هناك صمت من الجميع بعد هذه التعليقات، وهو نوع من الصمت الذي وصفه كاتبي الأمريكي المفضل أرمستيد موبان فى إحدى رواياته الخلابة بأنه نوع الصمت الذي تكاد تشعر معه بشعر الرأس وهو ينمو!
.
وقد طالتنى أنا شخصيا إحدى تعليقاته المحرجة، ورغم أن أصدقائي يرون أنى أمتاز بسرعة البديهة والقفشات إلا أنه بتقدير سريع للموقف وجدت أنه من الأفضل أن أتجاهل ما قيل والجأ للصمت والتصرف كما لو كنت لم أسمع شيئا
.
احترت في تفسير عدم إدراك وليد لعدم ملائمة تعليقاته وهل هو على وعى بهذا أم أن هناك خللا ما في تقديره للمواقف؟ بصراحة لا أدرى، ولم أصل لرأى فى هذا الأمر
.
الموضوع طال ولم أدخل بعد فى صلبه!
.
فإلى مرة قادمة.
.
.

Wednesday, August 22, 2007

سوداء سوداء عيناى


تعليق من العزيزة كتابة صاحبة الأسلوب الفريد والمفردات المدهشة قادني إلى تذكر مطلع محاولة شعرية قديمة لي
.
وكما نظل لساعات دون ملل نحاول تذكر أسم غاب من على شاشة الذاكرة ولا نهدأ حتى نلمسه، حاولت استرجاع بقية المحاولة دون فائدة، فعدت لدفاتري القديمة في حقائب لم أفتحها بعد
.
وجدتها وكان هذا المقطع الأول:
.
سوداء سوداء عيناي
صاخبة حمرتها شفتاي
وأحاسيسي أقواس قزح
أتبعها فتمطر لي دنياي
أقمارا من حزن وفرح
وأهلةَ عشقٍِ لم يُبَح
به من قبلُ تحت سماى
.
.

Saturday, August 18, 2007

فوق النخل

فوق النخل فوق
يابا فوق النخل فوق
.
مدرى لامع خده
يابا مدرى القمر فوق
.
والله ما أريده
ما أريده بلواى
.
الأغنية من الفلكلور العراقي والصورة من الواقع العراقي
.
.

العراق يأسرني
من زمان والعراق يأسرني لأسباب عدة
.
عشقت شعرائه وصوتهم المتفرد فى الديوان العربي، كذلك حاولت فى فترة ما التقرب إلى الفلكلور العراقي وفك طلاسمه فوجدتني في محاولاتي أمام شاعرية شعبية مفعمة بالحزن والجمال والشجن، وشعرت بخسارة كبيرة لمن لا يستطيع مثلى الدخول لمملكتة بسبب صعوبة الفهم
.
حتى البكائيات الدينية العراقية التى يرددها بعض أبناء العراق فى الأراضي المقدسة وخاصة خلف أسوار مقابر البقيع فى المدينة المنورة جعلتني أشعر بالرهبة والحزن رغم عدم فهمي لمفرداتها، فهى تجعلك رهن الخشوع أمام الدمع الغزير الذى ينساب من منشديها ومن حولهم.
.
من يحب التاريخ مثلى ولا يستطيع سوى الانحناء بتأمل وانبهار أمام قصص ألف ليلة وليلة وحكايا القصور والمجد والمؤامرات والجموح والعشق فى ليالي بغداد؟
.
هل أزيد وأقول دون خجل أنى أشعر أن العراقيين لديهم جاذبية حسية ليس لها نظير؟ تعميم؟ ربما، ولكنه إحساسي الخاص تجاه الكثير من العراقيات والعراقيين الذين قابلتهم، فهم مغلفون بجاذبية حسية تجمع دفء الجمال الخليجي وبريق الجمال السوري واللبناني، إنه ذوقي الخاص الذي طالما سمعت من الأصدقاء أنه غير مألوف!
.
هل بى حاجة أن أضيف أن أول حب ـ لا، لنقل انجذاب أدق ـ الكتروني كان من العراق؟
.
.

Wednesday, August 15, 2007

أسماء بلا أصحاب

فيروز لها أغنية بسيطة فى عبقريتها وعبقرية في بساطتها أسمها رجعت العصفورة، تتحدث فيها عن الذين غابوا ورحلوا بعيدا فتقول
.
بالدفاتر عندي أسامي الغياب
أصحابها تركوها، صارت بلا أصحاب

.
فعندما غادروا لم يتبق سوى أسماء هامدة بلا روح
.
هذا ما تذكرته حين وجدت بعد غيبتي القصيرة أن مدونتين عزيزتين قد غابتا لناردين وانتيجريتد فنكشن
ثم قرأت أيضا موضوع أجندا حمرا فى نفس الأمر وأتفق معها فى التمني لو كانوا قد تركوا ولو كلمة وداع
فكلمة الوداع ليست صعبة
.
توقف مدونة ما أقف أمامه يحتويني العجز، فمن ناحية أنا أفهم متعة الصمت والتي قد تفوق أحيانا متعة البوح، ومن ناحية أخرى أشعر بالشوق لكلمات من أحب قرائتهم واعتدت عليهم، ولكن يبقى قلقي على الأصدقاء مبعثه الرغبة فى الاطمئنان أنهم يتنفسون صحة وأن التوقف مجرد قرار شخصي
.
انتيجريتد فنكشن
اشتقت لكلماتك القليلة المتزنة والبليغة بلا ادعاء
.
ناردين
أين موضوعاتك التي تشعرني أنها من طفلة صغيرة متوهجة لها خبرة مائة عام؟
.
.

Monday, August 13, 2007

تداعى

نعم تذكرتي في اتجاه واحد
.
أمسكتها بيدي في مطار القاهرة دون امتعاض أو ندم تغمرني فرحة الرحيل وهاجس المجهول المغسول بمياه التشوق
.
غادرت قيظ القاهرة لقيظ مدينة أخرى تطأها أقدامى للمرة الأولى
.
في الطائرة عادت بى ذاكرتي لثلاث سنوات مضت حين قمت بتعريف ميم الأولى الى ميم الثانية، والاثنتان أقل من صديقتين وأكثر من مجرد معرفة، وقد اكتشفتا بعد لحظات من تعارفهما أن قراءة الفنجان هواية مشتركة لهما، فشاركتا في قراءة فنجانى واتفقتا ـ أو ربما تظاهرتا بالاتفاق ـ على أن فنجانى يرسم لي سفرا إلى مدينة بحرية، ثم تراجعتا قائلتين لا ليس بحرا فليس هناك أمواج نراها ولكن هناك بالتأكيد مراكب وأشرعة ربما يكون نهرا أو بحيرة أو خليجا
.
وقد كان
.
ثم قالت لي إحدى الميمين
.
سيكون هناك رجل مصري، أصلع وأخضر العينين، وستنمو بينكما ألفة سريعة وطيدة، رغم أن شخصيتك متأنية كثيرا فى التعرف والتقرب إلى أية شخص، إلا أن الألفة مع هذا الشخص ستكون سريعة ولكنه سيسبب بعد ذلك مشاكل كبيرة وألما
.
قلت فى نفسي وقتها: تخاريف
.
وهنا أطلت الطفلة الصغيرة والمتوارية وراء الباب برأسها فى صمت وابتسمت ابتسامة غير مفهومة
.
ولكن ألم أحكى لكم من قبل على هذه الطفلة؟؟ لا؟ ربما الآن موعدنا
.
أشعر بأن العالم بكل ما فيه من ماديات ومعنويات يتكثف ويصغر دون أن يفقد أيا من خواصه ليصبح هو قلب الإنسان، يعنى قلب كل منا هو الكرة الأرضية في شكل مصغر، ربما ما يفرق قلب عن قلب أن نسبة الصحراء فى هذا القلب أكثر من ذاك أو أن الهضاب فى ذاك القلب أكثر وعورة من غيره الخ الخ
.
ولكن فى قلبي بالإضافة للمعالم المعروفة هناك فى ركن قصي منه يختبأ باب صغير، الباب موارب ولكن تقف وراءه فى صمت طفلة صغيرة فى حوالي الرابعة من عمرها ويبدو شيء من وجهها وشيء من شعرها القصير ذي الخصلات وشيء من فستانها باهت اللون
.
الصبية دائما هناك فى صمت وعلى وجهها لا تعبير فى أغلب الأوقات، حين أنساها وأحاول الابتعاد عنها تفتح لى الباب بشكل أكبر وتظهر من سماتها شيء أوضح ومزيد من الراحة فى تعبيرات وجهها، كأنها تدعوني لمزيد من الاقتراب، ولكن ما إن أقترب منها حتى تبادر بتقليل فتحة مواربة الباب حتى تكاد تغلقه ولا يظهر من سماتها إلا أقل القليل
.
فى بعض المواقف الصبية تبتسم ابتسامة لا أستطيع تفسيرها ما إذا كانت تعاطف أم سخرية أم مجرد فرحة وهو ما شعرته حين قلت لنفسي تخاريف
.
تخاريف؟
.
وأفقت على صوت كابتن الطائرة يعلن نهاية ـ أو ربما بداية ـ الرحلة
.

Sunday, August 12, 2007

من فيروز

دقيت دقيت وإيدى إتجرحوا
قنديلكم سهران، ليش ما بتفتحوا؟؟

Friday, July 27, 2007

خواطر قبل السفر

قبل السفر للخارج ينتابنى عادنا شعوران
أولا هناك الشعور بالراحة والسعادة أنى سأترك مصر وبالذات القاهرة بكل ما فيها من مظاهر أكرهها وأستقبحها من زحام وضوضاء ولا أدمية وظلم وكبت وانعدام ذوق وتلوث وهوس جماعى بالقولبة، وهى كلها مظاهر ألمسها وأحسها فى حياتى اليومية وتغذى شعورى بالاحباط والرغبة فى الرحيل
.
زمان كنت أشعر بالخجل أن أعبر عن سعادتى أن أحيا خارج مصر، ثم صرت مع الوقت أقل خجلا الى أن أعلنت أننى أفضل الحياة خارج مصر بل وأتمناه
.
وفى بدء إعتيادى على السفر والاقامة حدث أن قابلت شاب فرنسى وسألته السؤال التقليدى المعتاد عن مدى إحساسه بالغربة والحنين الى فرنسا فجاوبنى ببساطة متناهية أنه لا يشعر بالحنين لأنه لا يحب الحياة فى بلده، ونظرا لحداثة عهدى بالغربة وقتها إندهشت من رده لثلاثة أسباب أولهما منلا يحب الحياة فى فرنسا الباهرة؟ وثانيهما لأننى ظننت أنه لا بد أنه تربى ـ مثلى ـ على أن فرنسا هى أمه وأن السين هو دمه، والسبب الثالث هو أنه حتى لو كان يكره بلده فلا يصح أن يقول هذا أمام الغرباء لأننى أيضا لم أكن قد تعلمت آنذاك ـ فى إطار ثقافتنا ـ أن الصدق أبو الفضائل بغض النظر ما اذا كان مضمون هذا الصدق سيعجب الآخرين أو ينسجم مع معتفداتهم أم لا
.
قد يستفز هذا الشعور البعض ويرونى أغالى فى الاحساس بالسلبيات، ولكن مع احترامى لأية رأى مخالف على إقتناع تام بما أحسه
.
الشعور الثانى هو شعور بالارتباط يزداد فى التبلور قبل رحيلى أحسه بمثابة حبل سرى يربطنى بكل شخص وكل شىء حولى كما لو كانت روحى مشدودة بهذه الاشياء وهؤلاء الاشخاص، بدءا من أخوتى ـ خاصة بعد وفاة والدتى ـ وأصدقائى وزملائى المعدودين، ومرورا بالاماكن التى أعتدت أرتيادها منزلى فى المهندسين ومنازل أخوتى وعملى فى البلد والنادى والعين السخنة وكافيه أو أثنين التقى فيهم ببعض أصدقائى
.
وبينما يبدو الشعور بالراحة للرحيل قويا وواضحا، فان الاحساس بعمق الارتباط يتسرسب شيئا فشيئا الى قلبى ليصل لذروته ربما ساعات قبل لحظة السفر والتى عادتا ما تجعلنى أتذكر أدونيس حين يقول
إنها لحظة الخرافة
إنها رعشة الوصول إلى آخر المسافة
.

، ويغلف الإحساسين دوامة من المشاوير والاجراءات والشوبنج والزيارات والتليفونات تجعل فى النهاية كلا الاحساسين توأمين لإحساس ثالث بالتعب والإرهاق بل قد يطغى هذا الأخير أحيانا عليهما
.
وأضيف هذه المرة ذكرى جديدة أن الاستعداد للسفر يتزامن مع وقت أستقطعه بسكين بارد للقراءة والإستزادة ثم الإعادة من ديوان سيرة البنفسج لحسن طلب والذى توقفت كثيرا عندما قرأته يقول
.
راهبة هائبة
لا راغبة فى جنة نار العشق ولا تائبة
.

وهى الأبيات التى جعلتنى حين قرأتها لوحدى فى غرفتى أتلفت حولى لأتأكد أن لا أحدا غيرى مقصود بها

.

Monday, July 23, 2007

شكرا للإهداء

أيتها اللغة
كفى عن اللهو بأنصاف الكئووس الفارغة
واخرجينى من فسيفسائك المراوغة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أسلمنى الطيف الى الحرفِ
فلذت بآلاء الياء
كانت تتبرج فى مستويات الضوء الحى
وتأخذ زينتها من أبهة الماء
.
قلت: فمن تنتظرين؟
أشارت نحو المرج وقالت:
إن شئت قصصت عليك تباريح الوردة
أو أنبأتك عن ورع الحنطة
قلت: أشاء
.
فانضبطت فوق العشب
وما إن أدرى إلا أن تركت دائرة زرقاء
على مرمى البصر
وخلفت المرج يتيما
قلت: فيا للبُرحاء!
.
وهتفتُ: خذينى أن يا طارئة أطلقت الدهشة
قالت: فاصبر حتى تنتصف الوحشة
واعبر من نسق الأسماء الى فوضى الأشياء
وانفلتتْ
ما إن أدرى: هل سكتت أم همست: سيكون لقاء
.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
يا أيها الشعر المخنث
ذلك وقت أستطيع فيه أن أرصدَ ما رأيتُ من خيانة المؤنث
وأستطيع فيه أن ألعن ما كتبت من بنفسجات
آخذات صورة الهوى وهيئة المثلث
ذلك وقت أستطيع فيه أن أصرخ نادما
إليك عنى أيها البنفسج الملوث
.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هى تعلم حبى للشعر فأهدتنى مؤخرا ديوان سيرة البنفسج للشاعر المبدع حسن طلب
.
لغة أقل ما يمكن وصفها بأنها مدهشة ونركيبات خلاقة لم أقرأها من قبل رغم أن معرفتى الشعرية لا بأس بها
.
أحببت أن أضع العشرات من الأبيات فى المدونة ولكن القصائد طويلة ومن شدة تماسكها ستفقد الكثير لو تجزأت
.
ومع ذلك تلك كانت بعض المقاطع من قصائد مختلفة من الديوان
.

Saturday, July 21, 2007

ظروف

أراك يا مصطلح الظروف
محنطا تُنقل من جبانة السلب الى مقبرة الإيجاب
فمرة تبرر الهزيمة
والرعب والجريمة
ومرة تجعل من شعائر الموت شعائر القيامة
وتجعل الرحمة طائرا يفرخ فى أسنة السيوف
.
محمد عفيفى مطر

Friday, July 20, 2007

بعض الأسرار

لا تسلنى عن سر أدمعى الحرى
فبعض الأسرار يأبى الوضوحا
.
بعضها يؤثر الحياة وراء الحسِ
لغزا وإن يكن مجروحا
.
بعضها إن كشفته يصبح مهانا
يموت موتا حزينا
.
بعضها يكبر أن يٌكشف
عما وراءه أو يبينا
.
نازك الملائكة

كلام فى الحب

هل يمكن أن تحب أنسان وتشعر تجاهه بعاطفة لكنك فى نفس الوقت تخجل منه وسط الآخرين؟
أثنان تحابا وبين أريعة جدران يبنيان مملكة الحب ولكن اللحظة التى تجمعهما مع آخرين يذوب أحدهما خجلا بسبب سمة فى الطرف الآخر، وهى سمة غير قابلة للتغيير
لا أقول أنه بالضرورة يجب الشعور بالفخر بمن تحب، ولكن على الأقل لا يجب أن نشعر بالخجل منه أمام الآخرين.
مع ذلك كان حبا ولكن بطبيعة الحال لم يستمر
..
.
هل يمكن لطرف أن يقبل ثلاث أرباع حب أو نصف حب فى حين أنه يمنح حبا كاملا وغير مشروط؟
تريد أن تقضى أربع وعشرين ساعة مع من تحب، فى حين أن الطرف الثانى يريد فقط قضاء عشرين ساعة
تعطى أولوية لرغباته، أما هو فرغباته ورغباتك على قدم المساواه والأثنان قابلان للتفاوض والمقايضة
تشعر فى قرارة نفسك أنك تحب ـ بكسر الحاء ـ أكثر مما تحب ـ بضمهاـ
لا ألوم طرفا فى علاقة كهذه، أنا لا أتحدث عن طرف يعطى وآخر يأخذ، لا، إنما أتحدث عن طرف يعطى أكثر من طرف آخر
بعض الأشخاص بطبيعة الحال لديهم قابلية للعطاء أكثر من غيرهم وأحيانا بدون أن يكون هناك بالضرورة مقابل، لكن مثل هذه العلاقة صالحة فقط لمن يستطيع أن يتحملها
.
.
زمالة تسرب بين ثناياها الجنس، فأصبحت منطقة منزوعة العاطفة، لا هى الزمالة كما عاهداها ولا هى أخذت تطورا طبيعيا لتصبح عاطفة، هذه إشكالية
الإشكالية الأخرى أنه بينما لعب الجنس دوره فى منح أحد الطرفين شعورا بحميمية العلاقة لتصير بذرة حب، إكتفى الطرف الثانى من الجنس بلذته دون أن يسلسل نفسه بأية شعور آخر
علاقة غريبة الأبعاد ومحكوم عليها بالاعدام قتلا بالمشاعر
.
.
طرف أحبك وحين لم تجتاحك المشاعر أعلنت الإكتفاء بالصداقة، وقبل الطرف الأخر خياراتك، ولكنك حين أحببت أنتابتك صدمة حين واجهك من تحب برغبته فى الإكتفاء بالصداقة، وكان خيار الرفض وإنهاء أى شكل للعلاقة بينكما
إزدواجية فى التصرف؟ نعم، ولكن من قال أن للأحاسيس والرغبات قوانين تحكمها العقلانية والموضوعية
عبء خياراتنا نتحمل قبحه ولذته
.

Wednesday, July 18, 2007

خمسة وسبعه وتلاتين

ـ ماما هوه بابا كان شكله أيه؟
ـ تانى يا ملك؟ يا حبيبتى أنا جاوبتك قبل كده، وكمان انتى شوفتى صوره كتير
ـ معلش يا ماما جاوبينى بس جاوبينى
ـ بابا يا قمر كان قصير وتخين وشعره خفيف
ـ بس تيته بتقول غير كده، بتقول انه كان رفيع وشعره نقيل وناعم
ـ جدتك بتوصفه لما كان فى ثانوى ولا الجامعة
ـ طيب وأيه كمان؟
ـ أبدا كان شكله عادى، بس بقى قلبه كان أطيب قلب وكان بيموت فيكو انتى وليلى وكنتو أغلى حاجه عنده فى الدنيا
ـ طيب كان بيحبنى أنا أكتر ولا ليلى؟
ـ كان بيحبكوا انتو الأتنين قد بعض بالظبط
ـ يعنى مكنش بيزعق خالص؟
ـ لا كان طبعا بيزعق لما حد يعمل حاجة غلط، أو ساعات لما بييجى من الشغل تعبان بيبقى متنرفز شويه، عادى يعنى زى أى حد
ـ طيب كان بيلاعبنى أيه؟
ـ كان بيعملك حج حجيجه أو يرفعك فوق عالى لحد السقف وانتى تقعدى تضحكى، أصلك كنتى البكرية
ـ يعنى أيه؟
ـ يعنى كنتى الكبيره، واحنا فضلنا خمس سنين يعد ما تجوزنا لحد ما حضرتك شرفتى، ولما جيتى وبعديكى بأقل من سنه ليلى جت كنا فرحانين بيكو قوى، وكمان الفتره دى شغل بابا كان مشى كويس جدا يعنى كنا تقريبا حاسين كده ان ربنا ادانا كل اللى احنا عايزينه
ـ وهو مات ازاى؟
ـ انتى ايه اللى خلاكى تسألى السؤال ده يا عسلية؟
ـ الشغاله اللى عند تانت نعمت سألتنى قلت لها معرفش
ـ أبدا كلمونى من الشغل فى يوم عادى وقالولى آجى بسرعة ولما وصلت كان بابا خلاص طلع عند ربنا
ـ وهو مش ممكن ينزل تانى؟
ـ لا مش ممكن، بقول لك ايه يللا عشان نعمل الهومورك بتاعك
ـ طب بس استنى، انتى مش هتتجوزى تانى؟
ـ اتجوز؟ مين قال الكلام ده يا ملك؟
ـ تانت نعمت كانت بتقول لصاحبتها انك مش ممكن تقعدى من غير راجل
ـ لا ياحبيبنى مبفكرش فى الكلام ده وتانت نعمت دى فاضية للكلام ومورهاش حاجة
ـ وبابا يعنى مش ممكن نشوفه تانى؟
ـ قوليلى يا ملوكة انتى مش فاكره بابا خالص؟
ـ لا مش فاكراه
ـ ولا أى حاجة
ـ مش فاكره، لا يعنى فاكرة شويه كده
ـ طب فاكره ايه؟
ـ فاكره فاكره آه فاكره انو كان رفيع وشعره تقيل وناعم لما كان فى ثانوى ولا الجامعة
ـ طيب يا غلباويه يللا على المذاكره

Monday, July 16, 2007

اسدالة الميتين

وإن هفا شوق بعيد صارخا فلنعود
ليت الشذى المؤود يصحو فوق هاتى الخدود
ليت العيون المسهدات بالفراق المهان
تحس طغيان الندا "فلنعود
ملء الفضا والمكان

كذا تنادينا الوعود لا صدى لا جواب
نحن مضينا فى طريق آسر ..لا أياب
كيف العبور فوق هوة الردى والسنين
كيف، وهل تٌُبعث تحت التراب
اسدالة الميتين؟

حلمان


الحلم الأول

شقيقتى الكبرى قالت لى أنها تنوى بيع السرير الخشيى الدوبل الخاص بها، و أضافت أتها كانت قد ابتاعته من المناصرة
.
سألتها عن سبب رغبتها فى البيع ققالت أنه قديم وغير ثابت
.
عادت مجددا وسألتنى اذا كنت أرغب قى شراءه
.
قلت لها دعينى أجربه
.
نمت على السرير قكأننى تماما فى أرجوحة أو كأننى على مرتبة ماء
.
فقلت لنقسى لما أشنرى سريرا مهترءا كهذا
.
حينما أسنيقظت أول ما تبادر لذهنى أن شقيقتى قد تعانى من مشاكل مع زوجها وأنها قد تسعى للطلاق
.
.
.
الحلم الثانى
كأننى فى مدحل مستشقى والجميع بانتطارى يقولون لى
.
هيا بسرعة، أنه دورك الأن، وهى بانتطارك
.
الكل فى لهفة يدعوننى لمقابلتها لأن الوقت أزف وهى تنتظرنى
.
سرت بسرعة لألحق دورى حتى وصلت الى مكان يزدحم حوله الكثير والكثير من الاشخاص الذين يرتدون السواد
وما ان رأوونى حتى أخذوا يبتعدون عن الشباك الذى يزدحمون حوله ليفسحوا لى المجال للاقتراب من الشباك نظرا لأنه الآن دورى
وجدت أن والدتى هى التى فى الناحية الاخرى من الشباك، وكانت أيضا مرتدية الأسود، ما ان رأيتها حتى أحذت أبكى وأحتضنها وأقول لها: ماما انتى واحشانى قوى
.
أقتربت من أذن والدتى وهمست لها: أسمه غالى
.
قالت لى: ماذا، ما أسمه
.
كررت: غالى
.
أطرقت والدتى وبدا عليها الحزن والغم ونظرت فى الأرض
.
واذا بى فى هذه اللحظة كما لو كان هناك من يشدنى للخلف لأبتعد عن الشباك فوجدت نفسى أتراجع للوراء دون ارادة منى، واذا ايضا بالناس التى كانت تقسح لى الطريق فى السايق تعود لعهدها وترجع لتتكالب على الشباك لأبتعد أنا عنه رويدا رويدا
.
ثم وجدت نفسى فى صالة انتظار كلها بيضاء فى نفس المستشفى وأشقائى جالسين بها وما ان رأوونى حتى سـألونى: قابلتها وماذا قالت لك، قلت لهم: أخبرتها بالأسم ولكنها كانت حزينة
.
.
ثم أستيقظت من النوم

Thursday, July 12, 2007

من شرفة همساتى

فى العشب زهر ليس يدرى أحدٌ عن شذاه
فى القلب سرٌ خافقٌ، سرٌ عميق الحياة
آلا فمدى ناظريكِ هل ترين سناه؟
أم أن ومضه خبا، وغاب عنكِ ضياه؟
.
فى القلب صوتٌ غامضٌ، ناىٌ بديعٌ شفيف
فى الروح دمعٌ مازجٌ فيه الربيعُ الخريف
فلتنصتى لوقعه، فى القلبِ منه حفيف
أم أن لحنه انطفى والشوق عاد كفيف؟
.

Tuesday, July 10, 2007

اليابان ـ بارت تو

سبق وكتبت جزء أول عن انطباعاتى عن اليابان بعد زيارتها والاقامة فيها لفترة
.
من كتر ما اليابان مميزة تركت فى نفسى العديد من الانطباعات والذكريات التى لا تنسى
.
ـ موضوع الأدب اليابانى ليس مبالغة، الناس هناك تتعامل ظاهريا بأدب شديد ودرجة عالية من الاحترام الغير، وهو ما يمكن ملاحظته فى أمور بسيطة مثل كمية الشكر الرهيبة وترديد عباراتها أكثر من مرة والانحناء الذين يصاحبون مثلا الخروج من محل ما بعد شراء بضاعة منهم، وعلى رأى أحد الاصدقاء أن الشكر الذى نلاقيه يعطينا الانطباع أن العشرين دولار التى دفعنا مقابلها بالين كانت المبلغ المتبقى لسداد ديون المحل وعدم الحجر عليه
.
كذلك من علامات الأدب أن يناولك الشخص شيئا بيديه الأثنين وليس بيد واحدة
.
ـ النظافة شىء مقدس، سواء النظافة الشخصية أو نظافة المكان، أرخص مطعم والذى تأكل فيه وجبة تتكلف 15 دولار أو أغلى مطعم متساويين من ناحية النظافة، وأنا يمكن لم أدخل أغلى مطعم ولكن تمت دعوتنا مرة فى رستوران فرنسى فخيم
.

ـ حادثة لن أنساها ,اقسم بأنه لا توجد ذرة مبالغة فيما أكتبه، مرة وأنا فى طابور شراء تذكرة المترو من الماكينة أن لاحظت أن احد الأشخاص السابقين على مايبدو نسى باقى الفلوس بعد شراء التذكرة ـ مكان نزول التذكرة من الماكينة هو نفس مكان نزول باقى الفلوس ـ كل الافراد الذين كانوا أمامى فى الطابور أو بعدى كانوا يزيحون النقود المنسية جانبا ويأخذوا تذكرتهم وباقى نقودهم فقط، بالنسبة لى ستظل هذه الحادثة أعجوبة
.
ـ التواضع صفة محببة جدا وموجودة بكثرة فى اليابان، وكذلك روح الجماعة، وأبسط مثال رأيته بنفسى أنه فى أوقات هطول الثلج كان جميع العاملين فى فرع البنك القريب من مكان أقامتى بما فيهم المدير يقومون معا بازاحة الثلج من أمام مدخل البنك، فكرة أن المدير ده شخصية كبيرة ومش مفروض يعمل كده مش موجوده فى قاموسهم
.
_ أحب بس الأشارة الى أن اليابان كمجتمع ليس مثالي كما قد يتخيل البعض، واليابانيون كانوا يقولون لى أنه نظرا لكونى ليس من أهل البلد فلا أستطيع أن ألمس ما يعانونه، ولكن مع ذلك بجد رأيت فى اليابان ايجابيات تفوق الوصف وكم أخلاق وذوق وتهذيب واحترام فى التعامل أكثر من رائع
.
ـ بالنسبة لشكاوى اليابانيين من مجتمعهم وجدت أنها تتلخص دائما فى الآتى
الضغط النفسى المستمر من كثرة العمل والرغبة فى الاجادة
الضغط النفسى من تقديس اليابانيين لعادات وتقاليد تدعو للانصياع مع قيم المجتمع ككل ومنها احترام شبه مقدس للأقدم والأكبر سنا والأكثر خبرة الخ
المعاناة من صغر المساحات فى كل شىء بدءا من المنزل
.
ـ من ذكرياتى فى اليابان هناك حادثة طريفة بصراحة ترددت قبل كتابتها، يعنى يمكن يراها البعض خارجة شوية أو تخرج عن الأطار الذى أحب أن تكون مدونتى عليه، ولكن بعد شوية تفكير قلت فى نفسى إذا كنت حكيتها لأصدقائى الذين يعرفونى شخصيا، فمن الهبل أن أخجل من ذكرها ليقرأها اصدقاء النت وبقية قراء المدونة، وهاهى

قبل سفرى كان لى صاحبة صايعة شويتين عندها بوى فريند نقول مثلا أسمه عادل ـ متزعليش يا كتكوته لو قريتى الكلام ده ـ ، المهم لما عرفت أنى هسافر اليابان جت ودار بينا الحوار ده
.
هى: أنا قلت لعادل على موضوع اليابان وسفرك وهو بصراحة قاصدك فى خدمة من هناك بس خايف يكون بيتقل ولا حاجة
أنا: بقى ده أسمه كلام، عادل بيكسف منى؟ بس أمرى لو حاجة أقدر أعملها طبعا مش هتأخر
هى: هو أصله عايزك تشترى له كوندوم فوسفورى
أنا بذبهلال: نعم؟
هى: آه واقى ذكرى فوسفورى يعنى من النوع اللى بينور فى الضلمة، هو بيقول أنه قرا عنه أنه موجود فى اليابان بس
أنا: انتى طبعا بتهزرى، عايزانى أدخل صيدلية وأقول لهم فيه كوندوم فوسفورى، طبعا يعنى انسى انتى وسى عادل بتاعك
هى: لأ، ما هو قال أنه الحاجات دى مش بتبقى موجوده فى الصيدليات، دى عادتا بتبقى فى السكس شوب
أنا: كمان؟ لا دا انتوا خرفتوا انتوا الاتنين، سورى طبعا مقدرش
.
المهم سافرت اليابان وفى المجموعة اللى كانت معايا اتلميت على شخصين كنت معاهم طول الوقت، واحدة بنت أسمها كارمن من بيرو فى أمريكا اللاتينية وشاب أسمه ريكاردو برضه من الاكوادور فى أمريكا اللاتينية، دول كانوا أقرب ناس ليه لان اللاتين فيهم خفة دم وروحهم زى روحنا المصرية ولكنهم بشكل عام مرحيين أكتر مننا بكتير وبيحبوا التهييص والفرفشة زى عنيهم
.
على فكرة كان فيه أخ شنف مصرى فى المجموعة بس ده حكايته حكاية وعمل مرة مشكلة صغيرة تستاهل تتحكى لوحدها، وأنا طبعا كنت بحاول أتجنبه بقدر الإمكان لكن فى حدود الذوق والادب
.
المهم كارمن وريكاردو دول كانوا آخر صياعة ومالهمش كبير، مرة طقت فى دماغهم نروح الرد زون أو منطقة الليل فى طوكيو وأسمها شنجيكو، ولما قلتلهم مش خطر، ريكاردو قالى ان المنطقة مافيهاش أى خطورة وأننا مجرد هنمشى فى الشوارع الهايصة هناك مش أكتر
.
واحنا ماشيين افتكرت الاخت بتاعة الفسفورى، فحكيت لهم الحكاية بضحك، لقيت ريكاردو قاللى طب وفيها أيه ندخل أى شوب ونسألهم، طبعا كارمن العسولة ما صدقت حاجة فيها تهييص وضحك ووافقت على طول، قمت قلتلهم أنا كمان: آه عادى نسأل طب ومالو
محبتش بقى أعمل فيها سهير البابلى فى ريا وسكينة وهى بتقول يا كسوفى يا كسوفى
.
دخلنا الشوب وابتدا ريكاردو يتكلم مع الراجل اليابانى واكتشفنا ان معلوماته فى الانجليزى أقل بكتير من معلوماتى فى لغة شمال الصين فى القرون الوسطى، يعنى حتى كلمة كوندوم مفهماش بس فين وفين ريكاردو اللى دمه بجد شربات وصل معاه لحد ما فهمه كوندوم، جه بقى الدور على كلمة فوسفورى، شمال يمين الراجل مش فاهم احنا عايزين أيه، قام ريكاردو مشاور له تحت عنده وقال له: لايت لايت، طبعا لو تشوفوا التعبير على وش الراجل كان يساوى ميت مليون يورو، طبعا قالك دول جماعة بيرفرتيد ـ أى منحرفين ـ نور أيه اللى عايزينه ينوروه تحت
.
خرجنا من المحل واحنا فطسانين على روحنا من الضحك ومهما أوصف الموقف ده عمل فينا أيه ساعتها كنا ههنقع على الأرض كل ما نفتكر منظر الراجل، أنا بطنى بجت وجعتنى يومها من كتر الضحك وقلت الحادثة دى بالسفرية بحالها، ولحد دلوقتى بضحك لما بفتكرها
.
أيييييييييه ذكريات
والسلام ختام

Monday, July 9, 2007

أدونيس حين يعلن العصيان


أيها الجد الذى أعتزلُ الآن طريقه
.
حسناً، أنت الذى تسكن فى جرثومة الماء وأطباق السماءْ
.
ومن الحكمةِ أن تمشى، كما تمشى، شموخا للوراءْ
.
ولأنتَ السرُ والمملكة المكتنزةْ
.
بالنبوات، أنا العاجزُ عن فهمك والسادرُ فى الغى وأنت المعجزةْ
.
.
أيها الجدُ الذى أرفضه الآن وأحببت الخليقةْ
.
باسمه الخالق، لن تعرفنى بعد ولن ينسبنى شىءٌ إليكْ
.
غير ذاك الطلل الراسب فى نفسى يَبكينى ويُبكينى عليكْ
.

الشتائم وأصحابها

موضوع الشتائم فى ردود المعلقين فى المدونات
.
حقيقي لا أفهم سبب ترك بعض المدونين لتعليقات تتضمن شتائم موجهة لهم وللموضوعات التي يطرحونها فى مدوناتهم
.
هناك مدونات أصاحبها أصلا يزينونها بالشتائم والأسلوب التهكمي، لذا فليس من الغريب أن تتضمن الردود أيضا سبابا متبادلا، وهذا أمر لا يدهشني فهم أرتضوا هذا الشكل لمدوناتهم وهم أحرار
.
ولكن مدونات أخرى تتضمن عرض لوجهات نظر أصحابها والتي قد لا ترضى آخرين لسبب ما ديني أو سياسي الخ، فتبدأ ردود تتضمن سباب وشتائم
.
لماذا يترك أصحاب هذه المدونات الشتائم موجودة فى مدوناتهم؟
.
هل الدافع هو إيمانهم بحرية التعبير والديمقراطية؟ فى رأيي هناك قاعدة بديهية ـ من وجهة نظري ـ تقول لا حرية لمن لا يؤمن بالحرية، فإذا آمن شخصا ما بأنه ليس من حقي أن أمارس حريتي فنفس الشخص أيضا ليس له الحق فى التمتع بالحرية التي يحرمني منها لدافع ما. هذه القاعدة ليست جديدة فهي جزء من أسباب تجريم أحزاب متطرفة مثلا وعدم القبول بدخولها فى أية عملية ديمقراطية فى العالم الغربي عملا بالمبدأ أن لا ديمقراطية لمن لا يؤمن بالديمقراطية، وهذا المبدأ هو أيضا أساس الخوف من مشاركة أحزاب أو جهات لا تؤمن بالتنازل عن السلطة للغير عند إجراء انتخابات نزيهة فى دولة ما
.

إذا كان وجود هذه الشتائم هو بهدف إثبات عجز وعدم تحضر من يكتبها، فاعتقد أن الترك أيضا لن يصيب الهدف، فمن هم الذين نريد أن نثبت لهم عجز وعدم تحضر أصحاب هذه الشتائم؟ بقية القراء إما مع أو ضد أراء صاحب المدونة، وترك الشتائم كما هي لن تزيد اقتناع المؤيدين ولن يقلل من هجوم المعارضين، بل أن وجود الشتائم سيترك لدى أصحابها شعور بالزهو من أنفسهم بوجود شتائمهم التي يظنوها قنابل موجهة إلى بعض أصحاب المدونات
.
طبعا هناك تكنيك آخر هو ترك الشتائم وعدم الرد عليها لكي يشعر من كتبها بالغيظ لتجاهله، وهو أسلوب قد ينفع، ولكنى بصراحة لست من أنصاره
.
لم أكن أتخيل بجد أنى فى يوم قد ألغى تعليق ما، لإيماني بأن من حق كل فرد إبداء الرأي، ولكن الشتائم شئ وإبداء رأى مخالف أو حتى رأى هجومي شئ آخر. وأنا الآن مع حذف الشتائم قلبا وقالبا دون أية إحساس بالذنب
.

Sunday, July 8, 2007

عصفور الهواجس

أفتح الآن زجاج النافذة
.
علنى أطلق عصفور الهواجس
.
علنى أترك وجهى صرخة فى
.
عذبات النخل، أو وشما على حائط مبكى
.
أو دما مشتعلا فوق وسادة
.
أو سياجا مشرعا من زهرات الشوك
.
فى وجه الرياح المستعادة
.
.
محمد عفيفى مطر

جريمة

أعشق القراءة فى التاريخ منذ صغرى، فهو بالنسبة لى سلسلة حواديت وقصص لا تنتهى كما أنه يتقاطع مع الكثير من علوم المعرفة الأخرى كالاجتماع والاقتصاد والسياسة
.
أعشق على وجه الخصوص تاريخ مصر فيما يمكن أن يطلق عليه العصر الاسلامى، فهو قريب نسبيا ومن ثم أستطيع أن أتلمس تداعيات وآثار ملموسة له فى الحياة المعاصرة. ورغم أن كثيرين مفتونون بالتاريخ الفرعونى الا أن جذوره الضاربة فى القدم وغموضه مقارنة بالتاريخ الأسلامى يجعله بالنسبة لى أبعد عاطفيا
.
هناك شخصيات صغيرة فى التاريخ قد لاتكون ذات تأثير وكانت شبه كومبارس على ساحة الاحداث ولكنها تركت فى نفسى تأثيرا ربما لأن هناك دور نسانى ما أو أن حياتها كانت درامية بدرجة كبيرة
.
من بين هذه الشخصيات فتاة عمرها سبعة عشر عاما لم يكتب الكثير من المؤرخين عنها باستثناء واحد أو أثنين أهمهم الجبرتى مؤرخ الحملة الفرنسية
.
هى زينب خليل البكرى أبنة نقيب الاشراف الشيخ خليل البكرى والذى وصفت المراجع بأنه كان متعاونا مع الفرنسيين
.

زينب وفقا للمراجع فتاة جميلة انبهرت بالفرنسيين وأسلوب حياتهم فخرجت عن تقاليد مجتمعها وأرتدت ملابس كالسيدات الفرنسيات كاشفة وجهها ومتزينة وخالطت المجتمع الفرنسى
.
زينب كانت أيضا على علاقة بنابليون بونابرت وكانت تزوره فى مقر اقامته فى قصر الألفى
.
عقب خروج الفرنسيين ثار الرجال على زينب وذهبوا الى منزل والدها متهمين أياها بالفسوق الخ فقال لهم والدها: أقول إنى برىء منها
.
قام الرجال بخنق زينب حتى الموت فى منزلها أمام والدها الذى لم يحرك ساكنا
.

حياة قصيرة غير تقليدية ودرامية لأقصى حد، فزينب كانت ضحية لأنبهارها بالغرب وتقليدها لهم ـ علما بأنه بعد مائتين عاما لازلنا منبهرين أو لنقل معجبين لمن لديه حساسية من كلمة إنبهار ـ زينب كانت أيضا ضحية لمجتمع مكوناته فى ذلك الزمن هى الجهل والتخلف والشعوذة، ضحية لأب لم يخالفها حين كان من مصلحته أن يصمت ثم حين خاف على نفسه تبرأ منها، وربما أخيرا ضحية عشيق لم يبذا ما يستطيع ليجنبها ما يمكن أن تلاقيه من بعده
.
هل ياترى لو تكررت ظروف شبيهة الآن، هل وكيف سيختلف جزاء زينب ؟
.

Thursday, July 5, 2007

ثانيا: الحب والعذاب

الحب والعذاب قالا لى: خذينا نحن توأمان
جرحان ضائعان
أو وترا كمان
فضمدينا بالاغانى، دثرينا بالقبل
وأسكنينا الأبد الضائع فى صمت المقل
.

.

والحب والعذاب قالا لى: أحبينا فنحن عصفوران
من غابة الضياء والأحزان
نحن شراع مركب مضيع، ونحن ميلادُ حياةٍ وطلل
الأمل الطرى فى أكفنا أكفان
والحزن تفاح وجرتا عسل
والشعر فى شفاهنا نهران
عذوبة الملاك فينا، ولنا شراسة الشيطان
ونحن قبرٌ وصباحُ، مرثيات غزل
ووجهنا تارة تموز
!وتارة نيسان
نازك الملائكة