Sunday, May 25, 2008

ألغاز صغيرة

ألغاز صغيرة ليست ذات أهمية ولكن لأنها الغاز فقد ظلت عالقة بالبال

اللغز الأول
.
حقيبة ورقية خاصة بى تضم:
بلوفر أخضر فى أبيض جديد بالتيكت غالى الثمن
حذاء رياضي قديم
ثلاثة كتب
عدد من شرائط الموسيقى
بلوزة مستعملة

مرت الحقيبة بين أيدي ثلاثة أشخاص هم صديقتي المقربة هدى وزميلي نديم وزميلتي الجميلة ذات العيون الخضراء سميرة، وحين عادت حقيبتي إلى بعد سفري لمدة شهر اكتشفت عدم وجود البلوفر
سألت هدى بصراحة لأنها الأقرب فقالت أنها لا تعلم ولم تفتح أساسا الحقيبة لترى ما بداخلها لأنها كانت على جدول الطيران وأرادت تركها لسميرة فلم تجدها، وقد أعطتها لنديم ليسلمها لاحقا لسميرة، سألت نديم ـ دون ذكر ضياع البلوفر ـ فقال أنه أخذ الحقيبة من هدى وظلت معه ليومين وأعطاها لسميرة فورا بعد وصولها، سميرة قالت أنها أخذت الحقيبة من نديم وبقيت عندها حتى أعطتها لهدى مرة أخرى لتظل معها حتى عدت أنا من سفري واسترددتها

لا أكاد أصدق أن واحدا من الثلاثة سرق البلوفر
هدى مستبعدة تماما، نديم ماذا سيفعل به؟ يعطيه لخطيبته مثلا؟؟ افتراض مضحك، سميرة الجميلة ذات الدم الخفيف؟؟ ولما؟ ينقصها مال أو ملابس؟؟ طبعا لأ
ـــــــــــــــ
.
اللغز الثانى

نفس الصديقة هدى
جمال كان معجب بها ولكنها أوضحت له بكل ذوق أنها غير مهتمة
حسين أعجب بها وعرف كيف يصل لقلبها، واتفقا على عدم إعلام أى شخص حتى التأكد من الخطوة التالية، وكنت أنا الاستثناء الوحيد لصداقتي بهدى، ثم بدأ حسين مع الوقت يدعى أنه اكتشف عدم ملائمتهما لبعض وقرر إنهاء العلاقة رغم الم هدى الشديد

لم يكن بينى وبين جمال استلطاف كبير رغم خفة دمه، فى حين كنت اقدر حسين وأرى فيه صديقا ذا شخصية مميزة ولكن إنهاءه لموضوعه مع هدى بهذا الشكل جعلني في حالة استياء منه

فى حديث بينى وبين جمال ورد اسم هدى فقال لى:
ـ حالتها عاملة ايه بعد ما حسين قلبها بالمنظر ده؟
ـ قلبها؟ بتتكلم على ايه؟
ـ متعرفيش انهم كانوا ماشيين مع بعض وبعدين حسين سابها؟
ـ لا معرفش ومين قال لك الكلام ده؟
ـ هو حسين نفسه حكالى وقالى انه كان أساسا بيتسلى

لم اصدق ما اسمعه وذهبت فورا لحسين ولمته على كلامه عن هدى بهذا الشكل فلم يرد وأخذني من يدي في لحظتها لجمال وقال له أمامي

ـ انا جبت سيرة هدى معاك فى اى موضوع؟
ـ آه وقلتلى انك كنت بتتسلى وسبتها
ـ انت كداب الكلام ده محصلش
ـ لا انت اللى كداب والكلام ده حصل

الموقف غريب فالاثنان أمامى يكذّبان بعضهما بثقة مائة بالمائة وأنا لا اعلم من الصادق ومن الكاذب
.
ـــــــــــــــــ
.
اللغز الثالث

مديحة تعرفت عليها فى إحدى المناسبات، ظللنا نتحدث لأكثر من ساعة، مصرية تربت فى كندا وأنهت دراستها هناك ثم تزوجت مصري مهاجر أيضا، ثم تولى زوجها إدارة فرع شركة كندية كبيرة فى القاهرة فعادت لمصر، عندها ولد وبنت

أحسسنا بكيمياء بيننا، ثم تقابلنا بعدها بيومين وكنا نتحدث فإذا بها تذكر فى طيات الحديث أنني قمت بعمل دراسات عليا من الخارج، فسألتها كيف عرفت بهذه المعلومة، فأجابت أنني أخبرتها بذلك فى لقاءنا السابق
أقسم أنني لم أذكر أبدا موضوع دراستي بالخارج فى لقائنا السابق، ولا يوجد بيننا معارف مشتركة يمكن أن تكون قد علمت منهم، حتى لو علمت من آخرين ما يدعوها للادعاء أننى قلت لها؟؟ لا أعرف، ولكن فى النهاية وضعت احتمال جزء جزء من الصفر أن أكون قلته فقط لكى يستريح عقلي

هذا الموقف لا يعد شيئا مقارنة بما حدث بعد ذلك

اتفقت أنا ومديحة أن نتقابل يوم الخميس وسأتصل بها مساءا لتحديد المكان والوقت، ولكنى نسيت تماما الموضوع وكنت في زيارة لشقيقتي فى مصر الجديدة مساء الخميس وفى طريق عودتي للمهندسين تذكرت فاتصلت وكلى حرج واعتذرت عن عدم اتصالي ولكنها دعتني لزيارتها فى المنزل وقالت أن زوجها مسافر وأن أولادها ناموا بالفعل، حاولت الاعتذار لتأخر الوقت وازدحام الطريق من مصر الجديدة ولكنها أصرت وأعطتني العنوان، وقبل وصولي بدقائق اتصلت بها مرة أخرى وقلت لها أنى تقريبا أمام العمارة

شقة واسعة وجميلة على النيل، مفروشة بعناية ستايل أمريكي، وجدت مديحة ترتدى جينز وتى شيرت وجلست أنا على كنبة حمراء وأمامي النوافذ الزجاجية الواسعة التي تسمح برؤية أضواء النيل، وسألتني ماذا أشرب فأجبت عصير

جلست وحدي انتظر عودتها بالعصير فى الشقة المظلمة الهادئة جدا ثم بدأت ألاحظ في الزجاج أمامي أن هناك انعكاس لخيالين فى الزجاج، مما يعنى أن خلفي بمسافة ما شخصين وليس فقط مديحة رغم عدم صدور أي صوت يدل على وجود شخصين

سألتها حين عادت:
ـ فيه خيال حد فى القزاز ده مين؟
ابتسمت مديحة وصمتت لثوان ثم قالت:
ـ ده عفريت

لم ادر هل تمزح أم تتحدث بجد فسألتها:
ـ لا بجد مين؟
ـ ده جوزى
ـ هو جوزك هنا؟ انتى مش قلتى مسافر؟ انا آسفة أكيد عملتلكو إزعاج فى الوقت المتأخر ده
ـ لا أبدا لو فيه إزعاج كنت قلتلك

شربت العصير وبعدها بخمس دقائق استأذنت ونزلت رغم أننا كان من المفروض نسهر
الموقف غريب
ـ لماذا تدعى ان زوجها مسافر وهو موجود؟
ـ لماذا يتحرك زوجها خلفي مع تعمد عدم صدور أى صوت منه، ولا أقول طبعا لماذا لا يأتي ويسلم
ـ إذا لم يكن هذا الشخص زوجها مثلا فقد كان لديها الوقت الكافي لتجعله يخرج قبل وصولي
ـ لو عاد زوجها من السفر أو لو أن هذا شخص آخر لماذا تصر أنى أزورها رغم أنى نسيت الموعد أساسا وحاولت الاعتذار عن الزيارة والوقت متأخر؟
ـ في ردها على لم تبرر مسألة وجود زوجها ولكنها حولت الحديث إلى أنى لم أسبب لهما إزعاج، أي أنها تعمدت عدم توضيح الموقف

لو لم تكن مديحة وزوجها من عائلة معروفة ومنصب زوجها هام، لتخيلت نية سيئة، ولكن المظهر الخارجي لها ولمستواها يتناقض مع أية أفكار أخرى محتملة

اتصلت بى مديحة بعدها بأسبوع وسألتني لماذا اختفيت، ثم اعتذرت عما حدث يوم الخميس، لم افهم عن أي شيء تعتذر بالضبط ولكنى لم أرد فتح الموضوع مرة ثانية، فادعيت أن هناك مشاغل وأننا سنلتقي قريبا مرة أخرى

لم أتصل بعد ذلك ولم تتصل هي
.

Saturday, May 17, 2008

كليشيه ذكوري مصري وأشياء أخرى


قرأت هذه المعلومة الطريفة التي لم أكن أعرفها
هناك مطار فى شمال انجلترا مر به الفيس بريسلى ترانزيت فى طريقه إلى ألمانيا مرة واحدة، وهى المرة الوحيدة التي يقال ان الفيس بريسلى زار فيها ـ أو بالأدق وطأت أقدامه فيها ـ بريطانيا، وقد أقام مسئولو المدينة البريطانية نصبا تذكاريا فى المطار يقول أن الفيس بريسلى مر من هنا.
وقد تواترت أنباء غير مؤكدة مؤخرا أن هناك احتمال ان يكون الفيس قد زار لندن سرا خلال حياته، الا أن مسئولي المدينة البريطانية ومطارها قالوا طالما لا تأكيد لهذه المعلومات فستظل مدينتهم صاحبة التميز فى أن الفيس مر بها ترانزيت!

ليس قصدي من ذكر هذا الخبر المطالبة بالمزيد من الاهتمام والتقدير لفنانينا، لا، فهم بالفعل يتم رفعهم للسماء بحق أو بدون حق وليسوا فى حاجة للمزيد على جبال الإطراء الموجودة بالفعل في وسائل إعلامنا، ولكن الخبر أثار اندهاشي لأن تاريخ موسيقى الروك شهد دائما تنافسا ضمنيا بين بريطانيا والولايات المتحدة، ومع ذلك يبدو أن الموضوعية لدى الغرب أكبر بكثير مما يسمح به إدراكي/إدراكنا
ــــــــــــــــــ
.
من الأقاويل التى تثير بجد غيظي أن تلمح وسائل الإعلام أو بعض الشخصيات إلى أن نجاح أو مجرد عمل بعض الممثلات غير المصريات فى مصر هو نتيجة لعلاقات "مشبوهة" أو لأنهم يقبلون أدوارا لا تقبلها مصريات كما لو كانت النوعيات السيئة هى فقط لدى الغير، ولكننا كلنا ملتزمون وجادون و"ياعينى" هذا هو السبب أن فناناتنا لا يجدن فرص للعمل، بينما تحصل الأخريات الوافدات على هذه الفرص

اذا كان هذا هو المعيار، هل لا يوجد فى مصر فتيات هن أيضا على استعداد "للشبهة" أو لقبول أدوار معينة؟؟؟
طبعا لدينا هنا من يقبل ومن لديه استعداد فالمسألة ليست مصريات مؤدبات فى مقابل غير مصريات غير مؤدبات كما يحاول إعلامنا المتحيز تصويره
بصراحة كده الكلام ده فعلا بيفقعنى
ـــــــــــــــــــــ
.
انتهيت من قراءة رواية واحة الغروب لبهاء طاهر والتى حصلت مؤخرا على جائزة بوكر العربية، وكنت قبلها بفترة قصيرة قد قرأت رواية جمال الغيطانى شطح المدينة
للمصادفة وجدت أن هناك "تيمة" واحدة في الروايتين رغم أنها ليست الخط الدرامي الرئيسي فى أيا منهما، وهى تصوير المرأة الغربية التي تزور مصر وتنبهر "بفحولة" أحد الرجال المصريين لتظل أسيرة ومأخوذة بهذه الفحولة الأسطورية التي كانت تفتقدها طوال حياتها

عذرا

لماذا هناك دائما هذا الهذيان الذكورى المصري حول الشقراء التي تقع أسيرة لقدرات الرجال المصريين التي تخطت شهرتها الحدود وأصبحت عالمية؟؟!! لست فى موقع لأبدى رأيا في صحة أو عدم صحة هذا الرأي الذي يتداوله الكثير من الرجال المصريين، ولكن أسئلتي ببساطة هى كيف أتى هذا الهذيان ليستقر في عقلية الرجل المصري أو الكثير من الرجال المصريين ؟؟ كيف يعرف أي رجل مصري ماذا يفعل غيره من الرجال فى العالم حتى يقارن ويصل لرأى؟؟ ولماذا يردد الرجل المصري هذا الرأي في حين أنه من المفروض مثلا أن تردده المرأة وليس الرجل؟

الطريف أيضا أن هذا القول يأتي كثيرا من رجال عاديين أو متوسطي أو عديمي الثقافة مما ينفى معه حتى احتمال قراءتهم لسلوكيات الشعوب الأخرى مثلا أو سفرهم للخارج وتعرفهم على مجتمعات أخرى

مجرد ملحوظة تذكرتها بعد قراءتي للروايتين والكليشيه الذكورى المصري الذى صورته
.

Sunday, May 11, 2008

زجاج أسود ووسادة مبللة

عم فكرى
نوبي بشوش الوجه كعادة أهل النوبة، ضابط شرف في الجيش اعتدت أن أراه منذ سنوات عديدة كلما ذهبت عند خالي، كان يقص علينا حكايات ونحن في انتظار خالي حتى يفرغ من عمله،
من بين ذكرياته المؤثرة ما كان يحكيه عن حرب اليمن، أتذكر يوما ختم حديثه عن هذه الحرب الصعبة بالإشارة بيده إلى اليافطة الموجودة على مكتب خالي تحمل أسمه على خلفية زجاجية سوداء، وسألنا:
ـ هل ترون هذا اللون الأسود؟ والله لقد شاهدنا أياما أسود منه
الكلمة سكنت قلبي ومازلت أتذكرها كلما رأيت لوحة أسماء على خلفية زجاجية سوداء

ثم منذ سنوات ليست بالقليلة كنت أعمل فى مهنة أساسها السفر، وقد أتاحت لي هذه المهنة زيارة بلدان لم أكن أتخيل لحظة فى السابق أنى سأزورها
جمعتني الظروف مساء ما في هذا البلد البعيد البعيد بعدد من العائلات المصرية والعربية، ثم إذا برجل في حوالي الستين من عمره يدخل أثار شديد انتباهي لسببين: أولا آثار وسامته الشديدة التي جعلتني أتساءل كيف كان يبدو مثلا وهو في الثلاثين من عمره؟ وثانيا لأنه دخل المنزل وتتأبط ذراعه فتاة جميلة للغاية لا تتعدى الخامسة والعشرين وقدمها لنا على أنها صديقته
دار بيني وبينه حوار وحين علم بمصريتي بدأ يقص قصته والتي سأختصرها جدا فى هذا السياق رغم أنها تستحق الكتابة بتفاصيلها المثيرة فى بوست لوحده
هو فلسطيني ترك بلاده بعد حرب 48 وجاء لمصر لاجئا لم يتم العشرين من عمره، ثم شاهد فى أحدى الأفلام الوثائقية صورا لمدينة ريو دى جانيرو، انبهر بها وصمم منذ تلك اللحظة على الهجرة للبرازيل، ونظرا لفقره فلم يجد بديلا سوى العمل على إحدى السفن من ميناء الإسكندرية حتى وصل للبرازيل بعد عدة أشهر
أيامه وسنواته الأولى فى الغربة بلا مال ولا لغة كانت مريرة
وختم حديثه قائلا:شاهدت فترات سوداء، كم مرت على ليال كنت أبكى طويلا قبل نومي حتى تتبلل وسادتي تماما فأقلبها على الجهة الأخرى حتى أستطيع أن أضع رأسي عليها

لا أتذكر اسم هذا الرجل الآن ولكن أتذكر صورته وصورة صديقته وحديثة الخلاب عن ذكرياته بصراحة رغم عدم سابق المعرفة، كذلك أتذكر التناقض الخارجي الشديد بين مظهره وبين حكاياته

مرت أعوام ووقعت فى قبضة فترة صعبة من حياتي، كنت أتذكر خلالها عم فكرى وهو يشير للخلفية الزجاجية السوداء، وكذلك كنت أتذكر المهاجر حين أقلب أنا أيضا الوسادة كل ليلة على الجانب الآخر حتى أستطيع أن أسند رأسي عليها بعد أن تبللت تماما

Monday, May 5, 2008

مرثية إمرأة لا قيمة لها

ذهبتْ ولم يشحبْ لها خدّ ولم ترتجف شفاهْ

لم تسمع الأبوابُ قصةَ موتها تُروى وتُروى

لم ترتفعْ أستارُ نافذة تسيلُ أسىً وشجوا

لتتابعَ التابوتَ بالتحديقِ حتى لا تراه

إلا بقيّةَ هيكلٍ في الدربِ ترعشه الذكرْ

نبأٌ تعثّرَ في الدربِ فلم يجدْ مأوى صداه

فأوى إلى النسيانِ في بعضِ الحفرْ

يرثي كآبته القمرْ



والليلُ أسلمَ نفسَه دون اهتمامٍ للصباحْ

وأتى الضياءُ بصوتِ بائعةِ الحليبِ وبالصيامْ

بمواءِ قطٍ جائعٍ لم تبق منه سوى عظامْ

بمشاجرات البائعين، وبالمرارة والكفاحْ

بتراشق الصبيان بالأحجار في عرض الطريقْ

بمساربِِ الماءِِ الملوّثِ في الأزقةِ، بالرياحْ

تلهو بأبوابِ السطوحِِ بلا رفيقْ

في شبه نسيان عميقْ
.
.
نازك الملائكة

قناعات مذبذبة

بعض الأمور والقضايا جادة كانت أم تافهة أظل أقلبها في رأسي على أمل أن أصل إلى قناعة أو رأى محدد بشأنها فلا أستطيع، ابدأ برأي ما أراه الأقرب للصواب ثم أقرأ رأيا مخالفا يقلب قناعاتي أو أؤمن بصحة الرأي نظريا لكنه يتعارض مع أفعالي التى أيضا أنا على اقتناع بها ، وينتهي بى الأمر بتعليق الرأي النهائي طافيا دون مرسى

حين قرأت عن أبو تريكه وتعاطفه مع غزة، أحسست أنها إيماءة جميلة متضامنة من لاعب مصري لأهالي غزة وما يعانونه وسط صمت ولامبالاة، ثم قرأت أراءا أخرى عديدة ترى أن هناك جبال من الهموم والمشاكل فى مصر تحتاج لإلقاء الضوء عليها ودعوة الناس لحلها، مما يجعل تناول وضع خارجي ـ حتى ولو كان للجيران ـ هو عمل خاطئ وعدم إدراك للأولويات، وبصراحة وجدت أيضا أن هذا الرأي له وجاهته ومنطقه، فلا تعنى أولوية إلقاء الضوء على مشاكلنا أننا لا نهتم بمشاكل الآخرين وخاصة الشعب الفلسطيني، ولكن أن نفضل إبراز قضية للآخرين فى حين أنه كان يمكن جذب الانتباه لإحدى قضايانا منطق أيضا يستحق التفكير
الموقفان فى نظري منطقيان ورأيي معلق بينهما

أحب الحيوانات الأليفة خاصة الكلاب، وحين أربى كلاب فان الاعتناء بهم ضروري من طعام خاص ورعاية طبية ومستلزمات كالطوق وفرشة الشعر الخ، وفى مصر كنت اتفق مع أحد البوابين للخروج بالكلب في ساعة محددة كل يوم مقابل أجر مادي
المهم بعض الناس حين يرون ما أنفقه ينتقدوني بشدة موضحين أن هذه المبالغ الشهرية يمكن صرفها فى أوجه إنسانية وما أكثرها
بصراحة حين أسمع هذا النقد أشعر بنوع من تأنيب الضمير، ولكنى أعود وأقول أنني بالفعل والحمد لله أؤدي فرض الزكاة والصدقة ، أي لا أقصر فيما نحن مكلفين به، ولكن الحيوانات أيضا لها روح وإذا لم تجد أناس تعتني بها فمن سيعتني بها؟؟ خاصة الكلاب لأنها مخلوقات تشعر وتتألم وتفرح ودون مبالغة أشعر أنها فى مشاعرها أحيانا كالإنسان
أشعر بوخز حين أسمع كلام بعض الناس في هذا الموضوع ولا استطيع لوم من ينتقدني، ولكنى في نفس الوقت أحب الاعتناء بالحيوانات وأبرر لنفسي حقي وعدم خطأي
لكل من الموقفين صحته ومنطقيته فى نظري
.
من جهة ثانية أسأل نفسي دائما عن صحة تأييد/تشجيع/نصيحة/ أو حتى إبداء الرأي بضرورة اتخاذ
الآخرين خيارات صعبة، فى حين أنى لا استطيع أنا نفسي تبنى هذه الخيارات

مثلا
أرى التظاهر أسلوب فعال للإعراب عن رفض الأوضاع، ولكنى لا أستطيع المشاركة فى المظاهرات لأن شخصيتي لا تتحمل التبعات المحتملة للتظاهر، فهل يحق لي تشجيع الآخرين؟

لا استطيع المشاركة فى إضراب ما خوفا من فصلى من عملي، فهل يمكن أن اكتب أو أعرب عن تأييدي للإضراب رغم اقتناعي بحق وجدوى الإضرابات بشكل عام؟

حين نتحدث عن القضية الفلسطينية أجد كثير من الناس ينتقدون أية أطراف فلسطينية تقبل بما هو أقل من الآمال المعروفة للشعب الفلسطيني، ولكن أسأل نفسي هل يمكن أن "أحاضر" بعدم قبول حلول مهينة وأشدد أنه علي الفلسطينيين مواصلة الكفاح والتعرض للموت والحصار وأنا فى منزلي وعلى مقعدي الوثير وأمامي عصيري المفضل و شاشة النت أو التليفزيون ؟؟
.
أشعر بالنفاق إذا دعوت إلى ما لا استطيع ـ لقصور في شخصيتي ـ القيام به، ولا اعرف كيف التوفيق أحيانا بين ما أراه نظريا سليم، وبين التصرف إزاء العجز أو عدم الرغبة فى تحويل القناعات النظرية لواقع
.