Sunday, December 30, 2007

بين عام وعام




يا عام لا تقرب منازلنا فنحن هنا طيوف
من عالم الأشباح ينكرنا البشر
ويفر منا الليل والماضى، ويجهلنا القدر
ونعيش أشباحا تطوف

نحن الذين نسير لا ذكرى لنا
لا حلم، لا أشواق تشرق، لا منى
آفاق أعيننا رماد
تلك البحيرات الرواكد فى الوجوه الصامتة
ولنا الجباه الساكتة
لا نبض فيها ، لا اتقاد

نحن العراة من الشعور، ذوو الشفاه الباهتة
الهاربون من الزمان الى العدم
الجاهلون أسى الندم
نحن الذين نعيش فى ترف القصور
ونظل ينقصنا الشعور
لا ذكريات
نحيا ولا تدرى الحياة
نحيا ولا نشكو، ونجهل ما البكاء؟
ما الموت؟ ما الميلاد؟ ما معنى السما؟

قصيدة مفعمة باليأس كتبتها نازك الملائكة منذ عشرات السنوات، أما عامى القادم فلست بهذا التشاؤم إزاءه
عامي الذي يلملم بقاياه قبل أن يوصد من خلفه الباب كان إجمالا عاما عاديا شهدت بدايته خيبة أمل قوية أحاول حتى الآن التأقلم معها، أو ربما تأقلمت بالفعل لولا بقايا من "لو" تتحرش بى أحيانا

العام أيضا شهد إقامة قصيرة في مصر ثم سفري للخارج، أكره الحياة في القاهرة وأنا هناك، واشتاق إليها أحيانا وأنا بعيد عنها، أعتقد أنها حالة الكثير من المغتربين، ومع ذلك في الخارج نرى كل شيء ونقارن، ولا تأتى النتيجة لصالح مصر في العادة ولكن أعود ويشدني الحنين للمشاعر الحلوة مع الأهل والأصدقاء ويغلف رؤاي واشتياقي بحلم وردى

مع العام الجديد اردد دائما أن أجل ما أتمناه/نتمناه هو الصحة لمن أحبهم ولى، فدونها يقزم كل شيء مهما كان بريقه السابق

أمنية أخرى شخصية خالصة ومخلصة ـ إلا قليلا ـ وهى أمنيتى ألا أقع في الحب، نعم هذه أمنيتي! لهذا العام؟ العام التالى؟ إلى الأبد؟ لا أدرى ولكنى فقط أقول أن أسوأ ما يحدث أن يأتينا الحب فى وقت ليس وقته ولا وقتنا!

أتمنى أيضا لو كنت أكثر تماسكا وتحكما فى دموعى

هل لدى أمنيات أخرى؟

لا أتذكر ولكن

لدى بعض رسائل لم تسنح لى الظروف ـ أو الشجاعة أو الرغبة ـ أن أقولها وجها لوجه لمن هى موجهة إليهم ولكنى سأجد الآن بعض الراحة فى مجرد تفريغها من قلبى مع نهاية هذا العام

ي: اقتربت أنا من النهر ولكن لم ألمسه رغم أنك كنت فيه ويدك تشير إلى أن أتبعك، العيون الزرقاء باهرة الجمال والنفاذ ولكن مشاعرك وأحاسيسك أجمل وأنقى وأكثر نفاذا واختراقا

م: مفاجأة أنه بعد هذه الأعوام شاهدت صورك الأسبوع الماضي على الفيس بووك، الحمد لله أن قلبي لم يعد يرجف

خ: رسالة وصلتني قبل أيام من مغادرتي للقاهرة، قرأتها قلبتها ثم وضعتها في الدرج، بعض التصرفات مهما كان صدقها تأتى متأخرة بشكل يجعلها كما لو كانت زائفة

ن: حين أرى ابتسامتك يصغر يصغر كل شيء آخر فى الحياة مهما كبر

وكل عام وكلنا بخير

.

.


اللوحة للرسام الهولندى فون مينزيل

Monday, December 24, 2007

خلوة

منذ سنوات عديدة لا استطيع أن يمر يوم ـ ربما الآن أصبحوا أيام ـ دون أن أمضى على الأقل ربع ساعة وحدي، للاشيء، مجرد خلوة ومحاولة تفريغ قلبي وعقلي من المشاغل اليومية والانشغال بالآخرين سواء كانوا عائلة أو أصدقاء أو زملاء
.
ربع أو نصف ساعة أشبه بمربع وهمي أبيض أخطه على الأرض وأقبع بداخله كمنطقة خالية من الهموم والتساؤلات المصيرية مثل ماذا سأفعل بحياتي، أو التافهة مثل هل انتهت قطعة الجبن القريش ومتى سأشترى مخزوني للأيام القادمة
.

ما أجمل أن تكون هذه الخلوة في الليل، وأن تكون الإضاءة جانبية وضعيفة، أكره الأنوار الساطعة، تشعرني أنها ستصيبني بالعمى، الإضاءة الساطعة قبح يكنس من أمامه الظلال، يخرس الحديث المبهم بين الشيء وظله، ويقطع التدرج بين العتمة والنور. الضوء الساطع يمحى ببروده وعريه الألف معنى وراء كل معنى وراء الأشياء
.

لو كان الليل إضاءته ساطعة فلما وجوده؟
.

وما أجمل أن تكون هناك موسيقى أو غناء فى هذا المربع الأبيض، بيللى هوليداى أو أريثا فرانكلين في بداياتها أو فيروز وهى في خوفها تتوسل أن يمنحها خمس دقائق فقط لتستمع للموسيقى، رغم أنى لا أفهم لماذا تتوسل له أن يمنحها هذه الدقائق قبل أن يرحل ، ربما تريده أن يبقى معها وتتحجج بموسيقى يسمعانها معا..منتهى اليأس

ويمكن حبك جد بس أنا تعبانه
.
أتذكر خلوة قضيتها مع نفسي منذ سنوات في الغرفة ذات النوافذ الزجاجية الدائرية والواسعة للغاية كما هي العادة في ذلك البلد الأوروبي الذي يفتقد الشمس على مدار العام، وبينما أنا في حالتي هذه بين النوم والاستيقاظ ، بين الوعي واللاوعي، بين الإرادة والسلبية، والرغبة واللامبالاة، إذا بالثلج يبدأ في التساقط
.
للحظات لم أصدق عيني فأسرعت بإزاحة الستائر البيضاء الخفيفة تماما وإطفاء ضوء الاباجورة، وجلست على الكنبة الزرقاء لأشاهد أمامي شاشة ضخمة أو قبة سماوية تملؤها نتف الثلج البيضاء في أجمل منظر رآه قلبي، وغبت معه لأصبح أنا أيضا فتفوتة تلج بيضاء تسبح مع الأخريات لا الجاذبية ولا الرياح استطاعا شدها إلى حيث لا ترغب، فظلت في الفضاء عالقة بإرادتها، وتمسك زمام موقفها
.
رغم السنوات مازالت تلك اللحظة حية وسعادتها دافئة ككوب لبن ساخن وضعته جانبا لكن مازلت أشعر بحرارته في راحتي، أو حية مثل تلك الذكرى البعيدة حين أسندت رأسي على ذلك الكتف في السيارة ومازالت رائحة البارفان في أنفى حتى اليوم
.
أحتاج إلى هذه اللحظات الوحيدة مهما كانت مشاغلي، في الماضي كانت يوميا والآن على الأقل كل عدة أيام، أتعجب ممن يسعدون بيوم مشغول على مدار الأربع والعشرين، أما أنا فعدم وجود لحظات سكينة مع نفسي أشعر أنها تستنفذ روحي وتأكلها
.
.

Monday, December 17, 2007

ثلاثة

:صديق مقرب جدا، أوروبي، عاش في مصر لعدة سنوات، له ثلاث أذواق/أراء أندهش لها
.
.
أولا
ــ جامع الأزهر من الداخل أجمل لديه من مسجد الحسين
.
ولا أستطيع فهم ذوقه، فمسجد الحسين باتساعه وإضاءته الجميلة وسجاجيده الوثيرة كلها تمنحني الشعور بالرهبة والجمال والخشوع، فى المقابل أرى في جامع الأزهر تقشفا واضحا، وتهالكا كما لو كان يحتاج لترميم، ولكن صديقي يرى فيه جمال عبق التاريخ أكثر مما يحسه في بهاء مسجد الحسين
.
.
ثانيا
ـ إذا كان لسائح يوم واحد فقط في القاهرة فزيارة المتحف المصري أولى من زيارة الأهرام
.
نعم أفهم أن المتحف مليء بالروائع ولكن الأهرامات هي الأهرامات ولو كان هناك يوم واحد للسائح فالأولوية الأكبر ـ من وجهة نظري ـ أن يرى أحد عجائب العالم
.
.
ثالثا
ـ المواطن المصري العادي متحفظ بدرجة ما فى التعامل مع الأجنبي
.
اندهشت حين سمعت منه هذا الرأي، ولكن صديقي عاش فى سوريا عدة أعوام أيضا ودلل لي على رأيه بالمقارنة بين المواطن السوري البسيط ونظيره المصري قائلا أنه من العادي بعد حديث يطول أو يقصر مع فرد سوري أن يدعوه الأخير إلى المنزل لشرب كوب شاي مع عائلته مهما كان تواضع المنزل، ولكن في مصر لم يحدث أن تعرف على مواطن بسيط ووجه له هذا المواطن الدعوة لزيارة منزله، في اعتقاد صديقي أن الدعوة للمنزل لدى المصري أمر له خصوصيته أو ربما يخجل من تواضع منزله وفى كلتا الحالتين فهذا نوع من التحفظ
بعد شعوري الأول بالاندهاش للرأي وجدت فيه منطقية كانت غائبة عنى فيما يتعلق بدعوة الفرد المصري البسيط لشخص غربي لمنزله
.
.

Saturday, December 15, 2007

أمواج


عدْ....بعضُ لقاءْ
يمنحنا أجنحةً نجتازُ الليلَ بها
فهناك فضاءْ
خلفَ الغاباتِ الملتفاتِ، هناكَ بحورْ
لا حدَ لها، ترغى وتمورْ
أمواجٌ من زَبدِ الأحلامِ تقلّّبها
!أيدٍ من نورْ
.
نازك الملائكة

أن نتغير ونغير

لا أقتنع كثيرا بأن الإنسان يتغير
.
قد تتأصل أكثر إحدى صفاته، أوقد تذوى بعض الشيء إحدى صفاته، والتأصيل أو التخفيف قد يكونا بفعل الزمن أو الظروف أو الاثنين معا ولكن لا أعتقد أننا يمكن أن نقتلع صفة أو نزرع صفة
.
من الأمور التى قد تساعدنا على بعض التغيير فى شخصياتنا هو الحب، الحب الحقيقي
.
هناك عملان سينمائيان أحببتهما لأنهما تناولا هذا الموضوع يشكل جميل
.
أولهما فيلم اليوم السادس ليوسف شاهين، داليدا ومحسن محى الدين شخصيتان مختلفتان مرا بظروف وحب وتركا بعض فى النهاية لكن بعد أن أصبح فى كل منهما شيء جديد من شخصية الآخر
.
الفيلم بجد أراه أجمل أفلام يوسف شاهين وأحب كل ما فيه حتى داليدا التى انتقدها الكثيرون أيضا أحببتها وأحببت تمثيلها ولم يمثل لى موضوع اللغة عقبة أمام إعجابي بها فى الدور. الفيلم أيضا موسيقاه رائعة
.
الفيلم الثانى هو قبلة المرأة العنكبوت برازيلى أمريكى وكنت قد كتبت عنه فى إحدى محاوراتى مع المدونة العزيزة والمشغولة كتابة
.
الفيلم حول سجينين فى زنزانة واحدة أحدهما شيوعي ثوري مسجون لأسباب سياسة والآخر مثلى مسجون بسبب قضية جنسية. الثوري حاد وواقعي والمثلى يقضى حياته فى أوهام وتخيلات ناسجا لنفسه وللآخرين حكايات عن عوالم أسطورية، ولكن واقع السجن يحتم عليهما التعامل والاحتكاك ولاحقا تنمو مشاعر دافئة، ومع الوقت يأخذ كل منهما بنعومة شيئا من الأخر فيقبل المثلى حين يخرج من السجن أن يقوم بمهمة يطلبها منه الثوري للاتصال بأعضاء الخلية الشيوعية رغم ما فى هذه المهمة من مخاطر واحتكاك بعالم واقعي وعنيف لم يتعامل معه من قبل، وكذلك يموت الثوري فى النهاية وقبل موته تدور فى رأسه تهويمات حول القصص الخيالية التي كان يحكيها له المثلى فى السجن والتى يرى من خلالها عالم غير العالم، مليء بالحب والعشق والمآسي والتضحية الخ
.
الفيلم جميل وبه معاني وأحاسيس
.
فكرة أن تعطى من نفسك وتأخذ من الآخر لتغيرا إلى حد ما في شخصيات بعضكما البعض تأسرني، الإيمان والحب هما برأيى فقط من يمكنهما إحداث نوع من التغير
.

Tuesday, December 11, 2007

مقتطفات

وُلِدْنا
من نعاسٍ ما
ومن ليلٍ ودفءِ غرامًْ
وسالتْ روحُنا تعباً
ونعناعاً ورملَ كلامْ
ولم تهب الطريقُ القلبَ
غيرَ علامةِ استفهامْ
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
يورثني أبى دمَه ومجدَ جبينه
وأساهْ
وأرفضُ أن أشابهه
وأمعنُ فى دمى فأراهْ
كذلك عشتُ
نصفَ أبى ونصفَ أنا
لنصفِ حياة
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
وأمي
أيُ جندي أشدُ جسارةٍ أو بأسْ؟
تخوضُ لآخرِ الأيامِ حربَ الحبِ
ضدَ اليأسْْ
لتمنحني يداً أعلى
وذاكرةً بحجمِِ الشمسْ
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
فيا ريحانة الآلامِ يا أمي
كفاكِ دموعْ
تلا ألواحَه موسى
وآب الماءُ للينبوعْ
وطفلك عاد متصلا
بحبل السُرّةِ المقطوعْ
.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
أحمد بخيت

Sunday, December 9, 2007

روائح

هذه الروائح تتحدث معى
.
.


شقة الإسكندرية ونحن نفتحها في بداية الصيف بعد عام من إغلاقها
.
الحديقة بعد المطر
.
المرور أمام محلات البن
.
عرائسي البلاستيك القديمة وشعورها الصفراء
.
العيش الفينو لحظة خروجه من الفرن
.
الأرز بالشعرية بعد نضجه على النار الهادئة
.
جسد نظيف دافئ تكمن رائحته وهو يتدثر بملابس الشتاء بدون عطور أو مزيل للعرق
.
سيريلاك الأطفال
.
داخل مقام سيدنا الحسين
.
الكراسى الجلد الجديدة
.
معقمات المستشفيات ـ تذكرنى بوالدى
.
.

فلاحتان


Wednesday, December 5, 2007

منك و إليك

عرفتكِ، ما غاب وجهك عنى ولا غيرتكِ رياحُ الفصولْ
وصوتكِِ مازال خلفي يرنُ، يطاردُ روحي بدربٍ طويلْْ
!فأهربُ من وجهكِِ المتحجرِ، من صوتكِ البربري..ِ إليكِ
وتأخذني راحتاكِ وعينُك تومضُ بالمستحيلْ
!فأهربُ..قد أتخيلُ باباً ..وأسقطُ كالثلجِ بين يديكِ
.

محمد عفيفى مطر

ثلاثة أيام فى دبى

زرت دبي للمرة الأولى الأسبوع الماضي
.
قبل زيارتها سمعت عن كره البعض لها وخاصة من أوروبيين لكونها غابة من الاسمنت تفتقر الأصالة كما يرونها، وسمعت أيضا إعجاب شديد لها من مصريين لكونها أصبحت مثال للتحضر والتقدم وجنة للشوبنج
.
زرتها لمدة ثلاثة أيام بعد أن وجدت بصعوبة حجز في الفندق نظرا لنسبة الإشغال الضخمة جدا فى فنادقها وخاصة الفنادق ذات المواقع الهامة فى المناطق الحيوية
.
غابة من الاسمنت؟ نعم
مباني مبهرة؟ نعم
جنة شوبنج؟ نعم
حركة عمران وتنمية فى كل مكان ويكفى أنهم بدءوا بالفعل في بناء مترو الأنفاق؟ نعم
طابع كوزموبوليتان تماما تكاد تنسى معه انك فى دولة عربية؟ نعم
حرية كبيرة في ارتداء الملابس فى الشارع ناهيك عن أماكن السهرات؟ نعم
عدد لا يصدق من المطاعم والكافيهات؟ نعم
حركة مرور مزدحمة للغاية؟ نعم
احساس بأننا فى مصر نسير للوراء بشكل لا يخفى على الضرير؟ نعم
.
وفى النهاية
!استمتعت باجازتى القصيرة؟ بالتأكيد نعم
..
..