Wednesday, February 27, 2008

دليل السفر فى غابات المعنى


ما الغيب؟

بيت نحب أن نراه

ونكره أن نقيم فيه

ما السر؟

باب مغلق إذا فتحته انكسر

ما الحلم؟

جائع لا يكف عن قرع باب الواقع

ما اليقين؟

قرار بعدم الحاجة الى المعرفة

ما القبلة؟

قطاف مرئي

لثمر غير مرئي
.
.
أدونيس

مما قرأته وشاهدته

قرأت عن رجل الأعمال الأمريكي المثلى وأحد الشركاء في مايكروسوفت الذي تبرع بمبلغ خمس وستين مليون دولار لصالح أبحاث الايدز
على مدار العامين الماضيين في حدود معلوماتي هذه ثالث مرة يتم فيها تبرع أحد الأثرياء الأمريكيين بمبالغ ضخمة للغاية للأعمال الخيرية، وأول ما خطر ببالي هو لماذا لا نقرأ عن تبرعات مماثلة من رجال أعمال مصريين أو عرب؟ هل لأنهم لا يتبرعون؟ أم يتبرعون ولكن يرفضون الإعلان عملا بالتوجه الديني أن من يتصدق يجب ألا يتفاخر بتصدقه ومن الأفضل أن يكون في السر؟
الله أعلم ولكن التبرع بمبالغ كبيرة والإعلان عنها سيكون قدوة لبقية القادرين أن يتصدقوا أيضا، أليس كذلك؟
يعنى ومع احترامي للملايين التي تم منحها للنادي الأهلي، نفس هذه المبالغ كانت يمكن أن تغير حياة مائة أو ألف أسرة مصرية من حال لحال
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
بعد فوز الفيلم البرازيلي
Elite Squad
بالجائزة الكبرى في مهرجان ببرلين، دخلت على موقع اليوتيوب لأشاهد المقاطع الموضوعة من الفيلم بعد أن قرأت عنه وعما يتناوله من فساد الشرطة في التعامل مع العصابات التي تقطن الأحياء الفقيرة والعشوائية فى ريو دى جانيرو
بعض هذه المشاهد كانت مترجمة بتترات انجليزية وبعضها كان باللغة البرتغالية
إحدى المشاهد باللغة البرتغالية ودون ترجمة ولكن من الواضح أنها تصور تحقيق تجريه الشرطة مع أحد الشبان المقبوض عليهم الذي تم سحبه من منزله إلى مكان خلاء وقام البوليس بضربه بالأكف بسرعة متتالية على وجهة فى تشابه كبير للغاية من ناحية التصوير والإخراج مع مشاهد الفيديو التي تبثها بعض المواقع عن حالات تعذيب قامت بها الشرطة المصرية مع بعض المقبوض عليهم، الغريب أن المشهد يصور بعد ذلك رفض الشاب للحديث كما هو واضح فقام البوليس بإجباره على النوم على بطنه على الأرض وإحضار عصا غليظة وبمجرد أن مسكها أحد أفراد الشرطة مهددا بها، بدأ الشاب يبكى ويبدو انه اعترف بما يريدون لأن المشهد لم يصور ماذا سيفعلون بالعصا بل رفعوا الشاب بعد ذلك من الأرض، لا استطيع الجزم بمعنى المشهد لأنه فى النهاية غير مترجم ولكنى أعتقد أنه ليس من الصعب تخمين المعنى
الشرطة البرازيلية مشهورة بالفساد الشديد وعلاقاتها مع رجال المافيا فى المدينة
هل هي صدفة أن تتشابه أساليب الشرطة فى مصر والبرازيل أم أن مشاهد الفيديو المصرية على النت كانت مصدر وحى للمخرج البرازيلي؟ التشابه أكثر من كونه مصادفة فى رأيي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
الخجل يقتلني وأنا أعترف بأني لم أقرأ من قبل لجمال الغيطانى إلا منذ يومين حين اشتريت "خلسات الكرى"، منذ أن بدأت فى قراءتها وأنا في حالة انبهار بلغته الوقورة والموحية والراقية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
.
لم أتمالك نفسي من الغيظ كلما قرأت أن بعض منافسي باراك أوباما المرشح للرئاسة الأمريكية يستغلون حقيقة أن والده كان مسلما وأن اسمه الكامل باراك حسين أوباما كنقطة ضعف شديدة فيه، خاصة مع بعض الأقاويل أن باراك نفسه تربى فى صغره كمسلم، ثم بدأت أعقلها شيئا فشيئا وسألت نفسى هل تقبل الغالبية المسلمة فى مصر برئيس مسيحي؟ أو رئيس وزراء مسيحي الآن (حدث فى الماضي قبل الثورة) أو حتى ماذا عن رئيس مصري نصفه مسيحي أو نصفه يهودي مثلا؟؟؟
طبعا الإجابة معروفة
سيقول قائل ها هي أمريكا التي تطالب بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة تجد فى الجذور الإسلامية لمرشح للرئاسة سببا يجعله غير صالح للمنصب، ولكن رأيي أن التحيز موجود في بعض الأفراد في كل الدول مهما ادعت تحضرها، ولكن العبرة هي: هل هذا التحيز سياسة عامة؟ أو شعور عام؟ أو هل التحيز استطاع فعلا أن يحرم مواطنا ما من حقوقه؟ وهل القوانين والقواعد الرسمية فى دولة ما تشجع التحيز ولو بشكل مستتر؟ هل التشريعات تحارب التحيز أم لا؟
هذا هو المحك أما التحيز نفسه فلن نستطيع فى يوم ما محوه من بعض النفوس، الا لو خلقنا بشر بدون عيوب
الاستطلاعات حتى الآن تظهر تقدم باراك الواضح على هيلارى كلينتون وأنه رغم جذوره الإسلامية الواضحة له شعبية كبيرة جدا

Saturday, February 23, 2008

من أدونيس

كان إلهُ الحبّ مُذْ كنتُ
ماذا يفعل الحبُُّ ، إذا متُّ ؟
أدونيس

الحب وشياطين أخرى


أسير في طرقة منزلي كل مساء بعد أن تكون الشمس قد غربت، البيت مظلم وأبواب الغرف مغلقة، هناك غرفة لم تطأها قدمي، كل مساء أقول يوما ما سأفتح الباب وأدخل

وفى أحد الأيام فعلت

وما أن وطأتها حتى وجدت الشمس ساطعة بالداخل، أشجار ونباتات غريبة الشكل، زهور مبتسمة بكل الألوان حتى الأسود والأزرق والأخضر والبعض سماوي بنقاط أرجوانية وأخرى صفراء بخطوط خضراء، ومنها زهور كبيرة الحجم يمكن أن يختبأ خلفها وجه

هناك أنهار ومحيطات وأصوات شلالات وطيور و سلاسل جبال صخرية وخضراء وقمم ثلجية كحد السكين

قلت لنفسي طوال هذه الأعوام كنت أمر أمام الباب وأجهل ما يختبأ خلفه؟

هذا ما شعرت به بعد أن انتهيت من قراءة ثاني عمل يقع في يدي لجابريل جارسيا ماركيز باسم عن الحب وشياطين أخرى
مثلما حدث مع مائة عام من العزلة، ظل الحب وشياطين أخرى أيضا ينظر لى من فوق الرف فى ضراعة طوال سنين دون أن أستجيب، ولكن ما أن بدأت القراءة حتى بدأت التهم الكلمات كما لو كنت أنتقم من إهمالي المهين، وأنجزت قراءته خلال أيام رغم الترجمة الفرنسية الجزلة

..من لم يقرأ جارسيا ماركيز يفتقد الكثير دون أن يدرى

Wednesday, February 20, 2008

تانى مرة ـ تكملة


المحاولة الثانية كخاطبة

في مصر منذ عدة سنوات

أحد المعارف جاءني قائلا أنه شاهد فتاة فى حفل وأعجب بها كثيرا ، وبما أنه يبحث عن عروس فهو يطلب وساطتي لكي يتقابلا معا نظرا لأنني والفتاة وعائلتها أصدقاء

هذه المرة بصراحة لم يكن الموضوع مشجعا جدا بالنسبة لي رغم معرفتي القوية بمها (وليكن هذا أسمها) ووالدتها ووالدها، وكذلك كنت أعرف محمد (وليكن هذا أسمه) معرفة إلى حد ما جيدة.

سبب موافقتي للقيام بالوساطة أن محمد رجاني كثيرا بشكل أحرجني أن أرفض، والسبب الثاني هو محبتي لوالد ووالدة مها والذين اشتكوا مرارا من عدم قبولها لمن يتقدم لخطبتها

أما عدم حماسي، فمرجعه أنى بصراحة كان لدى بعض الملاحظات السلبية إلى حد ما على مها، ملاحظات لا تصل حد النقد لأنه من الطبيعي أن تختلف الشخصيات عن بعضها، ولكن يعنى تصرفات لا أهضمها كثيرا وسأعطى أمثلة:

· لم تكن تقول شيئا ايجابيا عن أي شخص وخصوصا لو كان هذا الشخص فتاة، إذا كنا نتحدث عن ملكة جمال، تقول يعنى شكلها لطيف عادى، وكنت أسأل نفسي ما هو الضرر أن نعطى أي شخص ما يستحقه من تقدير وإعجاب؟ هناك أناس مع الأسف يرون أن الاعتراف بمحاسن الآخرين هو بمثابة انتقاص منهم، وأعتقد مها كانت من هذا النوع

· كانت حين تجد مجموعة فتيات صديقات لها يجلسن سويا على نفس المنضدة فى النادي، ومجموعة شبان سويا على منضدة أخرى تتجه مباشرة لمجموعة الشباب وتترك الفتيات. وهذا التصرف يمكن أن يحدث مثلا مرة أو أثنين لأسباب مختلفة، ربما مثلا هناك فتاة فى المجموعة لها معها مشاكل، أو تريد أن تتحدث مع أحد الشباب فى أمر خاص أو هام، ولكن هذا التصرف منها كان معتادا والكل يعلق عليه
لم يكن هذا التصرف سلبي في حد ذاته برأيي، ولكننا في مصر (حتى ضمن الفئات الاجتماعية المعتادة بشكل أكبر على الاختلاط) نحب أحيانا أن نجلس فقط بين أقراننا من نفس الجنس، لم أكن أشارك مع الآخرين فى التعليق على هذا التصرف لأنها فى النهاية حرة فى أن تجلس مع من تحب


· سبق لمها أن كانت مرتبطة بشخص ولكن الكل كان يلاحظ توددها الواضح مع شخص آخر في نفس الوقت ، شخصيا أنا أرى أن الارتباط العاطفي يضع قيدا بشكل ما علينا في تعاملنا مع الآخرين، ولكن كنت أيضا أقول لنفسى ربما كان بينها وبين صديقها مشاكل أو هم في طريقهم للانفصال، أو أو أو

يعنى في النهاية لم تكن شخصياتنا متقاربة ولكن كان هناك ود عام واحترام منى لها، أنا لا أحكم عليها فهي حرة فى تصرفاتها، ولكن أيضا الآخرين أحرار فى أن يكون لهم رأيهم
بالمناسبة
مها متوسطة الجمال فى رأيي، طويلة وجسمها رشيق وعائلتها ذات مستوى اجتماعي عال، محمد كان عادى المظهر ولكنه ناجح فى عمله (بعض الزملاء كانوا يرون أن له أساليب ملتوية في النجاح) ومستواه الاجتماعي أقل قليلا منها

على أية حال رتبت لقاء مع مجموعة أصدقاء ومضت ساعتين فى حديث عام لطيف وضحكات الخ

على فكرة، كنت قد قلت لوالدة مها عن سبب المقابلة أولا، فنصحتني أن لا أقول لمها عن السبب ونترك الموضوع حتى ترى محمد وتبدى رأيها بعد ذلك، ولكنى بداخلي أحسست أن والدتها قالت لها عن السبب الحقيقي للمقابلة، وأن مها حضرت المقابلة وهى تعلم ولكنها تدعى عدم المعرفة، هذا مجرد إحساس من ناحيتي ليس أكثر

المهم بعد المقابلة مها قالت أنه ليس ستايلها، وطبعا لم أقل هذا لمحمد وإنما ادعيت أنها لم تكن تعلم سبب اللقاء وأنها حين علمت بعد المقابلة أخبرتني أنها مرتبطة، وهى كذبة بيضاء (نعم أؤمن بالكذب الأبيض في حالات كهذه) المقصود منها المحافظة على شعور الآخرين

مها تزوجت الآن من رجل ألماني تعرفت عليه فى مصر وتعيش في الخارج ومحمد أيضا ترقى فى عمله بشكل ملحوظ جدا وأصبح ذا حيثية وتزوج ولديه أبناء

!ثاني محاولة لم أتوقع منها شيئا وانتهت أيضا للاشيء

Sunday, February 17, 2008

خاطبة لثلاث مرات


لا أدرى لماذا ينتقد الكثير زواج الصالونات

الصالونات في رأيي مثلها مثل الانترنت أو النادي أو الجامعة أو مكان العمل، كلها أماكن تتيح للفتيات والشبان التعارف. أحيانا يكون التعارف بهدف الزواج على المدى القريب وذلك في حالة زواج الصالونات وأحيانا يكون على المدى المتوسط وهو حالة التعارف في الجامعة أو مكان العمل. هذا هو الفرق في رأيي لا أكثر.

وسواء تم التعارف بين شخصين في صالون أو في أي مكان آخر فلا يوجد التزام بإتمام الزواج طالما لم يشعر الطرفان الرغبة فى ذلك، فلا إجبار، وكم من تعارف تم من خلال الصالونات وبعد فترة وجد الطرفان أنهما لا يصلحان لبعضهما قبل البدء في أية خطوات عملية وكل واحد راح لحاله

لذا لست ممن يدينون زواج الصالونات، وفى الواقع العملي من مشاهداتي لمحيط الأسرة والأصدقاء والمعارف والعمل لم أجد أن فرص النجاح لزواج تم من خلال تعارف في الجامعة أو في العمل تزيد عن نسب نجاح زواج الصالونات بشكل يؤسس قاعدة، فالنجاح في الزواج تم أمامي في حالات تم التعارف فيها بأشكال مختلفة وكذلك الطلاق تم أيضا في حالات مختلفة، حتى الحب الذى يراه الكثيرون شرط أساسي للزواج، رأيت حالات طلاق كثيرة بعد قصص حب جارفة، جميل أن نحب ولكن هل الحب والغرام والهيام يعد شرط لنجاح الزواج؟ لا أعتقد

إذا في رأيي ليست هناك قاعدة لإنجاح الزواج بالدرجة الأولى غير توافق الشخصيات وانسجامها وقدرتها على التأقلم مع فكرة الزواج، وطبعا نفس هذه القاعدة تنطبق على أية مشاركة معيشية بين شخصين

متهيألى السمعة غير المحبوبة لزواج الصالونات تنبع من أنه أقل رومانسية أو بريقا من الزواج الذي تم بأسلوب آخر ولكن ليس لأنه أسلوب خطأ للزواج

مجرد رأى

أما لماذا أتكلم عن هذا الموضوع، فهو مجرد مقدمة لأقول أنني عملت خاطبة تقريبا ثلاث مرات سأتحدث عنهم واحدة تلو الأخرى مع بعض التغييرات احتراما للخصوصية، أبدأ الآن بالأولى والمرتان الأخرتان سأكتبهما لاحقا تحسبا للإطالة

منذ حوالي عشر سنوات كانت لي صديقة وزميلة عزيزة مصرية ولنقل مثلا اسمها هبة،
هبة بجد كانت بنت مهذبة للغاية وأخلاق فوق الوصف وأيضا شكلها لطيف يعجب الذوق المصري العام، وفعلا كنت اندهش جدا لماذا لم تتزوج، ومن ناحيتها هي كانت ترغب بشدة في الزواج وتحلم به، فرغم نجاحها في عملها، كانت من الفتيات اللاتي يؤمن أن دورهن كزوجة وأم هو الأساس، يعنى مظهريا وموضوعيا كنت أراها مسايرة تماما لتفكير وأسلوب الكثير ـ إن لم أقل الأغلبية ـ من الشبان المصريين ومع ذلك لم تتزوج

في نفس الوقت كان هناك زميل في العمل في القاهرة ولنقل أسمه كمال
رأيي فى كمال من معرفتي به في ظروف العمل (تقاربنا مهنيا لفترة لا بأس بها من الوقت) أنه طيب وعلى خلق ولكن فيه عيبان، الأول أعتقد أنه بخيل، وهذا كان أيضا رأى آخرين وليس رأيي أنا فقط، والعيب الثاني أن ملامح وجهه لم تكن بها التناسق المطلوب

المهم ما فكرت فيه هو لماذا لا أبادر وأتيح لهما فرصة التعارف على بعض، مجرد تعارف والله إذا حدث وكان هناك قبول مبدئي سيتعارفان أكثر وعندئذ سيكون لهما الخيار بالاستمرار من عدمه، ولم يكن هذا الموضوع يسبب لي حرجا فقد كنت أكبر منهما سنا

بالنسبة لهبة بصراحة لم أكن أجد فيها عيبا، بالنسبة لكمال قلت لنفسي أن الشكل موضوع نسبى، هذا بالإضافة إلى أن شكل الرجل في رأيي أمر غير هام بتاتا (تتذكرون الزوج السابق لجوليا روبرتس؟ أو كارلو بونتى زوج صوفيا لورين فى مجدها؟) وفى النهاية موضوع الشكل واضح لهبة من أوله، فإذا لم يعجبها لن تستمر في الموضوع، أما مسألة البخل ففكرت فيها قليلا وقررت عدم ذكرها لأنه من السهل لهبة أن تكتشفه بنفسها في البداية، ولها أن تقبله أو ترفضه ، وما كنت لأستغرب لو قبلته لأن قدراتنا على التوافق مع العيوب يختلف من شخص لآخر، فلماذا أحجر على رأيها من الأول، دعها ترى وتلمس المزايا والعيوب بنفسها وتقرر

لو الحياة وما نجنيه فيها يتم حسابه بالقلم والمسطرة لقلت لنفسى هبة أفضل منه وتستحق الأفضل، ولكنى للأسف أجد أن الحياة تختلف كثيرا عن الحسابات المنطقية، قد يكون رأى متشائم ولكنى أؤمن به



المهم دعوت كمال مرة للمرور على فى العمل وكانت هبة موجودة، لم اقل لكمال شيئا ولكنى أعتقد أنه فهم سبب الدعوة، أما هبه فلم تعلم شيئا
وفعلا جاء وبدأ الحوار بيننا نحن الثلاثة بشكل عادى، ثم تحججت لأقوم بعمل شيء وتركتهم حوالي ربع ساعة، وحين عدت كانا يتحدثان وبعد عشر دقائق أخرى قام كمال وانصرف

بعد يومين أثرت الموضوع مع هبه بشكل يبدو غير مقصود، طبعا لا أتذكر تفاصيل الحوار بحذافيره بعد عشر سنوات، ولكن تقريبا الحوار سار كالتالي

أنا : كمال شاب ابن حلال على فكرة
ردت: آه
انا: معرفش متجوزش ليه لحد دلوقتى
هبة: ....
أنا: باقولك أيه مش شايفاه ظريف وابن حلال
هبة: ايه المقصود يعنى؟
أنا: أقصد يعنى انتى عارفة
هبة:
No way
أنا: ليه يا بنتى ماله؟
هبة: دا جلياط ومعندوش ذوق، استحالة
أنا (الخضة واخدانى): أيه ده؟ أيه اللى حصل؟
هبة: بنتكلم فبقوله عن حجم الشغل وكده رايح متريق وقايل هو انتوا عندكو شغل انتو بتقعدوا ترغو فى القسم عندكم، بعدين له طريقة جلنف كده فى الكلام
أنا: والله ماخدت بالى من موضوع جلنف ده، يمكن ميقصدش أو محرج لأى سبب، ساعات الواحد لما بيبقى عايز يتكلم ومش عارف يقول ايه بيهبل شوية فى الكلام، مش بقصد الهبل لكن نوع من الارتباك لأن الواحد مش عايز يبان ساكت فبيقول اى حاجة أو يعلق بأى حاجة ممكن تطلع سخيفة، أنا برضه ساعات ممكن أعمل كده، فمتحمليش كام كلمة أكتر من حجمها
هبة: لأ مش ممكن

اندهشت وقتها من رد فعلها الحازم وبصراحة لم أجد سببا منطقيا له، يحدث كثيرا أن نلتقي بأشخاص ولا نستسيغهم فى المرة الأولى ولكن بعد مقابلة وثانية نبدأ في الشعور بالألفة معهم وأنهم ألطف من انطباعاتنا الأولى عنهم

كنت حقيقي أتمنى لو كانت هبة أكثر مرونة

بالنسبة لكمال فقد ألمح لي متسائلا عن رأى هبة فيه ولكنى أدعيت عدم الفهم وغيرت الموضوع

يعنى أول مهمة لي كخاطبة باءت بالفشل

مضت عشر سنوات، هبة لا تزال تريد الزواج بشدة وقد أصبحت حالتها النفسية ومزاجها العام سىء للغاية ومرير معظم الوقت، وأحيانا نتراسل الآن بالايميل على فترات متباعدة بحكم ظروفنا، وكمال أيضا لم يتزوج حتى الآن ولم يعد بيننا تواصل لأسباب مختلفة وإن كنت أعرف أخباره أحيانا من أصدقاء مشتركين

كلمة "لو" ليس لها معنى ولكن أحيانا أفكر في هبة وأقول ماذا لو كانت قد أعطت نفسها فرصة أخرى وقابلت كمال مرة أو مرتين؟

Saturday, February 9, 2008

إهتزازات سرير


ضجرانه وشوب وكتير سكوت

ثلاث كلمات ترنمت بهم فيروز فى إحدى أغانيها للتعبير عن لحظة حياتية، فهى تشعر بالملل (ضجرانه) والجو حار (شوب) والسكون مطبق (كتير سكوت)، وهذا ما أحسسته ذات مساء قريب وجعلني دون أن أنتبه أردد هذه الكلمات الفيروزية، فقد قرأت حتى مللت القراءة واستمعت للموسيقى حتى أصابني صداع وحاولت الكتابة فلم أفلح، كل شيء يمكن أن يُفعل فُُعل ومازال الملل يتكاثر والحرارة منفعلة في بقعة لا تعرف الشتاء ومازال السكون سكونا أكاد أسمع معه أصوات أثاث الغرفة يثرثر

تسك تسك تسك تسك من يهز أرجوحة ويلاعب طفلة الآن في هذا الليل؟ هكذا سألت نفسي ولا أدرى لماذا عادتا حين أتحدث عن أطفال تخطر ببالي طفلة وليس طفل
من الآن في هذا الليل يهز طفلة في أرجوحة؟ وهل هناك أرجوحة في الغرفة أو المنزل المجاور؟ ربما، وشيئا فشيئا يبدو أن الأرجوحة أخذت في الاهتزاز بسرعة أكبر والصرير أصبح أجرأ

ودون إدعاء براءة فضية مفتعلة من جانبي، أخذت أنتبه بعد ذلك أن الأرجوحة هي في الأغلب سرير، والعنفوان هو أكثر جموحا من مجرد طفلة تلهو، فإذا كان الليل يخبأ عادتا في عباءته الكثير، فانه أيضا وأحيانا أخرى يكشف الكثير، يعرى مشاعرنا ويذيع أفعالنا والسكون يتآمر معه ويردد الصدى

لم أستطع كبح فضولي لأنبش في ذاكرتي القريبة عن وجوه جيراني الذين لم أبال يوما بالنظر إليهم (ولا أقول توجيه الحديث)، حاولت استرجاع الوجوه لعلى أشدها بخيوط الماريونت ليكتمل مشهد الأرجوحة ولكن لم أستطع تذكر الوجوه ولم تبدو لي واضحة المعالم كما لو كنت أخربش كارت تليفون بقطعة معدنية فلا تبدو الأرقام واضحة بما يكفى لقراءتها


مضحك كيف يلهو الفراغ أحيانا بنا ليكشفنا أمام أنفسنا فى مرآة سحرية ، فاللامبالاة الصباحية أمام الجيران استحالت لفضول ليلى، لا لشيء سوى لأني وسط شعوري بالملل لفت انتباهي صرير سرير/أرجوحة

ليست المرة الأولى فى مثل هذه المواقف، فمنذ سنوات فى تلك المدينة الأوروبية كانت جارتي أمريكية حمراء الشعر، تحادثنا ذات يوم وحين علمت أنى من مصر أخبرتني أنها عاشت هناك لمدة عام، وأن تجربتها لم تكن سعيدة جدا، وحين استفسرت منها عن السبب قالت أنها كانت تعيش في غرفة في منزل أسرة مصرية عرّفت نفسها (الأسرة) آنذاك بأنها أسرة مصرية عصرية لتفاجئ الحمراء بعد ذلك أن الأسرة ليست بدرجة المعاصرة المطلوبة لتسمح بالأرجوحة فى غرفة المغتربة بالاهتزاز، ولاحظت أنا لاحقا الصرير المسموع شبه اليومى فى منزلها ـ من خلال الحائط الذى يفصل حجرتينا ـ مما جعلني أفهم لماذا بدت الأسرة المصرية أقل عصرية مما توقعت الزائرة الأمريكية

هل أذكر صرير أرجوحة أخرى أم ربما لا يصح؟
زوجان فى غرفة مجاورة فى الفندق فى جدة بعد أن أنتهينا مما كنا هناك له منذ عامين مضيا
لا لن أتكلم فيما لا يصح رغم طرافة مزج الوجوه والشخصيات المعروفة بالحدث والتخيل

بدأت بفيروز والتى لم يقودها الملل الى حيث قادنى وهى تقول
ضجرانة وشوب وكتير سكوت

!وبنفس الكلمات أختم هلوساتى

Sunday, February 3, 2008

قصيدة وذكرى

My life closed twice before its close -

-It yet remains to see

If Immortality unveil
A third event to me
So huge, so hopeless to conceive
As these that twice befell.
Parting is all we know of heaven,
And all we need of hell.



هذه القصيدة البديعة لاميلى ديكنسون لها ذكرى طريفة معى
.
من عادتي حين أقرأ ديوان أو مجموعة شعرية أن أقوم بوضع علامة أمام أكثر الأبيات التى أعجبتني أو أثرت فى بشكل ما، وحين أشتريت كتاب مختارات للشاعرة للمرة الأولى وبدأت فى قراءته أثار انتباهي ومشاعري البيتان الأخيران من هذه القصيدة القصيرة فوضعت علامة اكس صغيرة أمامهما
.
القصيدة بشكل عام تتحدث عن حادثتي موت لأشخاص مقربين فى حياة أميلى ديكنسون، ويبدو أنه خلال حياتها الحزينة للغاية كان هناك حالة موت ثالثة تتوقعها (البعض يفسرها على أنها موت أميلى نفسها) وتنهى الشاعرة قصيدتها بالبيتين الجميلين قائلة أن الفراق هو جل ما سنعرفه فى الجنة (أي أنها ستفترق عن أحبابها فى الجنة ربما لأنها لن تكون معهم بها) والفراق أيضا هو كل ما تريده من النار ( أى أنها تتمنى ألا تجتمع بمن تحبهم فى النار)
.
اليوم التالي لشرائي هذا الكتاب كان من المفروض أن أشاهد مع صديقة فيلم سينمائى كان جديدا آنذاك من أخراج وبطولة العبقري وودى آلان أسمه ظلال وضباب، الفيلم جميل للغاية ومن أفلامه غير المعروفة رغم أنه يجمع عدد كبير من الممثلين البارزين (مادونا تظهر فيه فى لقطتين أو ثلاثة مثلا) الفيلم مختلف عن أجواء وودى آلان المعروفة لأنه يجرى فى أوروبا وليس نيويورك وفى زمن قديم ربما بدايات أو منتصف القرن الماضي ومصور بالأسود والأبيض
.
المهم أنه أثناء متابعتي للفيلم فى أجوائه الأسطورية الغامضة إذا بكيفين كلاين يقول وهو يبحث عن حبيبته فى إحدى المشاهد المقطعين الأخيرين من القصيدة! طبعا لو لم أكن قد قرأتها فقط اليوم السابق ما كانت لتثير اهتمامي فى الحوار
.
!صدفة
.
مثل هذه المصادفات الحلوة الصغيرة تحدث معي بكثرة على فكرة
.
!عقبال المصادفات الحلوة الكبيرة
.
.