Saturday, February 21, 2009

ماما وخالتي خلف الباب

ماما كانت بيضاء وممتلئة
خالتي كانت سمراء ونحيفة
ماما كانت في عائلتها قبل الزواج الخجولة والمنطوية
خالتي كانت الشقية والنغشة
ماما كانت صريحة ومباشرة وتفتقر اللباقة أحيانا ويبدو على وجهها فورا مشاعرها تجاه الآخرين
خالتي كانت معسولة الكلام وممكن أن لا تطيق من أمامها ومع ذلك تتحدث معه بطريقة ممتازة لا تدعو للشك بما في داخلها ناحيته أو ناحيتها
ماما تزوجت بابا زواجا تقليديا وكان يكبرها فى السن بشكل واضح
خالتي تزوجت من شاب يقاربها سنا بعد قصة حب
ماما كانت دائما ترى بابا رجلها وملاذها الوحيد والعلاقة بينهما كانت نسخة أكثر حداثة من علاقة سي السيد بالست أمينة
خالتي كانت تشتكي دائما من زوجها وتشعر أنه ضعيف الشخصية
ماما كانت عادتا هادئة ولم تكن مصدر جذب اجتماعي
خالتي كانت مركز اهتمام اجتماعيات العائلة
ماما لم تكن الأثيرة عند والدتها/جدتي
خالتي كانت المفضلة عند جدتي
ماما كانت تزور خالتي مرة كل ثلاثة أشهر تقريبا
خالتي كانت تزورنا مرة كل سنوات
ماما كانت حالتها المالية مع بابا مستقرة
خالتي شهدت ظروفها المالية مع زوجها صعودا وهبوطا

علاقة ماما وخالتي كانت مضطربة دون أن نعرف تحديدا الأسباب، أو ربما لم تكن توجد أصلا أسباب واضحة، وحين نسأل ماما عن السبب كانت ترد أنها لا تعلم ومن ناحيتها لا يوجد احساس سلبي في مشاعرها تجاه خالتي، ولكنها لا تعتقد أن خالتي تكن لها مشاعر ود، وحين كنا نقول لماما أنها لا يجب أن تزورها باستمرار لأنها لا تزورنا كانت ترد بأنها تقوم بالحفاظ على صلة الرحم، كما كانت تعترف أن جلسات خالتي وصديقاتها تمثل مرحا وتغييرا لها (أي لماما) في ظل مسئولياتنا وروتين الحياة

حين توفت ماما لم تقم خالتي بزيارتنا للعزاء ولكنها أرسلت أبنائها، وحين سألناهم عن سبب عدم حضورها قالوا أنها فى حالة نفسية منهارة، البعض قال وقتها الله يصبرها، والبعض الآخر (وأنا منهم) قال الله أعلم بما في القلوب

خالتي توفت مؤخرا
كنت في دبي منذ أيام وقابلت هناك إحدى شقيقاتي التى جاءت من مصر لحضور مهرجان التسوق وأيضا للقائي حيث أني لم أزر مصر منذ حوالي عامين، وبينما نحن ندردش ذكرت أختي عرضا أن خالتي قد توفت منذ أشهر، وقد اندهشت للأمر لأني لم أعرف أن خالتي توفت ولم يبلغني أحد بالخبر، فردت شقيقتي أنها لا تعلم أني لا أعلم بالوفاة، ثم أوضحت أنه غالبا كل واحدة من أخواتي اعتقدت أن الأخرى أبلغتني والنتيجة أن أحدا لم يبلغني ، وسألتها اذا كانوا قد قاموا بواجب العزاء فقالت ان بعض الشقيقات فكرن في إرسال أبنائهن للعزاء مثلما فعلت خالتي الله يرحمها عند وفاة ماما، ولكنهن تراجعن في النهاية وذهبن جميعا لأداء الواجب

حين سمعت خبر الوفاة لا أستطيع صراحة أن أقول أنني تأثرت بشكل كبير، فقد كانت العلاقة شبه مقطوعة وأنا بالذات نظرا لسفري لم أكن حتى على دراية بتطورات الأحداث فى محيط العائلة، ولكني مع ذلك أحيانا أفكر في خالتي وكيف كانت حياتها الاجتماعية غنية ونشيطة وتحب المزاح والمرح حتى فى الظروف السيئة أثناء مصاعبهم المالية أو خلال بعض المشاكل التي واجهت أبنائها وخاصة المرض الشديد لأحد أبنائها وتقريبا اليأس من شفائه، وكانت دائما تدعي عدم تأثرها أو اهتمامها بهذه المصاعب، ومن كان يراها وهي تضحك لا يعتقد لدقيقة أنها تمر بمشكلة ما

أتذكرها كيف كانت النقيض التام من ماما ولا استطيع التغلب على احساسي بالضيق أن ماما كانت تتقرب منها ولكنها (خالتي) كانت دائما تحافظ على المسافة واضحة المعالم بينهما

من استرجاع ذكرياتنا عن خالتي يمكن أن افسر تصرفاتها، ولا أدري إذا كنت على خطأ أو صواب فى هذه التفسيرات، ولكن فى النهاية هي عبرت من الباب الذي لا يمكن فتحه إلا من جانب واحد، وليس لدي سوى ترديد ما سبق ورددته أنا وشقيقاتي: الله يرحمها والله أعلم بما في القلوب، أو بالأصح الله أعلم بما كان في القلوب
.
.
ملحوظة: هناك تفاصيل غيرتها لأسباب أعتقد أنها مفهومة، ولكن الجوهر يظل الجوهر

سوى نفسي

وكان الليلُ مرآةً فأبصرتُ بها كُُرهي
وأمسيَ الميتَ، لكني لم أعثر على كُنهي
وكنتُ قتلتكَ الساعةَ في ليلي وفي كأسي
وكنتُ أشيع المقتولَ في بطءٍ إلى الرمسِ
فأدركتُ ولونُ اليأسِ في وجهي
بأني قط لم أقتلْ سوى نفسي
.
نازك الملائكة

Saturday, February 14, 2009

نصف ساعة على المخدة



أشعر هذه الفترة أنني لا أيمكن إلا أن أضع قناعا أمام الآخرين

عملي يحتم علي مظهر وسلوك معين، ابتداءا بارتداء نوعية معينة من الملابس مع شعر مهندم وماكياج على الوجه، ثم هناك الابتسامة وابداء التفهم لما يقوله الآخرون، ومحاولة جذب العملاء، بغض النظر عن مزاجي الشخصي أو عما يجري أمامي وما يجب أن يكون رد فعلي إزاءه
أعلم طبعا أن العمل بشكل عام يتطلب تحييد مشاعرنا وظروفنا الشخصية، ولكن أيضا هناك درجات للتحييد المطلوب باختلاف طبيعة العمل، وعملي يتطلب أقصى درجات التحييد

إضافة لذلك أنا لست ممن يتحدثون كثيرا عن أمورهم الشخصية، حتى فى إطار العائلة، ماما كانت دائما تقول أنني ابو الهول كمثال لعدم تحدثي عن أموري، فما بالي مع الزملاء؟
لذا كان من السخرية أنني خلال الاسابيع الماضية ـ والتي كانت حالتي النفسية فى إحدى أدنى مستوياتها ـ أن أجد أثنين من زملائي يشيدون بي فى العمل ويطرون استقراري وهدوئي النفسي والابتسامة التي لا تفارقني ويقولون أنهم يحسدونني على هذا، القول بالنسبة لي وفي ظل إحباطي الداخلي وقتها كان كالمزحة، ولثوان فكرت لو قلت لهم أني لست بالهدوء والاستقرار الذي أبدو عليه في كثير من الأحيان وأنني بالذات في تلك الفترة مكتئبة وغاضبة وحزينة، ولكن طبعا لم أقل هذا وإنما اكتفيت بابتسامة مصطنعة وبلهاء وأجبت بصوت هادىء: شكرا للمجاملة اللطيفة، وكان ردهم: لا ليست مجاملة بجد نحسدك على هدوءك واستقرارك

وهكذا تمضى أيامي الحالية بين عمل مكثف فى الصباح وأنشطة مسائية تابعة للعمل وكلها تتطلب ملابس مهندمة وابتسامة وبساطة فى الحديث وألفة فى الحوار وانصات للآخرين يجب أن تبدو عليه مظاهر الاخلاص!

بصراحة لا اشعر أنني أزيل هذا الماسك إلا حين أعود ليلا للمنزل وأغير ملابسي وأرتدي قميص النوم وأزيل المساحيق تماما من على وجهي ثم أغسله بصابون الكبريت كالمعتاد وأمشط شعري وأرفعه لأعلى بالبنسه وأنظف أسناني، ثم أمدد جسمي على السرير وأطفأ ضوء الاباجورة وأريح رأسي على الوسادة، وكعادتي لا أعبر من بوابة النوم قبل نصف ساعة على الأقل من دخولي السرير
عندئذ خلال تلك الثلاثين دقيقة، وعندئذ فقط ورأسي على المخدة أشعر أنني أنا بدون الحاجة الى ماسك

Wednesday, February 4, 2009

رغي

فاكرين كاف؟
لسه معايا اكتر من ممتازة، وانا برضه معاها كويسه فى المقابل، بس دايما أغنية ايهاب توفيق قلبي مش مرتاحله بترن بصوت واطي فى راسي كل ما اشوفها
ــــــــ

كنت بكلم أختي فى التليفون وبقولها اني عايزه آخد شقة فى القاهرة فسألتني لو فيه منطقة مفضلة عندي، فقلت أى مكان المهم يكون نظيف وهادي وفيه خضرة، أختي ردت على طول:
ـ أقرب مكان عندك بالمواصفات دى في أوروبا
ــــــــــ

فى نفس المكالمة اختي كانت بتحكيلي عن واحده نعرفها لسه متجوزه جديد خالص، البنت دى علشان لسه مش واخده على البيت الجديد وهى من النوع الدلوع اللي بيخاف، فلما بتقوم تعمل بي بي فى عز الليل بتصحي جوزها من النوم يقوم معاها علشان خايفة ويستناها على باب الحمام لحد ما تخلص
أنا وأختي طبعا كنا مستغربين من الجوز المهاود ده، وأختي علقت
ـ تخيلي مثلا أنا لو صحيت جوزي بالليل وقلت له يستناني على باب الحمام لحد ما خلص علشان خايفه أروح لوحدي، متهيألي أقل حاجة ممكن يعملها أنه يشلني ويحطني أنا شخصيا فى التواليت ويشد عليه السيفون
ــــــــ

أيه حكاية العرسان الرجالة في مصر اللي بيعملوا ماكياج ليلة فرحهم؟
أول مرة شفتها من أكتر من سنة فى صور الفرح وسألت: هو العريس عامل ماكياج؟ قالولي آه لأن الكوافير بتاعه قاله ان عينيه مرهقة وهيبان وحش فى الصور فحطله كونسيلر وبودرة وقاله أنه مش هيبان انه عامل ماكياج، وطبعا في الصور كانوا باينين، وقلت ساعتها غريبة

وبعدين لسه شايفه صور فرح تاني فى مصر اليومين اللي فاتوا وبرضه العريس شكله باين انه حاطط بودرة
هو ده ايه؟ تقليعه؟ ولا دي صدفه بحته واستثناء؟
ـــــــــ

على سيرة الرجالة والماكياج
أول مرة في حياتي شفت فيها راجل عربي مكحل عينه كان واحد مرتدي الزي الاسلامي ودقنه طويلة ومش مهذبة ، يعني العلامات بتاعة الاصوليين، واستغربت جدا، وبعد ما سألت حد قالي أن تكحيل العين سنة نبوية، بس يمكن تستغربوا لما أقول أن الراجل كان أصلا وسيم جدا (أعتقد أصله جزائري وله قصة صغيرة معايا ولكن خليني احكيها في وقت تاني) وتكحيل العين اداله شكل غريب شوية بس مش وحش
دلوقتي هنا فى الخليج برضه تكحيل العين للرجالة بشوفه أحيانا وبرضه بيديني نفس الانطباع أنه حلو لما الراجل بيبقى شكله أصلا حلو!

عارفة..رأي يمكن البعض يستغربله
ــــــــــ

كنت بتكلم مع صديقة ومدونة عزيزة وجت سيرة البنات اللي بتقعد تكتب فى بلوجاتها على حجم المعجبين بيهم وازاي انهم ـ البنات ـ مش سألين فى الشباب ده الخ، بصراحة ساعتها خفت ليكون ده انطباع اللي بيقروا مدونتي لأني يمكن كتبت مرة أو مرتين عن معجبين وقلت لحسن الناس تفتكر اني عايزة أصور نفسي على أني زي ما بيقولوا بالفرنساوي
Femme fatale
واللي هي الرجالة بيترموا تحت رجليها وهي مش سألة، وطبعا دي مش أنا بالتأكيد، على العكس فيه مرتين كان شعوري تجاه ناس اقوى ومختلف عن شعورهم تجاهي، أنا مش فى موود دلوقتي احكي عن المرتين دول بالتفصيل بس فى مرة منهم كنت حاسة باعجاب تجاه شخص ومتهيألي ـ أو متأكده ـ انه فهم شعوري بس كان واضح أنه مش بيبادلني نفس الشعور
وهنا بالمناسبة بستغرب قوي من اللي بيقولوا ساعات انهم بيحبوا بس الطرف التاني مش داري بحبهم، متهيألى وقت لما بنحب أو حتى لو فيه بوادر حب أقل حاجة ممكن تعكس مشاعرنا حتى لو بنحاول نخبيها، ومش شرط الانعكاس ده يكون بالتصريح او بكلام كبير، لأ، أقل لفتة الشخص اللي قدامي لو زكي ممكن يفهم معناها أيه.
يعني دي بس حاجة صغيرة بس حبيت أوضحها
.
.

صوفية

عرفتك في ذهولِ تهجدي وقرنفلي أكداسْ
عرفتك في اخضرارِ ألآس
عرفتك في يقين الموتِ والأرماس
عرفتك عند فلاحٍ يبعثرُ فى الثرى الأغراس
وتُزهر في يديه الفاس
عرفتك عند طفلٍ أسودَ العينين
وشيخٍ ذابل الخدين
عرفتك عند صوفيّ ثرىّ القلبِ والإحساس
عرفتك في تعبدِ راهبٍ، فى خشعةِ القداس
عرفتك ملءَ موجِ البحرِ يركضُ حافي القدمينْ
وأهداب العيونِ الزرقِ واستغراقةِ الشفتينْ
عرفتك في صدى الأجراس
عرفتك ملءَ ليلٍٍ يُمطر الدنيا خيوطَ رؤىً وعطرَ نعاس
.
نازك الملائكة