Monday, April 6, 2009

شعري...شعري

لدي حالة ملل من شعري، وهي حالة عادية تنتابني كل عدة أشهر ولا ينفع معها مجرد تغيير التسريحة، أريد أ أجعله أقصر ولكن أجده دائما قرارا صعبا أن أدخل الكوافير وأقول بوضوح أريد قص شعري! خبرتي مع الكوافيرات في قص الشعر سيئة جدا، مجرد الكلمة للكوافير تجعله "يجز" نصف الشعر في غفلة من الزمن، وبعد ذلك لا ينفع بكاء او استعطاف، البديل أمامي للقص هو تغيير لون الشعر، ولكن بما أني سمراء فالالوان أيضا محدودة بين الاسود والبني الغامق، سأحاول البحث عن درجة معقولة ومناسبة من البني ليست غامقة تماما، يعني حتى لو لم تليق بي، مجرد التغيير أحيانا يكون لطيفا

لذا أندهش من السيدات اللاتي يقمن بنفس تصفيفة الشعر لمدة سنوات دون تغييرها، حتى فى المجال الفني والاعلامي والذي من المفروض أن الصيحات والكوافيرات لها دور فيه، مثلا نجوى ابراهيم، سناء منصور، سميرة أحمد نفس الشعر القصير منذ عشرات السنوات دون أي تغيير، نيللي بشعرها الكيرلى الاشقر ولبلبة بشعرها الذى يبدو كقبعة ترتديها منذ عشرات السنين، وغيرهم كثير، في مقابل هذا كانت سعاد حسني تغير دائما من تصفيفات شعرها من القصير للمتوسط للطويل وكل تصفيفة كانت جميلة وأجمل من السابقة، أما أكثر فنانة غيرت في ألوان وتصفيفات وأطوال شعرها بشكل مدهش هي شادية، الأشقر القصير والأسود القصير ثم الأشقر المتوسط الطول والأسود المتوسط الطول، ثم الأشقر الطويل والأسود الليس الطويل، لم تترك شادية تسريحة شعر تقريبا ولا طول ولا لون إلا وغيرت فيه وأيضا كانت جميلة في كل لووك

عموما أنا من النوع الذي لديه "حساسية" تجاه شعر الأخرين، رجال أو نساء، أحيانا أشاهد أشخاص وعلى الفور أجد نفسي أنتبه أن تسريحة شعرهن أو شعرهم لا تليق، ويجب تغييرها دون أقول لهم طبعا، الغريب أن شعر الرجل يلفت انتباهي أكثر من شعر السيدات،
مدير سابق مثلا أول مرة رأيته وجدت شعره كثيفا جدا رمادي اللون متوسط النعومة ولكنه يصففه "بفرق" من جانب الرأس، وفي رأيي أن الفرق من الجانب لا يليق أبدا مع الشعر الكثيف لأنه يعطي الرأس شكلا هندسيا، ولم يكن هناك بالطبع مجال أن أقول له مثل هذا الرأي إلا بعد فترة شهور من عملنا معا وصرنا اصدقاء بشكل يسمح بالحديث عن شعره! فقلت له أن الأفضل أن يمشط شعره للخلف، وفعلا كان وقيل له بعدها من أصدقاء أن شكله أفضل، فكان يضحك ونحن مع الأصدقاء قائلا: البركة في روز هي التي نصحتني باللوك الجديد، فكنت أرد ضاحكة: العبرة ليست باللووك، السؤال المهم هل أتت بنتيجة؟

رجل آخر في الخمسينات كان معي في عمل سابق كان شعره قصيرا إلى حد ما ولكنه يصر على إطالة جزء من الشعر أعلى الأذن ويغطي به الطرف العلوي من الأذن، وهي كانت موضة فى الثمانينات، وكل مرة كنت أراه أشعر بالرغبة فى إحضار مقص ومغافلته بقص الشعر الذي يغطي الأذن!

أما الآن فلدي في العمل شاب مصري لطيف الهيئة ولكنه يسرح شعره على طراز يوليوس قيصر (مثل كاظم الساهر في أغنيته التي يرقص فيها مع الفتيات، أو كيفن كوستنر في بودي جارد) أريد أن اقول له أن هذه التسريحة كانت موضه جدا من عشر سنوات وانتهت، وأحيانا ونحن نتحدث وجها لوجه أتخيل أني رفعت يدي الى جبهته ولمست الشعر الممشط للأمام، وأزحته إلى الجنب فأشعر عندئذ براحة نفسية!! لكن الحمد لله أن هذا الخاطر لم يتعد كونه تخيلا فقط حين أفكر في رد فعله الافتراضي لو فعلت أنا هذا

نعود لشعري
هو عادتا أسود ويصل أسفل الكتفين، متوسط الكثافة ومتوسط النعومة، ومن الأمام هناك تدرج صغير يصل للخدين تقريبا، لا احب الشعر المدرج تدريجات كثيرة بأطوال مختلفة لأنه يبدو خفيفا، على كل سأرى أي لون سأستقر عليه للخروج من الملل من مظهري المعتاد

مشغول


و مشغولٌ
بصدق الوحي عن إيحاء أشعاري
و مشغولٌ بشمس الحب
عن حبي لأقماري
و مشغولٌ بلحظ النور
عن خوفي من النارِ
.

أحمد بخيت

Tuesday, March 31, 2009

الرقص بكعب عالي

الأغنية دي
Creative
هي المفضلة عندي اليومين دول، حاولت أحملها في التدوينة بس معرفتش، كل ما أحاول تظهر لي الشاشة وتقول أن فيه خطأ، وبما أني معلوماتي الانترنتية مبتتعداش الدخول على الايميل والكتابة في المدونة قلت أحط بس اللينك

بسمع الأغنية فى العربية وفي الشغل أحيانا، أما لو سمعتها في البيت ، وكنت فى الموود المظبوط فبقوم ارقص نفس الحركات اللي بتعملها الموديلز في الفيديو، وبزود حركات من عندي، أصلي كنت أخدت من فترة مش قصيرة كورس في الرقص الحديث

أما الرقصة اللي نفسي فعلا اتعلمها من زمان هي التانجو، بشوفه جميل جدا وشيك وزي ما دايما بيوصفوه رقصة
Sensual
الرشاقة والحركات اللي بيها مسحة عنف والتناغم في الحركة مع الرقص بالكعب العالي كلها بشوفها ساحرة بجد، ومسيري يوم هتعلم التانجو حتى لو كان عندي ستين سنة


بالصدفة وأنا في الاجازة في الصيف اللي فات، كنت ماشية لوحدي في الشارع لقيت مجموعة من الرجالة والستات بيرقصوا التانجو في ميدان عام، اللحظة كانت في منتهى الجمال، الجو والموسيقى والرقص واستمتاع الناس والانوار المشهورة للناطحات، فقعدت على سلالم الميدان زي عشرات الناس واتفرجت على الرقص، وأخدت الصورة دي بس
للأسف طلعت مهزوزة ومنقلتش حلاوة اللحظة اللي لسه فاكرها كويس لحد دلوقتي

Saturday, March 28, 2009

رائحة الحقيقة

الحقيقة رائحتها كريهة..أحيانا، وهو ما يجعلنا نحجبها أو إذا لم نستطع أو نرد، فعندئذ نوجه مبعث الرائحة الى طرف آخر

حادثة صغيرة بلا قيمة حدثت منذ سنوات طويلة، بها جانب طريف وجانب سخيف، ولكنها في النهاية تظل بلا قيمة، ولكنني حين قصصتها لم أجرؤ على قولها حسبما كانت، أبقيت الحادثة بتفاصيلها ولكن الأدوار لم تكن في مكانها الصحيح

وسألت نفسي، إذا كنت أنا مدونة مجهولة، لا يعرفني أحد ولا أعرف أحدا، فلما الخوف على صورتي وهى اساسا صورة غامضة؟ ألهذه الدرجة تزعجنا الصراحة أحيانا رغم أنها بلا تداعيات؟ المضحك أنني ألوم الآخرين إذا كذبوا علي في الحياة اليومية، وإذا بي أنا أخشى على صورة وهمية في مدونة صغيرة أمام أعين قراء أعزاء ولكن يظلوا في النهاية أصدقاء الكترونيين

ما أسخفنا وأسخف منطقنا أحيانا

ولكن دعوني الآن أقولها كما كانت، وأعذروا كذبتي/تجميلي كما يرى شريف

في التدوينة السابقة صاحبة العلبة لم تكن سامية بل كانت أنا، صديقتي سامية كانت أنا، التفاصيل صادقة مائة بالمائة لكن الأدوار كانت معكوسة

Friday, March 20, 2009

غريبة...طريفة...مقززة

كنت أعرف صديقة/معرفة، فتاة فى غاية الرقة وبساطة ولطف الشخصية وجمالها من النوع الفاتح الهادىء، يوما ما منذ سنوات طويلة كنا لدى صديقة ثالثة تسكن في شارع العروبة بمصر الجديدة، صادف نزولنا من عمارة الصديقة مشاهدتنا لحادثة مروعة صدمت فيها سيارة شاب يعبر الشارع الجنوني الذي اراه أخطر شارع لمرور المشاه، وفي ثوان وجدنا عشرات أو مئات الاشخاص قد ظهروا فجأة لا أدري من أين، وتوقف السير تماما، فوجئت بالصديقة تجري الى منطقة الحادثة وتعود بعدها بعشر دقائق وهي تقول
ـ دماغه متفتفتة عشرين حته
سالتها بجدية
ـ انتي بتهزري؟ شفتي المنظر؟
ـ آه انتي عارفة أصل انا بحب أشوف منظر الحوادث وشكل الجسم والدم بعدها
.
ـــــــــــ
حكى لي رجل أعرفه أنه لاحظ في الفندق الأوروبي الصغير الذي كان يسكنه بشكل مؤقت أن هناك نزيلا آخرا لديه اعاقة جسدية في إحدى أرجله وذراعيه، وصادف في الصباح أنهما كانا يخرجان سويا في نفس التوقيت تقريبا، وبعد عدة ايام خرج الرجل من الباب أولا فوجد أن المعاق على بعد أمتار في طريقه للخروج من نفس الباب، فقام من باب اللياقة والبديهيات السلوكية بالامساك بالباب له حتى يخرج، اقترب المعاق من الباب ثم نظر للرجل بوجه يتطاير منه الشرر وقال
ـ حذار أن تمسك الباب لي لتفتحه مرة أخرى، هل تفهم؟
.
ــــــــــ
أول مرة أحضر جنازة فى الخارج أثار اندهاشي أن الدفن لم يتم الا بعد الوفاة بعدة أيام، وما أثار اندهاشي أكثر أن الصندوق كان مفتوحا ليلقى عليه افراد العائلة والاصدقاء نظرة وداع أخيرة
كنت اعرف المتوفي اجتماعيا معرفة بسيطة، واندهشت من فكرة أن التابوت مفتوح وأننا يجب أن نلقي نظرة عليه، كانت المرة الأولى التى أشاهد فيها شخصا متوفيا ولاحظت شحوب الوجه وتغير الملامح عن ملامحه التي عرفتها، وكانت الزوجة والابنة الطفلة تقفان قرب التابوت يشكران الحاضرين
تذكرت وقتها ماما كانت دائما تحكي كيف أنها لا يمكن أن تنسى منظر عمتها حين توفت، فقد دخلت والدتي ـ وهي طفلة ـ بالخطأ الغرفة التي توفت فيها عمتها بعد الوفاة بساعات، وشاهدت الجثة وأصابها الخوف من منظرها، وكيف أن والدتها (جدتي) لطمتها على خدها ونهرتها أن تدخل الغرفة وتشاهد العمة المتوفاة لأنه لا يصح للأطفال التحديق أو النظر لجثة، والدتي كانت دائما تقول أن المنظر كان صعبا للغاية وظل لعشرات السنوات لاتستطيع أن تنسى وجه عمتها المتوفاة
.
ـــــــــــــ
صديقتي
هدى كانت تسكن في باب اللوق قبل انتقالها للمهندسين، كانوا يسمعون في الليل أصوات غريبة فى الصالون وحين يضيئون النور يجدون أن المفرش الموضوع على المنضدة فى منتصف الغرفة قد انتقل من مكانه وموضوع على الأرض والطفايات الكريستال والفازة موضوعة فوقه على الأرض بنفس ترتيب وضعهم تماما على المنضده
الحادثة تكررت لعدة أيام، فقاموا باحضار شخص قرأ القرآن في المنزل لعدة ايام ثم اختفت الحادثة والاصوات من بعدها
.
ـــــــــــ
قالت لي
سامية مرة منذ سنوات بعيدة أن أذهب معها لعيادات مصطفى محمود لأنها يجب أن تقوم بتحليل، سرنا حتى جامع مصطفى محمود وسألتها ونحن ندخل المعمل اذا كانت ستغيب في دورة المياه حتى يمكنها اعطاءهم العينة، فقالت لي لأ، وأوضحت أنها أحضرت العينة "جاهزة" منذ الظهر بدلا من الحاجة لدخول دورة المياه فى العيادة، ثم أخرجت كيس بلاستيك من حقيبتها وفتحت الكيس فوجدت بداخله علبة، اندهشت لرؤية العلبة الشيك فهي كعلب الجواهرجية التى نضع بها الاساور الذهبية أو الخواتم، وقالت سامية أنها لم تعرف أين يمكن أن تضع العينة فوضعتها فى علبة صغيرة وقديمة لديها كان بها أصلا مشغولات ذهبية
الممرضة فى المعمل قالت لنا أنه لا يمكن استخدام عينة مضى عليها ساعات وطلبت من سامية الحضور غدا اذا لم تستطع الامداد بعينة في حينه، ثم خرجنا من الجامع وقررنا أن نذهب ونتسوق فى محلات سور نادي الزمالك، وبينما نحن نسير وجدتها تقول
ـ ليس من المعقول أن أسير والعينة معي فى حقيبتي، لا بد أن ألقيها في مكان ما

ونظرا لأن شوارعنا خالية من صناديق القمامة، وقفت سامية لثوان ونظرت حولها حتى تطمئن أنه لا أحد يشاهدنا وأخرجت العلبة سريعا من حقيبتها ووضعتها على الرصيف بقرب الحديقة المواجهة للجامع، وابتعدنا أنا وهي مسرعات، بعد ذلك
بدقائق، نظرنا أنا وهي لبعض لنكتشف أن توارد الخواطر ساقنا لفكرة واحدة وهي أن شخص ما سيجد هذه العلبة مغرية وسيظنها سقطت من إحدى السيدات، وسيهنأ نفسه لأن بداخلها خاتم أو اسورة

Saturday, March 14, 2009

تغيير

بعض التغييرات فى شخصياتنا على مدار السنين تأتي طبيعية ومتوقعة ، وبعضها تبدو غير مفهومة تماما أو متسقة مع شخصياتنا أو حتى مع بقية التغييرات، أثارت انتباهي مؤخرا ملاحظة من إحدي صديقاتي عن تغيير ما فى شخصيتي جعلتني أبدأ فى التفكير بتأن عن الاختلافات التي ألمسها فى نفسي، فوجدت بعضها تغيرات تافهة وبعضها جاد، بعضها مفهوم، وبعضها غير مفهوم، ومنها الطريف وغير الطريف، ورأيت أنه أمر مثير للاهتمام أن أجلس مع نفسي وأحصي التغييرات التي أراها قد طرأت على شخصيتي على مدار العشرة أعوام الأخيرة مثلا

أطرف التغييرات وجدتها في عاداتي الغذائية، بعض الأطعمة لم أكن أحبها أبدا حتى فترة بعد الجامعة مثلا، ولكني الآن أتناولها وأحبها مثل الكوسة المطبوخة والتي كان بابا وماما يحبانها جدا، ولكني أنا وإحدى شقيقاتي كانت بالنسبة لنا كالدواء لا نطيق حتى تذوقه، ولكني الآن أحبها بكل وصفاتها سواء بالصلصة او الصينية باللحم المفروم او بالشامل، بل أني الآن اقطعها قطع كبيرة وأشوحها فقط في زيت زيتون وأكلها وأجدها لذيذة وشهية، نفس الشىء بالنسبة للجبن البيضاء، السمك المشوي، المربى بأنواعها المختلفة، كلها أطعمة لم أكن أكلها والآن أحبها

كنت فى الماضي أحب التحدث مطولا فى التليفون مع صديقاتي، كان لي صديقة حميمة نتحدث بالساعات، وكانت ماما "بتشد شعرها" من ضخامة فاتورة تليفون المنزل وأحيانا أكون مع هذه الصديقة فى الصباح وحين أعود للمنزل بعد الظهر نتحدث مجددا وماما تتساءل:
ـ ماذا جد فى الامر؟ كنتم سويا لساعات وعدتي للمنزل وتناولتي الغذاء ثم تتحدثون الآن مطولا مجددا، ما الجديد لتتحدثوا؟ هل تخبريها أنك تناولتي الطعام وماذا كانت أصنافه؟
الآن أشعر أني أمل بسرعة من الحديث التليفوني، حتى مع أصدقائي اشعر بالرغبة في عدم إطالة المكالمة وشعور بالزهق من السماعة وملامستها لأذني فترة طويلة، وأسعى للاختصار والوصول الى الهدف من المكالمة سواء بالاتفاق على لقاء أو إبلاغ معلومة أو أو

عادات النوم أيضا تغيرت، كنت دائما أنام على الجانب الأيمن ولم يكن وجود ضوء في الغرفة يضايقني أثناء النوم، وأحيانا كنت أنام فترة بعد الظهر، الآن أنام ايضا على الجانب الايسر أو مستلقاه على ظهري، ولا استطيع النوم لو كانت هناك اضاءة واضحة سواء طبيعية أو مصباح، ولا أتذكر أني لسنوات طويلة الآن نمت في فترة الظهر إلا حالات نادرة جدا

مدرستي من الابتدائي حتى الثانوي كانت فرنسية، ثم درست اللغة الانجليزية فى الجامعة، كذلك درست الاسبانية واليابانية لفترات لا بأس بها، فقد كان عندي دائما شغف كبير بتعلم اللغات، ولكني فقدت هذا الشغف الآن، لم أعد أشعر أن لدي الطاقة اللازمة لتعلم لغة ما والمثابرة فى عملية التعليم، وأسأل نفسي اين ذهب حبي الكبير لتعلم اللغات؟

تغيير آخر لمسته أني أصبحت اقل اهتماما بما يظنه الآخرون عني أو بالاحتفاظ بصورة معينة أمام الآخرين، هذا التغيير ربما يكون طبيعيا مع التقدم في العمر، ولا أدرى هل هو تغيير شائع أم لا، ولكن بالتأكيد أن حساسيتي السابقة تجاه أهمية ترك انطباع جيد عني لدى الآخرين و حب أن تكون صورتي أمام الجميع ممتازة لم تعد تعن لي الآن الكثير، أن أكون على طبيعيتي أصبح أهم عندي حتى لو أدى الأمر الى انتقاد من الآخرين

تغييران آخران متلازمان ولكنهما يبدوان لي متناقضين، الأول هو أن ميلي للتواصل اجتماعيا مع الناس أصبح أقل، مقارنة برغبتي فى التواصل الاجتماعي في الفترات التي كنت فيها أصغر سنا، الآن أصبح تفضيلي ـ أو على الاقل عدم كرهي ـ للوحدة أكبر، قد أحافظ على التواصل فى المناسبات اللازمة أما عدا ذلك فلم أعد أضيق بالبقاء وحيدة عكس ما كنت في الماضي

والتغيير الثاني أني أصبحت أجد نفسي أكثر حساسية تجاه المواقف الصعبة التي يمر بها آخرون، وأحيانا حين يحكي لي أحد عن موقف صعب حدث له أو لها أجد عيني تدمع

هذا التغييران في نظري متناقضين ولا ينسجمان، فكيف تتمشى عدم الرغبة المتزايدة فى الاختلاط بالناس مع الحساسية والتعاطف المتزايد مع مشاكل الآخرين؟ لا أدريمنذ عدة أيام قابلت زوجين لم أراهما منذ عام تقريبا، الأثنان في غاية الطيبة والذوق ومن الشخصيات التي أشعر معها أن الدنيا لا زالت بخير، هذان الزوجان محرومان من نعمة الانجاب بلا أمل، وحين تقابلنا مؤخرا أخذا يتحدثان بحماس عن منزلهما الجديد وديكوراته وما تكلفاه في تأسيسه واعداده، واذا بي أشرد ـ وهما يتحدثان ـ فى مدى رغبتهما في الانجاب وكيف أن اهتماماتهما في ظل هذا الوضع قد انصبت على ما حولهما من منزل وسفر ونزهة الخ، ظلت صورتهما تظهر في مخيلتي لمدة يومين بعد المقابلة وأتخيل معاناتهما، بصراحة في السابق ما كان أمر كهذا يشغلني كثيرا طالما لا يمسني شخصيا أو يمكن أن يكون تأثيره وقتي خلال المقابلة فقط، ولكن الآن مثل هذه المواقف تجعلني استرجعها كثيرا في ذهني وتثير لدي دون مبالغة شعور مزيج من الحزن والضيق والكآبة، فكما قلت حساسية من ناحية وتبلد اجتماعي من ناحية أخرى

كن فيكون

لقد ناديتْ ، حين وهنْتُ ،واشتعلَ الصِّبا شَيْباَ
وكان الرزقُ في المحرابِ رمزًا يكْشفُ الغيْبا
وكانت عاقراً دنيايَ، ربّي هَبْ لنا حُبَّا
.
.
أليس الحبُّ أقنومَ الحياةِ ومبدأَ التكوين
له شرفٌ إِلهيٌّ ، يَصوغُ ، ويَكْسرُ القانونْ
يشاءُ الحُبُّ حينَ يَشَاءُ ثم يقولُ : كُنْ فَيَكُونْ
.
.
أحمد بخيت

Monday, March 2, 2009

من دفتر اليوميات

الأثنين 26 مارس 2007

وصل "يوهان" أمس للقاهرة في زيارة لثلاثة ايام
في طريقي لاستقباله للمطار ساءلت نفسي كيف سأسلم عليه بعد حوالي عامين لم نرى فيهما بعضا؟ المصافحة باليد تعكس أقل مما هو بيننا، وقبلة قد تعكس أكبر مما يبدو بيننا، لا أدري، سأتركها للظروف.
أول مرة من فترة أستقبل أحدا فى المطار واكتشفت أنه يجب ترك السيارة فى الموقف واستقلال اوتوبيس حتى صالة الوصول فى ترمينال 2 ، انتظرت عشر دقائق حتى شاهدته يخرج من البوابة يرتدي قميص لبني وجاكت أزرق وبنطلون رمادي، قلت لنفسي من المرات القلائل التي يعجبني فيها ستايل ولون ملابسه، ابتسم من بعيد وأسرع كل منا باتجاه الآخر ووجدنا أنفسنا نتعانق على الطريقة الامريكية أي مجرد ملامسة الأذرع والاكتاف دون قبلات وبادرته قائلة:
ـ لم تتغير
ـ ولا أنت
لم نبدأ الحديث فعلا حتى بدأنا فى التحرك فى السيارة باتجاه ماريوت الزمالك، أول ما قلناه أننا لا نصدق مرور حوالي عامين على لقاءنا الاخير، وصلنا للفندق وبعد أن تسلم مفتاح غرفته قال أنه سيصعد ليضع حقيبته وسيعود بعد عشر دقائق وسألني اذا كنت أفضل الانتظار فى اللوبي أم الصعود، فأجبت أنني سأنتظر فى الكافيه الموجود فى الحديقة
فى الكافيه ظللنا نتحدث بشوق حقيقي عن اخبارنا فى الفترة الماضية، وعلى الرغم من أن الاتصالات التليفونية لم تنقطع بيننا أبدا إلا أن سرد وسماع الأخبار وجها لوجه له طعم آخر، وخلال حديثنا مرت بالصدفة قربي عين ومعها سيدتان أخريتان، ولكنها لم تلاحظ وجودي وأنا لم أحادثها، ولاحظت أن شكلها كان مهندما وصبغت شعرها بلون فاتح جدا يليق بها
بعد حوالي ساعة سألني يوهان ماذا سنفعل، أجبته ليس لدي خطط فاقترح أن نسير في شوارع الزمالك لأنه اشتاق إليها فقد عاش فيها لسنوات فى الماضي

تركت السيارة فى موقف الفندق، وسرنا أولا على الكورنيش حتى مركب الباشا ثم اتجهنا يمينا للشارع الذي يؤدي للماريوت من الخلف، ثم قال أنه يود الذهاب لشارع العزيز عثمان الذي كان يسكن فيه من قبل، وفعلا توقف أمام منزله القديم ليجد نفسه وجها لوجه أمام بواب العمارة ولوح له يوهان بيده وبادره بلغته العربية المكسرة:
ـ اهلا هل تتذكرني
ـ طبعا يا بيك، ازيك
ـ بخير انا فى زيارة لمصر، كيف أولادك؟
ـ بخير
خلال الحوار كان الواضح لي أن البواب لا يتذكره ولكن يجاريه في الحوار، ولكن يوهان قال لي بعد ذلك وهو متحمسا كعادته:
ـ رأيت البواب؟ أنه يتذكرني جيدا
قلت في نفسي
Typical of him
ليست لديه القدرة على استشفاف من يكذب عليه
ثم سألته:
ـ الا تود العشاء؟
ـ نعم ما هي اقتراحاتك؟
ـ قل أنت، ما الذي تشتاق اليه بعد غياب؟
ـ لماذا لا نذهب لمطعم دييلز؟
أجبت: أعرف أنك تفضله ولكن لم اقترحه خوفا من أن تكون ترغب فى مكان آخر

دخلنا دييلز وكل مرة ندخله اتساءل عما يعجبه فيه، فالمكان ضيق والطعام غير استثنائي، كان كل الموجودين أجانب، بينما المصريون يصعدون مباشرة للدور الأعلى حيث الموسيقى والبار

واصلنا أمام طبقي الباستا حديث الذكريات والمناقشة والنميمة والامنيات لمدة ساعتين تقريبا بلا انقطاع، أحب شخصيته وأبرز ما فيها صدقه ونزاهته وهي سمات ـ دون تعميم ـ أشعرها شائعة في شعوب الدول الاسكندنافية

حين أسترجع ما تحدثنا فيه أجد كالعادة أننا نتحدث في كل شىء الا الأمور التي كان سيتحدث بها آخرون لو كانوا فى مكاننا!

خرجنا من الرستوران واتجهنا يسارا، ونحن نسير وجدنا جاليري أنتيكات فى الطابق الاول من عمارة فاقترح يوهان أن نتفقده وقال انه يعرف صاحب الجاليري، ولكن صديقه لم يكن موجودا وأعجبتنا الانتيكات التي كانت أغلبها مغربية وسورية، ثم واصلنا سيرنا حتى الفندق قرب الحادية عشر تقريبا

اتفقنا أن نلتقي غدا في الواحدة ظهرا نظرا لأنه سيمر على صديق له بسفارة بلاده فى القاهرة صباحا أولا، ثم فاجأني:
ـ غدا أود شراء بدلة رقص حمراء
ـ انت تمزح
ـ لا، زوجة صديق لي أوصتني بشراء بدلة رقص حمراء لأنها تتعلم الرقص الشرقي
ـ أوكيه نذهب إذا الى منطقة الحسين، أعتقد أنه على حد علمي المكان الذي يمكن شراء بدلة رقص منه
ــــــ
اليوم الأثنين

تحسبا للسير فى شوارع خان الخاليلي والحسين الشعبية المزدحمة لم أرتد الجينز والتي شيرت، ولكن ارتديت جيب سوداء تحت الركبة وبلوزة قطنية سماوية اللون بورود زهرية صغيرة، صندل أسود مريح ونظارة شمس سوداء وتركت شعري منسدلا
مررت على يوهان فى الفندق وانتظرته فى اللوبي، وحين رأيته كان ممسكا بيده علبة متوسطة الحجم وقال أنها هدية بسيطة، فتحتها في طريقنا للسيارة فوجدت حاملة شمع كريستال ذوقها أنيق جدا، شكرته وأنا أفكر أن هذه ربما ثالث هدية يمنحها لي ودائما هداياه كريستال
أقترحت أن أترك السيارة مجددا فى الفندق ونستقل تاكسي فلم أكن متأكدة أين يمكن أن نجد موقفا للسيارة فى منطقة الأزهر المزدحمة
أشترينا البدلة سريعا من أول محل، ثم سرنا في خان الخاليلي، اقترح يوهان أن نسير في شارع الأزهر باتجاه وسط البلد، كانت الشوارع مزدحمة للغاية بالمارة والسيارات والباعة والبضائع المكدسة على الرصيف، أكره السير وسط الازدحام إضافة الى ما يمكن قرائته في بعض العيون في المناطق الشعبية حين يرون فتاة مصرية تسير مع أجنبي، أما يوهان فكان غاية في السعادة وهو يسير وسط هذا العالم الغريب تماما عن عالمه، فهو يحب القاهرة بشكل يثير دهشتي، وحين أتحدث عن كرهي للقاهرة أو إحساسي بالمرارة أو السخط من الأوضاع والناس، أجده يبادر دائما بالدفاع ويسوق التبريرات لما نحن فيه

في الطريق رن تليفوني فاذا بواحدة من شقيقاتي ـ سبق وحدثتها عن يوهان وموعد وصوله ـ تريد أن تتعرف عليه وتدعونا لمنزلها، رغم عدم تشجيعي وحماسي للفكرة، إلا أن يوهان ـ كما توقعت ـ رحب بها جدا في حماس كالعادة، وكان علينا أخذ تاكسي من وسط البلد الى الفندق ثم الذهاب بالسيارة للمعادي، ولكن قبل ذلك تناولنا سندوتش سريع في كنتاكي عبد الخالق ثروت

تعبت الآن من الكتابة، سأكمل غدا
.
ـــــــــــــــــــــــ
.
نهاية ما كتبته في دفتر اليوميات في 26 مارس 2007

هبة

طفلتي..يا طفلتي المشتعلة
جمعيني بعد أن بددني الليل الطويل
جمعيني من فم الأشياء والظلمة
صبي نارك الأولى بروحي العاشقة
وهبيني ولدا
ترقص الطينة فيه بالمياه الخالقة
.
محمد عفيفي مطر

Saturday, February 21, 2009

ماما وخالتي خلف الباب

ماما كانت بيضاء وممتلئة
خالتي كانت سمراء ونحيفة
ماما كانت في عائلتها قبل الزواج الخجولة والمنطوية
خالتي كانت الشقية والنغشة
ماما كانت صريحة ومباشرة وتفتقر اللباقة أحيانا ويبدو على وجهها فورا مشاعرها تجاه الآخرين
خالتي كانت معسولة الكلام وممكن أن لا تطيق من أمامها ومع ذلك تتحدث معه بطريقة ممتازة لا تدعو للشك بما في داخلها ناحيته أو ناحيتها
ماما تزوجت بابا زواجا تقليديا وكان يكبرها فى السن بشكل واضح
خالتي تزوجت من شاب يقاربها سنا بعد قصة حب
ماما كانت دائما ترى بابا رجلها وملاذها الوحيد والعلاقة بينهما كانت نسخة أكثر حداثة من علاقة سي السيد بالست أمينة
خالتي كانت تشتكي دائما من زوجها وتشعر أنه ضعيف الشخصية
ماما كانت عادتا هادئة ولم تكن مصدر جذب اجتماعي
خالتي كانت مركز اهتمام اجتماعيات العائلة
ماما لم تكن الأثيرة عند والدتها/جدتي
خالتي كانت المفضلة عند جدتي
ماما كانت تزور خالتي مرة كل ثلاثة أشهر تقريبا
خالتي كانت تزورنا مرة كل سنوات
ماما كانت حالتها المالية مع بابا مستقرة
خالتي شهدت ظروفها المالية مع زوجها صعودا وهبوطا

علاقة ماما وخالتي كانت مضطربة دون أن نعرف تحديدا الأسباب، أو ربما لم تكن توجد أصلا أسباب واضحة، وحين نسأل ماما عن السبب كانت ترد أنها لا تعلم ومن ناحيتها لا يوجد احساس سلبي في مشاعرها تجاه خالتي، ولكنها لا تعتقد أن خالتي تكن لها مشاعر ود، وحين كنا نقول لماما أنها لا يجب أن تزورها باستمرار لأنها لا تزورنا كانت ترد بأنها تقوم بالحفاظ على صلة الرحم، كما كانت تعترف أن جلسات خالتي وصديقاتها تمثل مرحا وتغييرا لها (أي لماما) في ظل مسئولياتنا وروتين الحياة

حين توفت ماما لم تقم خالتي بزيارتنا للعزاء ولكنها أرسلت أبنائها، وحين سألناهم عن سبب عدم حضورها قالوا أنها فى حالة نفسية منهارة، البعض قال وقتها الله يصبرها، والبعض الآخر (وأنا منهم) قال الله أعلم بما في القلوب

خالتي توفت مؤخرا
كنت في دبي منذ أيام وقابلت هناك إحدى شقيقاتي التى جاءت من مصر لحضور مهرجان التسوق وأيضا للقائي حيث أني لم أزر مصر منذ حوالي عامين، وبينما نحن ندردش ذكرت أختي عرضا أن خالتي قد توفت منذ أشهر، وقد اندهشت للأمر لأني لم أعرف أن خالتي توفت ولم يبلغني أحد بالخبر، فردت شقيقتي أنها لا تعلم أني لا أعلم بالوفاة، ثم أوضحت أنه غالبا كل واحدة من أخواتي اعتقدت أن الأخرى أبلغتني والنتيجة أن أحدا لم يبلغني ، وسألتها اذا كانوا قد قاموا بواجب العزاء فقالت ان بعض الشقيقات فكرن في إرسال أبنائهن للعزاء مثلما فعلت خالتي الله يرحمها عند وفاة ماما، ولكنهن تراجعن في النهاية وذهبن جميعا لأداء الواجب

حين سمعت خبر الوفاة لا أستطيع صراحة أن أقول أنني تأثرت بشكل كبير، فقد كانت العلاقة شبه مقطوعة وأنا بالذات نظرا لسفري لم أكن حتى على دراية بتطورات الأحداث فى محيط العائلة، ولكني مع ذلك أحيانا أفكر في خالتي وكيف كانت حياتها الاجتماعية غنية ونشيطة وتحب المزاح والمرح حتى فى الظروف السيئة أثناء مصاعبهم المالية أو خلال بعض المشاكل التي واجهت أبنائها وخاصة المرض الشديد لأحد أبنائها وتقريبا اليأس من شفائه، وكانت دائما تدعي عدم تأثرها أو اهتمامها بهذه المصاعب، ومن كان يراها وهي تضحك لا يعتقد لدقيقة أنها تمر بمشكلة ما

أتذكرها كيف كانت النقيض التام من ماما ولا استطيع التغلب على احساسي بالضيق أن ماما كانت تتقرب منها ولكنها (خالتي) كانت دائما تحافظ على المسافة واضحة المعالم بينهما

من استرجاع ذكرياتنا عن خالتي يمكن أن افسر تصرفاتها، ولا أدري إذا كنت على خطأ أو صواب فى هذه التفسيرات، ولكن فى النهاية هي عبرت من الباب الذي لا يمكن فتحه إلا من جانب واحد، وليس لدي سوى ترديد ما سبق ورددته أنا وشقيقاتي: الله يرحمها والله أعلم بما في القلوب، أو بالأصح الله أعلم بما كان في القلوب
.
.
ملحوظة: هناك تفاصيل غيرتها لأسباب أعتقد أنها مفهومة، ولكن الجوهر يظل الجوهر

سوى نفسي

وكان الليلُ مرآةً فأبصرتُ بها كُُرهي
وأمسيَ الميتَ، لكني لم أعثر على كُنهي
وكنتُ قتلتكَ الساعةَ في ليلي وفي كأسي
وكنتُ أشيع المقتولَ في بطءٍ إلى الرمسِ
فأدركتُ ولونُ اليأسِ في وجهي
بأني قط لم أقتلْ سوى نفسي
.
نازك الملائكة

Saturday, February 14, 2009

نصف ساعة على المخدة



أشعر هذه الفترة أنني لا أيمكن إلا أن أضع قناعا أمام الآخرين

عملي يحتم علي مظهر وسلوك معين، ابتداءا بارتداء نوعية معينة من الملابس مع شعر مهندم وماكياج على الوجه، ثم هناك الابتسامة وابداء التفهم لما يقوله الآخرون، ومحاولة جذب العملاء، بغض النظر عن مزاجي الشخصي أو عما يجري أمامي وما يجب أن يكون رد فعلي إزاءه
أعلم طبعا أن العمل بشكل عام يتطلب تحييد مشاعرنا وظروفنا الشخصية، ولكن أيضا هناك درجات للتحييد المطلوب باختلاف طبيعة العمل، وعملي يتطلب أقصى درجات التحييد

إضافة لذلك أنا لست ممن يتحدثون كثيرا عن أمورهم الشخصية، حتى فى إطار العائلة، ماما كانت دائما تقول أنني ابو الهول كمثال لعدم تحدثي عن أموري، فما بالي مع الزملاء؟
لذا كان من السخرية أنني خلال الاسابيع الماضية ـ والتي كانت حالتي النفسية فى إحدى أدنى مستوياتها ـ أن أجد أثنين من زملائي يشيدون بي فى العمل ويطرون استقراري وهدوئي النفسي والابتسامة التي لا تفارقني ويقولون أنهم يحسدونني على هذا، القول بالنسبة لي وفي ظل إحباطي الداخلي وقتها كان كالمزحة، ولثوان فكرت لو قلت لهم أني لست بالهدوء والاستقرار الذي أبدو عليه في كثير من الأحيان وأنني بالذات في تلك الفترة مكتئبة وغاضبة وحزينة، ولكن طبعا لم أقل هذا وإنما اكتفيت بابتسامة مصطنعة وبلهاء وأجبت بصوت هادىء: شكرا للمجاملة اللطيفة، وكان ردهم: لا ليست مجاملة بجد نحسدك على هدوءك واستقرارك

وهكذا تمضى أيامي الحالية بين عمل مكثف فى الصباح وأنشطة مسائية تابعة للعمل وكلها تتطلب ملابس مهندمة وابتسامة وبساطة فى الحديث وألفة فى الحوار وانصات للآخرين يجب أن تبدو عليه مظاهر الاخلاص!

بصراحة لا اشعر أنني أزيل هذا الماسك إلا حين أعود ليلا للمنزل وأغير ملابسي وأرتدي قميص النوم وأزيل المساحيق تماما من على وجهي ثم أغسله بصابون الكبريت كالمعتاد وأمشط شعري وأرفعه لأعلى بالبنسه وأنظف أسناني، ثم أمدد جسمي على السرير وأطفأ ضوء الاباجورة وأريح رأسي على الوسادة، وكعادتي لا أعبر من بوابة النوم قبل نصف ساعة على الأقل من دخولي السرير
عندئذ خلال تلك الثلاثين دقيقة، وعندئذ فقط ورأسي على المخدة أشعر أنني أنا بدون الحاجة الى ماسك

Wednesday, February 4, 2009

رغي

فاكرين كاف؟
لسه معايا اكتر من ممتازة، وانا برضه معاها كويسه فى المقابل، بس دايما أغنية ايهاب توفيق قلبي مش مرتاحله بترن بصوت واطي فى راسي كل ما اشوفها
ــــــــ

كنت بكلم أختي فى التليفون وبقولها اني عايزه آخد شقة فى القاهرة فسألتني لو فيه منطقة مفضلة عندي، فقلت أى مكان المهم يكون نظيف وهادي وفيه خضرة، أختي ردت على طول:
ـ أقرب مكان عندك بالمواصفات دى في أوروبا
ــــــــــ

فى نفس المكالمة اختي كانت بتحكيلي عن واحده نعرفها لسه متجوزه جديد خالص، البنت دى علشان لسه مش واخده على البيت الجديد وهى من النوع الدلوع اللي بيخاف، فلما بتقوم تعمل بي بي فى عز الليل بتصحي جوزها من النوم يقوم معاها علشان خايفة ويستناها على باب الحمام لحد ما تخلص
أنا وأختي طبعا كنا مستغربين من الجوز المهاود ده، وأختي علقت
ـ تخيلي مثلا أنا لو صحيت جوزي بالليل وقلت له يستناني على باب الحمام لحد ما خلص علشان خايفه أروح لوحدي، متهيألي أقل حاجة ممكن يعملها أنه يشلني ويحطني أنا شخصيا فى التواليت ويشد عليه السيفون
ــــــــ

أيه حكاية العرسان الرجالة في مصر اللي بيعملوا ماكياج ليلة فرحهم؟
أول مرة شفتها من أكتر من سنة فى صور الفرح وسألت: هو العريس عامل ماكياج؟ قالولي آه لأن الكوافير بتاعه قاله ان عينيه مرهقة وهيبان وحش فى الصور فحطله كونسيلر وبودرة وقاله أنه مش هيبان انه عامل ماكياج، وطبعا في الصور كانوا باينين، وقلت ساعتها غريبة

وبعدين لسه شايفه صور فرح تاني فى مصر اليومين اللي فاتوا وبرضه العريس شكله باين انه حاطط بودرة
هو ده ايه؟ تقليعه؟ ولا دي صدفه بحته واستثناء؟
ـــــــــ

على سيرة الرجالة والماكياج
أول مرة في حياتي شفت فيها راجل عربي مكحل عينه كان واحد مرتدي الزي الاسلامي ودقنه طويلة ومش مهذبة ، يعني العلامات بتاعة الاصوليين، واستغربت جدا، وبعد ما سألت حد قالي أن تكحيل العين سنة نبوية، بس يمكن تستغربوا لما أقول أن الراجل كان أصلا وسيم جدا (أعتقد أصله جزائري وله قصة صغيرة معايا ولكن خليني احكيها في وقت تاني) وتكحيل العين اداله شكل غريب شوية بس مش وحش
دلوقتي هنا فى الخليج برضه تكحيل العين للرجالة بشوفه أحيانا وبرضه بيديني نفس الانطباع أنه حلو لما الراجل بيبقى شكله أصلا حلو!

عارفة..رأي يمكن البعض يستغربله
ــــــــــ

كنت بتكلم مع صديقة ومدونة عزيزة وجت سيرة البنات اللي بتقعد تكتب فى بلوجاتها على حجم المعجبين بيهم وازاي انهم ـ البنات ـ مش سألين فى الشباب ده الخ، بصراحة ساعتها خفت ليكون ده انطباع اللي بيقروا مدونتي لأني يمكن كتبت مرة أو مرتين عن معجبين وقلت لحسن الناس تفتكر اني عايزة أصور نفسي على أني زي ما بيقولوا بالفرنساوي
Femme fatale
واللي هي الرجالة بيترموا تحت رجليها وهي مش سألة، وطبعا دي مش أنا بالتأكيد، على العكس فيه مرتين كان شعوري تجاه ناس اقوى ومختلف عن شعورهم تجاهي، أنا مش فى موود دلوقتي احكي عن المرتين دول بالتفصيل بس فى مرة منهم كنت حاسة باعجاب تجاه شخص ومتهيألي ـ أو متأكده ـ انه فهم شعوري بس كان واضح أنه مش بيبادلني نفس الشعور
وهنا بالمناسبة بستغرب قوي من اللي بيقولوا ساعات انهم بيحبوا بس الطرف التاني مش داري بحبهم، متهيألى وقت لما بنحب أو حتى لو فيه بوادر حب أقل حاجة ممكن تعكس مشاعرنا حتى لو بنحاول نخبيها، ومش شرط الانعكاس ده يكون بالتصريح او بكلام كبير، لأ، أقل لفتة الشخص اللي قدامي لو زكي ممكن يفهم معناها أيه.
يعني دي بس حاجة صغيرة بس حبيت أوضحها
.
.

صوفية

عرفتك في ذهولِ تهجدي وقرنفلي أكداسْ
عرفتك في اخضرارِ ألآس
عرفتك في يقين الموتِ والأرماس
عرفتك عند فلاحٍ يبعثرُ فى الثرى الأغراس
وتُزهر في يديه الفاس
عرفتك عند طفلٍ أسودَ العينين
وشيخٍ ذابل الخدين
عرفتك عند صوفيّ ثرىّ القلبِ والإحساس
عرفتك في تعبدِ راهبٍ، فى خشعةِ القداس
عرفتك ملءَ موجِ البحرِ يركضُ حافي القدمينْ
وأهداب العيونِ الزرقِ واستغراقةِ الشفتينْ
عرفتك في صدى الأجراس
عرفتك ملءَ ليلٍٍ يُمطر الدنيا خيوطَ رؤىً وعطرَ نعاس
.
نازك الملائكة

Wednesday, January 28, 2009

آخر خيط


منزل العائلة سيتم هدمه

بعد وفاة أبي منذ عدة سنوات، ثم وفاة ماما بعده كان بيت العائلة هو الرابط الفعلي لنا نلتقي فيه اسبوعيا، ومن يشعر فى لحظة ما برغبة فى أن يترك منزله لسبب ما أو ضيق ما يجد بيت العائلة موجود يلتمس فيه الراحة والأمان والألفة ومستودع للذكريات الحلوة التي انقضت
يظل البيت يظل أغلب الوقت، كما أن مساحة المبنى مقارنة بمساحة الأرض والارتفاع الصاروخي لاسعار الاراضى فى المهندسين جعل خيار الهدم والبيع جذابا وذا عائد مجزي كلنا فى حاجة اليه، حينما ناقشنا الأمر نحن الأشقاء كان هناك بعض التردد العاطفي فى القرار ولكن لم يستغرق الأمر سوى أشهر تقريبا ثم وافقنا جميعا بحماس على الهدم والبيع

الآن يفصلنا ايام أو أسابيع عن التخلي عن المنزل، وكلما اقترب الوقت نشعر جميعا بنوع من الندم أو القلق، وكل يقول لنفسه يا ليتنا لم نوافق

أخوتي جميعا لهم منازلهم فى القاهرة مع عائلاتهم، أما بالنسبة لى ورغم ايضا حماسي لقرار التخلي عن بيت العائلة، الا أني أشعر الآن بأسى شديد، وبعد موت بابا ثم ماما يأتي هدم البيت ليقطع تماما آخر خيط لي بحياتي السابقة والتي أشعر أنه لم يعد هناك تقريبا ما يربطني بذكرياتها

أشعر الآن بحنين شديد للماضي، لبابا وماما وأخوتى وبيتنا الكبير وشجرة المانجو فى الحديقة الصغير وللستائر البيضاء الخفيفة فى غرفتي المظلمة، للبلكونة البحرية وهوائها، لسكون شوارع المهندسين وهدوءها، للجيران، لوجه ماما الطيب وحنيتها المفرطة وحساسيتها وافنائها عمرها وصحتها فى سبيل رعايتنا ومصلحتنا، هل حقا كان الماضي بكل هذا الجمال؟ أم أنه فقط الحنين الذي يصبغ عليه الجمال، لا أدري، ولكني أموت أسى واكتئاب وأنا افقد كل صلة لي بالماضي، بطفولتي ومراهقتي وفترة الجامعة

انقطع كل خيط رغم ترابطنا الاخوي والذى مازال الحمد لله يظللنا ويجمعنا فى حدود ما تتيح به ظروف الحياة

المصادفة أنه فى نفس الوقت اتخذ الجيران أيضا نفس قرارنا بعد رحيل الاب وهجرة الابناء للخارج وانتقال والدتهم للحياة معهم، وقد سبقنا الجيران فى البيع والهدم، وقالت لي أختي التي ذهبت للمنزل مؤخرا: جيراننا أيضا باعوا البيت وتم البدء فى هدمه وقد رأيته أمس منظره مخيف
قلت لها نحن أيضا دورنا قادم فى أن يبدو منزلنا منظره مخيف

الشىء


الشىء يصمت احيانا
ولكن يا صديقي
ربما لو نحن أصغنا للشىء..أسمعنا
الشىء لو أنا أصخنا السمع..قال
ولو تحدث مرة عن روع ما يخفيه..أفزعنا
هو لو تكلم بالحقيقة هالنا، وأقضى مضجعنا
فالشىء يعلم أنه لو لم يلذ بالصمت...أوجعنا
لكن لأن لكل شىء حكمة
فالشىء حكمته الحياد
فلا علينا الشىء ...ولا معنا

حسن طلب

Saturday, January 24, 2009

اتنين مكالمة وواحد تشات



المكان: الليفنج
الزمان: أوائل يناير
الشخصيات: أنا وهو وهي

ـ فلانة؟
ـ أيوة
ـ طبعا مش فاكرة صوتي
ـ لا لا مؤاخذه مش واخده بالي
ـ طيب فكري كده شوية، الصوت مش بيفكرك بحد خالص؟
ـ ............معلش طيب ممكن تديني أي هنت؟
ـ المنجة
ـ افندم؟
ـ أنا زمان كنت بحب المشمش دلوقتي بموت فى المنجة
ـ حضرتك بتهزر الظاهر، متهيألي النمرة غلط، انت عايز مين بالظبط؟
ـ فلانه الفلانية
ـ ايوه أنا، بس أنا مش فاكرة الصوت ومعلش لو مقلتش مين هاضطر أنهي المكالمة
ـ أخص عليكي، كده نسيتي ايام سندوتشات مؤمن
ـ معرفش انت بتتكلم عن أيه ومعلش أنا هقفل
ــــــــــــــ
.
.
ـ الو متقفليش تاني، هاقولك أنا فلان الفلاني اللى كنت بشتغل معاكى سنة 1996 فى شركة
.....
ـ لسه مش فاكرة؟
ـ آه أهلا أزيك أخبارك ايه؟ انت بتتكلم من هنا؟
ـ آه أنا وصلت من 3 ايام، خضيتك مش كده؟
ـ معلش أصلي افتكرت حد بيعاكس رغم ان نمرة التليفون ظاهره عندي، ازيك عامل ايه وايه اللى جابك البلد دي؟
ـ جالي شغل وقلت اجرب، انا سمعت ان بقالك كذا سنة
ـ آه بالضبط، ان شاء الله تكون امورك كويسة
ـ عال العال،وأخبارك انتي ايه ، عايشة هنا مع جوزك وأولادك؟
ـ لا، أنا لوحدي والدي ووالدتي أتوفوا فى مصر من كام سنة
ـ البقاء لله، ها قوليلي هشوفك امتى؟
ـ بص بصراحة اليومين دول عندي لخبطة كتير فى الشغل ومش عارفة اذا كنت هستمر ولا ارجع مصر، ادينى كده وقت اشوف اموري ماشية ازاى وهتصل بيك، دي نمرتك مش كده؟
ـ آه
ـ انت جبت ازاي نمرتي بالمناسبة؟
ـ قبل ماجي قابلت عفاف بالصدفة، فاكراها؟ كانت برضه معانا في الشركة وبقولها اني مسافر قالتلي انك هنا بقالك فترة، ولما سألتها على نمرتك مكنتش عندها بس سألت وبعد يومين جبتهالي
ـ بنت حلال قوى عفاف دي، ابقى سلملي عليها لحسن مفيش بنا اتصال
ـ أكيد
ـوأيه حكاية المنجة اللى كنت بتغنيها دي؟
ـ مش فاكرة؟ مش لما كنا فى الشغل مرة قعدنا نتكلم على شريط عيد ميلاد سحر حمدي واغنية المنجة؟
ـ ياه دا انت ذاكرتك حلوة قوي، لا طبعا مش فاكرة خالص، طيب خلينا على اتصال
ـ مستني مكالمتك، متطنشيش
ـ لا ان شاء الله، يللا ربنا يوفقك فى شغلك الجديد، سلام
ـ سلام
ـــــــــــــ
.
.
ـ عارفة مين كلمني امبارح؟ فاكره فلان اللي كان بيشتغل معانا فى شركة كذا زمان؟
ـ مين؟
ـ فلان الفلاني اللي كان معجب بليلى واتقدم لها؟
ـ آه وده ايه اللى فكره بيكي؟
ـ جه هنا يشتغل وعفاف الفلاني فاكراها؟ هي اللى ادته نمرتي
ـ غريبة دا انتي وعفاف اساسا مكنش فيه ود بينكو ومفيش اتصال من زمان، ايه اللي خلاها تعرف نمرتك وتديهالو؟
ـ مش عارفة، بس انا برضه استغربتها، مش معقوله يكون بيكدب ، وهيدخل اسم عفاف ليه فى الموضوع؟
ـ وكان عايز ايه؟
ـ ابدا بيسلم، وبيتكلم كأننا مثلا كنا اعز الاصحاب مع انى افتكرته بالعافيه، احنا اشتغلنا مع بعض تلات شهور تقريبا مش اكتر
ـ ولسه على السماجة بتاعته؟
ـ لا من ناحية السماجة متهيألي زادت حبتين
ـ ها ها
ـ وهتتقابلوا؟
ـ لا طبعا، قلتله اني مشغولة ولما افضى هكلمه
ـ ليه متقابليه؟
ـ والنبي ايه
ـ بجد دا انا كنت سمعت انه طلق مراته، يللا يا عم مرزقه طول عمرك
ـ آه تصدقي وانا أطول واحد زيه؟
ـ لا مطوليش
!ـ بيتش
!ـ مرسي
.
.

Saturday, January 17, 2009

اعترافات صغيرة...ومخجلة


الاعتراف الأول
لدي استعداد لعمل أية مهام منزلية ولا أطيق الأسطح المتسخة أو زجاج النوافذ المغبرة أو أية بقع على الأرض، ولكن يبقى غسيل الأطباق آخر ما أحب القيام به، ومنذ سنوات مضت كانت عادتي أن اترك الأطباق متسخة أياما فى الحوض قبل أن اقترب منها
لم أعد أفعل هذا الأمر الحمد لله، ولكنى أشعر بالخجل من ذكر هذا الموضوع الآن ـ إذا تطرق الحديث عن نظافة المنزل وأن هناك من يترك الحوض متسخا لأيام ـ لأني أشعر أن ما سيدور فى عقل الآخرين هو: يا للقذارة
ـــــــــــــــــــــــــــــ

الاعتراف الثاني
زمان خرجت مع مجموعة أصدقاء فى رحلة ـ فى العمل ـ وكانت معي كاميرا تصوير وأخذت الكثير من الصور، وبعد تحميض وطباعة الفيلم استنسخت الصور ووزعتها على الأصدقاء وأخذت المقابل المادي لثمن الصور
حين أتذكر هذا الأمر الآن بجد ينتابني الخجل من أنى أخذت مبالغ زهيدة ثمنا للصور ولا أعلم لماذا فعلت هذا، ربما لو كانوا غير مصريين لكان الأمر عاديا، ولكن مع أصدقاء مصريين اشعر أن تصرفي كان
Cheap
وما زاد الطين بله أنه فى رحلة تالية رفضت إحدى المشاركات فى الرحلة أن تأخذ ثمن الصور التي أخذتها لنا قائلة أن المبلغ لا يستحق
ما أتمناه أن يعرف الناس أننا أحيانا نخطأ ونرى سخافة أخطاءنا ولا يجب أن يحكم علينا الآخرون بسبب خطأ واحد
ـــــــــــــــــــــــــــ

الاعتراف الثالث
صديقتي وطبيبتي التي تحدثت عنها في تدوينة الأوله آه
كانت متزوجة ولديها طفلان، وكانت حياتها الزوجية حين عرفتها تمر بمرحلة باردة للغاية انعدمت فيها العاطفة وتحولت إلى روتين يومي يبدأ بتوجه كل من الزوجين للعمل صباحا والاستذكار للأطفال بعد الظهر ثم عمل كل منهما في عيادة خاصة في فترة المساء والعودة متأخرا، حتى لحظاتهما الحميمة ـ كما قالت لي ـ أصبحت نادرة وميكانيكية تبدأ باقتراح من طرف، واستجابة (أو عدم استجابة) من الطرف الآخر وفقا للمزاج والظروف
قادت الصدفة صديقتي لمقابلة خطيبها وحبها الأول والذي أيضا تزوج وأنجب، وعادت المشاعر بينهما مرة أخرى للظهور، وذات يوم أرادت أن ترسل له فاكس تتحدث فيه عن أشياء تخصهما، وأعطتني هذه الرسالة لأقرأها ولإرسالها من الفاكس الخاص بي، فقمت بذلك ثم أعدتها لها

ما أخجل أن أقول أنى فعلته هو أنى احتفظت بنسخة من هذا الخطاب معي ، لا أعرف لماذا فعلت ذلك وماذا كان هدفي، مجرد تصرف تلقائي وقتها جعلني أصوره واحتفظ به، ولكنى حين أحاول الآن أن أجد تفسيرا لما فعلته لا أجد تفسيرا مقنعا، المهم انقطعت صلتنا لأسباب خارج إرادتنا، وبعد سنوات عثرت على الخطاب بالصدفة بين أوراقي فمزقته
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الاعتراف الرابع
كنا نعمل معا، والعلاقة صداقة وود، ومع الوقت لم يكن لدى شك أن هذه الصداقة تتحول من جانبه تدريجيا إلى شيء آخر، وفى يوم تلقيت منه ايميل يصرح فيه دون مواربة عن شعوره، لم يكتب كلمة "أحبك" ولكنه قال المعنى بوضوح

أثار الأمر ضيقي لأني ـ في ظل عدم المبادلة ـ أحسست أن صداقتنا الحلوة في طريقها للنهاية، وفى نفس الوقت احترت فى كيفية الرد، وددت أن أركز تفكيري وأكتب ايميل يتضمن معاني تعكس مشاعري بالود والمعزة تجاهه وتقديري لجمال وقوة شخصيته ورجائي بأن يبقى ما هو جميل بيننا جميلا إلى الأبد، ولكن فى نفس الوقت أضع النقاط فوق الحروف بأسلوب لطيف وودي يمتص (أو يحاول امتصاص) أي خيبة أمل أو مشاعر سلبية تتولد لديه من مضمون الرد، ولكن نظرا لأن تلك الفترة كانت مشحونة بالعمل والانشغالات فقد أخذت يوما وراء يوم أؤجل الرد على الايميل حتى يكون لدى الوقت اللازم لصياغته
مضى تقريبا أسبوع، فإذا بهذا الشخص يتصل بى تليفونيا فى إحدى شئون العمل على غير المتوقع وكان صوته عاديا وفى نهاية المكالمة سألنى:
ـ لقد بعثت لك ايميل من أسبوع هل وصلك؟

أسقط فى يدي، فلم أكن أتوقع أن يسألني عن الموضوع، وفى خلال ثوان حسبتها سريعا هل من الأفضل الادعاء كذبا بأنه لم يصلني الايميل أم أقول له أنى كنت منشغلة لدرجة أنى لم أرد على رسالته وما تحويه من مشاعر، الرد الثانى سيوحي بالبرود والتجاهل و"الجليطة" رغم أنها والله لم تكن أسبابي فى عدم الرد، المهم لا أدرى إذا كنت ما فعلته صواب أم خطأ ولكني وجدت نفسي أدعى بأني لم أتسلم الايميل

اقسم بالله أن ما حدث بعد أسبوعين تقريبا هو الموقف التالي بحذافيره

كان على إرسال ايميل خاص بالعمل لهذا الشخص، وقتها لم أكن أحفظ العناوين فى الجزء الخاص بجهات الاتصال، وإنما عادتي استسهالا أن أقوم بعمل
Reply
على أية رسالة سابقة من الشخص الذي أريد مراسلته، فقمت بكتابة خطابي المهني وارسلته، وفى اقل من ثانية بعد أن ضغطت كليك إلإرسال اكتشفت أن الرسالة التي أجبت عليها هي رسالة الايميل الذي سبق وبعثها لى حول مشاعره دون أن أحذف رسالته الأصلية

مهما قلت شعوري بعد إدراكي ما فعلته لن أستطيع الوصف، ما أتذكره أنى ظللت اردد: شيت شيت شيت، لم أكن أريد أن أبدو كشخصية تتجاهل مشاعر الآخرين، فإذا بي أبدو كذلك، بل وأيضا كاذبة

لم يفتح معي هذا الشخص الموضوع بعد ذلك، ربما ظن أنى أرسلت الرد عمدا على رسالته القديمة، وربما فهم أنه خطأ منى، وربما وربما لا أدرى، من ناحيتي أردت يوما أن أتحدث معه وأوضح الحقيقة أن السبب الأصلي فى تأخري في الرد أنى أردت بعض الوقت للتركيز فى رد يحمل قدر ما أحمل تجاهه من ود ومعزة ورغبة فى استمرار صداقتنا، وأن الإحراج من تأخري فى الرد كان هو الدافع للكذب، ولكنى لم أفتح أبدا الموضوع معه،
فالحديث فى الأمر أصلا كان محرجا برفض مشاعره، فما باله الآن أصبح سلسلة متتالية من الموضوعات المحرجة بدءا برفض مشاعره وعدم الرد والكذب والخطأ في إرسال الرد المتعلق بالعمل على رسالته الشخصية ثم الاعتذار عن كل هذا، فى النهاية فضلت تجاهل الأمر برمته، وهنا أيضا لا أدرى إذا كنت ما فعلته خطأ أم صواب

ظلت علاقتنا جيدة وان لم تعد كسابقها، ثم فرقتنا الأيام والظروف، ورغم أني لا أعتقد أن الظروف ستجمعنا ثانية لكنى أشعر حتى الآن بالخجل والضيق من الموقف

بالمناسبة
هذا الشخص اصبحت له الآن مكانة مهنية واجتماعية مميزة للغاية، إحدى صديقاتي التى تعلم بالموضوع سألتني اذا كنت الآن أندم على رد فعلي تجاه مشاعره، فأجبتها نندم إذا كنا نحمل مشاعر تجاه شخص ما ولكن خطأ ما ـ منا أو من الطرف الآخر أو من الظروف ـ أدى للفراق، ولكن حين لا نحمل مشاعر لا يكون هناك ندم

Tuesday, January 13, 2009

سلالم حلزونية ملونة


الأبيض
يهزمني بمجرد أن أراه، فهو لون يجردني مقدما من أي سلاح لدي ضده
أول هاجس لي مع الأبيض هو خوفي من أن يصاب بما يعكر نقاؤه

الأسود
تدخل محرابه فى خشوع لا تنبس بكلمة
وتخرج من محرابه أيضا فى خشوع دون أن تجرؤ أن تتحدث عنه بسوء

الأحمر
دنس
مشاعر مؤججة انتقام وشبق وغيرة
وأفعال مؤججة كالقتل والجنس والعنف
حتى الآن ما إن أراه حتى استرجع لثوان الذكريات الأولى المرتبكة لأيامي الحمراء

الأزرق
يبتلعني
لون الأسرار والعمق
أحب الألوان ولا أملك سوى التحيز لمن يحبونه
فاتحه اللبني صفاء، وغامقه الكحلى أشد سوادا من الأسود
اللون الوحيد اللامتناهي، هل هناك نهاية للسماء أو للبحر أو لعمق العيون الزرقاء؟

الأصفر
براق ومبتسم بلا هوية

البمبى
مراهق فى انتظار البلوغ
هو الأحمر قبل أن يتلطخ

الأخضر
كان لوني المفضل فى الطفولة
أحبه فى الطبيعة، عدا ذلك أقف منه على حياد، فهو فى منتصف المسافة بين الرغبة وبين الهدف
مبهج دون اسراف ومنتشي بلا رعونة

البنفسجي
قال عنه حسن طلب:
"الأزرق والأحمر توهج
صار بنفسج "
لون أقوى مما أحتمل، فلا أقترب منه إلا بحذر، ولا أبتعد عنه إلا بمقدار

البرتقالي
رغبة فى فجور
مجرد رغبة
لكن إذا خطوت تكون قد وطأت مملكة الأحمر

النبيتي
أحمر تقدم به العمر ففقد ألقه، ولكن تحت العينين الذابلتين جذوة مجون قديم مشوبة بالشجن

الذهبي والفضي
قد يوجدان فى الطبيعة، ولكني أحسهما مع ذلك صناعيين
تغمرني دائما معهما الرغبة لكشط اللون لأصل للون الحقيقة تحت كل منهما

الألوان
كلما حدقت بها شعرت كما لو كنت أهبط في سلالم حلزونية ضيقة وملونة