Wednesday, September 24, 2008

أصدقائي فى غرفة الليفنج

هو يدخل عادتا فى هدوء إلى بقعته المعتادة ممددا جسده البني على الرخام مستمتعا بما يشعه من بروده بفعل المكيف، ثم يغمض جفونه فى استرخاء لذيذ، وبين الحين والآخر يفتح عينيه ليتأكد من وجودي، وحين يرى أنى مازلت على الأريكة يهز ذيله خفيفا ثم يواصل غفوته

أحدهما رمادي طويل والآخر أسود وقصير، الأول للتليفزيون والثاني للريسيفر، يكادا لا يفترقان، متلازمان على المنضدة أو على الأريكة أو على الأرض، أحيانا أخالهما رجل وامرأته، أقول خيرا أنه ليس هناك من يتحكم فيهما سواى، فطالما سمعت عن خلافات عائلية على من له حق السيادة على الريموت كونترول

لوجو الويندوز يشتعل ثم ينطفئ على الخلفية السوداء، يكبر ثم يصغر، يظهر مرة فى منتصف الشاشة ومرة فى ركن منها، وذلك حتى تلمس أصابعي الكيبورد فيختفي اللوجو ويظهر السكرين سيفر ببحره وشاطئه ونخيله

كنبتى الزرقاء الوثيرة هى رفيقة أيامي، تزينها مخدات مربعة صفراء وأخرى أقل زرقة، تحتضنني كراحة يدين أو كقلب معطاء غير مبالية بحالاتي المزاجية المختلفة

أمامي صور عديدة على الحائط لأحباب مازالوا، وأحباب كانوا، بعضهم يبتسم وبعضهم يتصنع الابتسام وبعضهم ذو نظرة حالمة أو أخرى واجمة، والخلفيات تتباين من بحر، لغرفة منزل، لكوشة فرح، وأحيانا مجرد حائط أصم فى ستوديو تصوير

سلاح دمار شامل من البلاستيك الأصفر أضعه فى الدور السفلى من المنضدة، يعمل في أحسن حالاته على الزجاج، ويترك ضحاياه السوداء الصغيرة تتساقط فألملمهم بقطعة كلينكس والقي بهم فى السلة مزهوة بنشوة انتصاري

هاتف أسود جديد بلا ذيول سلكية، ولد فى الصين ثم هاجر للولايات المتحدة حيث التقطته خلال إجازتي الصيفية لرخص ثمنه ومتعة الكسل التى يمنحها

هل كنت أحن فى اللاوعي إلى مهد الطفولة الهزاز حين اشتريت المقعد البنى؟ ربما، ولكن الغريب أنى حين أجلس عليه الآن أجد نفسي أهزه بعنف فيندفع للأمام وللخلف فى عنفوان، كما لو كنت فى أرجوحة ملاهي، فى حين لو جلس عليه شخص آخر وهزه بعنف أمامي أشعر بعصبية وأجد نفسي أردد:إنه كرسي هزاز وليس أرجوحة ملاهي

Saturday, September 20, 2008

كاف وحركاتها

تعرفت على كاف منذ حوالي ثمانية أشهر فى مناسبة اجتماعية، ثم قابلتها بعد ذلك فى حوالى خمس مناسبات أخرى، منذ اللقاء الأول شعرت أنها تحمل شعورا سلبيا تجاهي او أنها لم تستلطفني، ولكن فى المرات الخمس التالية لم يكن الأمر مجرد شعورا ولكنها كانت تقوم كل مرة بحركة صغيرة وسخيفة ما، حركات لن يلاحظها الكثيرون ولكن لأني المعنية بها فقد شعرت بها

فى البدء قلت لنفسي ربما أتوهم، أو ربما أضخم بعض الأمور وأحملها أكثر مما تحتمل، أو ربما حتى أكون أنا من يعانى من بارانويا، أو قد تكون طبيعتها هى السخافة مع الجميع، ولكن مع الوقت ازددت يقينا أن هذه التصرفات الصغيرة ليست عفوية ولا تتم مع الأخريات، ولكنها مقصودة لتوجيه رسائل بعدم الاستلطاف

حسنا هى حرة فى مشاعرها واستلطافها للآخرين من عدمه، ولكن لا أنكر أننى حاولت ـ بأقصى موضوعية يمكن أن أتبناها ـ أن أجد سببا وراء هذه التصرفات منها فلم أستطع التوصل لتفسير منطقى ، فأنا فى الأغلب الأعم مهذبة جدا مع الناس وخصوصا من لا اعرفهم أو الذين أعرفهم معرفة محدودة، كما أنى لست من النوع الذى يجرح بالكلام أو أعطى تلميحات بمعاني مبطنة فى الحديث، ولا أريد هنا أن يعتقد أحد أنى أصور نفسي مثالية، لا ، أنا لي عيوبي الضخمة ولكن طريقة التعامل مع الناس ليست إحدى عيوبي بل إحدى مزاياي بشهادة الكثير ممن حولي، قد تتسم معاملاتي مع من لا أعرفهم بالتحفظ ولكن لا أرى فى هذا عيبا، فبقدر عمق العلاقة يكون عمق الانفتاح على الآخرين ولكن دائما فى إطار من التهذيب

وفى النهاية قررت تحديد معرفتي بها وتقليل فرص الالتقاء بقدر المستطاع حتى أتجنب حركاتها السخيفة، فهى أولا وأخيرا لا تعنى لى الكثير أو القليل

منذ شهرين كنت مدعوة فى مناسبة اجتماعية وصلتها متأخرة، وكانت الكراسي الفوتى فى منزل صاحبة الدعوة تم ملئها بالمدعوات، فطلبت صاحبة المنزل من إحدى العاملات لديها إحضار كرسي من كراسي السفرة لأجلس عليها واعتذرت فى ود عن عدم ملائمة الكرسي، ولم يكن هناك مكانا يمكن وضع الكرسي فيه إلا فى إحدى الأركان وليس ضمن دائرة الكراسي الفوتى التى تجلس عليها بقية المدعوات

كانت كاف موجودة فى هذه المناسبة، وبعد قليل جاءت شخصية نسائية ذات حيثية لا نعرفها جميعا على المستوى الشخصي، ولم تقم صاحبة المنزل بتقديمنا إليها ولكن كاف هى التي تولت هذه المهمة لأنها تعرفها، فبدأت كاف فى ذكر أسماء الموجودات وماذا يفعلن واحدة واحدة ومرت على الجميع وأنا الوحيدة التى تجاهلت وجودي تماما

قد يرى البعض أنه نظرا لجلوسي فى مكان جانبي ربما لم تلاحظني ولكنى على يقين أنها تعمدت هذا التجاهل ، فالغرفة ليست بالكبيرة وكل الموجودات لا يتعدين ثمانية سيدات، وحضرت أنا متأخرة قبل دقائق من وصول صاحبة الحيثية وسلمت على الجميع باليد بما فيهم كاف، فلا أظن أنى تحولت إلى غير مرئية خلال دقائق فى غرفة محدودة فيها ثمانية أشخاص

بصراحة بعد هذا الموقف فعلا شعرت بالضيق وقررت محاولة التجنب التام لكاف، لو حدث وتقابلنا سأحييها بطريقة عادية ولكن حتى درجة الود المحدودة التي كانت بيننا سألغيها، لأني ببساطة وصلت لقناعة أن لديها خللا ما فى شخصيتها أو مرض ما أو الله أعلم ماذا تعانى بالضبط، ولكنى على أية حال لن أضع نفسي في موضع مشابه لما حدث، الغريب أنه فى خلال نفس السهرة جاءت بعد ذلك ونحن نتناول الحلو بعد العشاء وسألتني عن أخبار عملي وهل كل شيء على مايرام!

كنت عندئذ قد توصلت لاحساس لا أدرى مدى صحته وهى أنها تريد إثارتي أو تريدني أن أبدى شعورا بالضيق أو أن أعبر عن هذا الضيق بشكل ما وأنها سترتاح إذا ما أظهرت لها أنى شعرت بالاهانة أو بالاستهانة أو أو، لذا قصدت أن أجيبها بطريقة طبيعية بقدر الإمكان وقلت لها بخير الحمد لله دون أن اسألها فى المقابل عن أخبارها هى

منذ بدء رمضان والدعوات مستمرة من صديقات ومعارف وزميلات، وقد قمت أنا بدعوة بعض الصديقات والمعارف فى أوائل أيام رمضان، وطبعا لم أدعوها، وبعد يومين من دعوتي وجدت معرفة مشتركة بيننا ـ هى صديقة لها فى الواقع ـ تأتى ويدور بيننا حوار عادى ثم سألتني لماذا لم أدع كاف فى الإفطار، فرددت بأن المعرفة بيننا محدودة ولا يوجد سبب لدعوتي لها، فردت قائلة لكنه سبق لى أنى دعوت كاف وقبلت كذلك دعوتها فى السابق ـ وهذا فعلا حدث فى بداية المعرفة ـ ، وعندئذ بصراحة لم أجد نفسي إلا وأنا أحكى عن مواقفها السابقة معي وقراري تقريبا بمقاطعتها، فلم تعقب المعرفة بشيء له معنى

وفى الحقيقة ندمت شديدا بعد ذلك أنى قلت لهذه المعرفة تفاصيل الموضوع لأني متأكدة أنها ستنقل كل ما قلته لكاف رغم أنى طلبت منها عدم نقل هذا الكلام لأنني لست فى محل عتاب لأن العتاب بين الأصدقاء فقط وهى ليست صديقة، وزاد شعوري بالندم أن كاف ستشعر بالارتياح لأني نفثت عن ضيقي وشكواي وبهذا تكون حققت هدفها المريض
الطريف أنى قابلت كاف بعد ذلك أيضا فى مناسبات إفطار مختلفة ـ وبالتأكيد بعد أن قالت لها المعرفة عما قلته فى حقها ـ وكانت فى منتهى الظرف والبشاشة ولم تقم بأى حركة سخيفة لا صغيرة ولا كبيرة

أليست هذه فعلا أعراض مرض نفسي؟ كنت مهذبه عاملتنى بطريقة سيئة وحين تجاهلتها فى دعوتي أبدت بشاشة ولطف، كما لو كانت فقط تنتظر أن أعبر عن ضيقي من تصرفاتها وأشكوها للآخرين حتى تتغير وتصير لطيفة ؟

يللا من ضمن ما نشاهده من عجائب أحوال الناس

Monday, September 15, 2008

ذكرى وسوزان

رغم اختلاف حادثتي مقتل ذكرى وسوزان تميم إلا أن هناك تساؤلا شغلني حين كنت أقرأ عن مقتل ذكرى، ولدى نفس التساؤل الآن حين أتابع ما يكتب عن مقتل سوزان

في الحادثتين هناك ملياردير يتعرف على فنانة وهو يدرك تماما أسلوب حياة هذه الفنانة والمسافة الكبيرة التي تفصل بين هذا الأسلوب وبين حياة الناس العادية، ويدرك أيضا الفجوة بين هذا النمط من الحياة والحياة التي يريدها مع امرأة قرر الارتباط بها، ورغم ذلك يتم الزواج أو نية الزواج ليبدأ الرجل بعد ذلك رحلة الغيرة الشديدة ومحاولة تغيير هذه الفنانة

مع ذكرى كانت هناك غيرة عمياء وقيود عليها فى السفر وفى التعرف على الناس، وفى فورة غضب أعمى بسبب هذه الغيرة تمت الجريمة

ومع سوزان هناك أيضا غيرة وطلب منه بأن تلتزم فى حياتها وتنتهج حياة جديدة، بل من السخرية ما قاله والدها عن رغبة رجل الأعمال فى أن تكمل سوزان دراستها الجامعية وأيضا تكفله لها برحلة عمرة للأراضي المقدسة ـ ومن يدرى ربما أيضا رغبة فى أن تتحجب وتعتزل ـ وحين تفشل هذه المحاولات تأخذ العلاقة مسارا آخر

السؤال الذي يلح ما الذي يجعل هذا الرجل أو ذاك يختار من يعلم مسبقا باختلاف مسارها وأسلوبها عن مساراته ثم يقوم بعد ذلك بمحاولات مستميتة وجنونية ليغير في حياتها من النقيض الى النقيض؟
هناك كليشيه سيناريو تقليدي ومعروف عن الرجل الملتزم المحافظ الذي يقع فى غرام لعوب تنسيه أسرته ويجرى ورائها، ولكن حتى هذا السيناريو لا يصلح فى هاتين الحالتين لأن كلا الرجلين عرفا بجولاتهما فى عالم الفنانات والعلاقات والزواج والطلاق

طالما أنهما كانا مهتمين لهذا الدرجة بأسلوب حياة ملتزمة ومحافظة لزوجتيهما أو من ستصبحان زوجتيهما، فلماذا اختارا أولا من الوسط الفني؟ هل كان سيجدان صعوبة في التآلف مع عشرات أو مئات من الجميلات ومن أوساط مشابهة لأوساطهم وذوات أسلوب حياة أكثر تقليدية وأكثر محافظة؟

من دواعي السخرية أن ننتقى المختلف ثم نتذمر ونشتكى بعد ذلك من اختياراتنا ونستميت فى تغيير هذا المختلف، وإذا لم تجد محاولاتنا فى التغيير نلجأ للقتل أو على أقل تقدير للعنف والإيذاء

حب تملك؟ تناقضات من ضمن تناقضات عالم الرجال؟ ذكورية ترى أن مجرد بذل المال وادعاء الحب والرغبة في الزواج هو ثمن يتم التلويح به للمرأة لتتغير من نقيض لنقيض لتلائم معايير الرجل فى المرأة التى يريدها زوجة؟كل هذه الأسباب مجتمعة؟

Wednesday, September 10, 2008

حوادايه حب وحوادايه عفاريت

للشوارع حواديت
حواداية الحب فيها
وحواداية عفاريت

صلاح جاهين
.
.
لم تتعد معرفتي بمنطقة وسط البلد وأنا طفلة مشاويرنا أنا وأختي الصغرى مع ماما بالتحديد شارع فؤاد لشراء ملابسنا من محل أسمه فتال، وكنا فى العادة بعد ذلك نتناول الجاتو فى حلوانى تسيباس المواجه للمحل، ومنذ صغرى وأنا أفضل أي جاتو شوكولاتة، ومرات أخرى أحيانا كانت شقيقاتي الأكبر سنا ـ وبيننا فرق ملحوظ فى العمر ـ يأخذونى معهن للسينما وكانت عادتا سينما ريفولى

فى مرحلة ثانوي والجامعة كانت وسط البلد تعنى لي المنطقة التي أجد بها بنطلونات جينز مستوردة، فكان شارع الشواربى هو وجهتي، وأيضا فى هذه المرحلة بدأت معرفتي بفيروز فكنت أشترى شرائطها من مدبولى فى ميدان سليمان باشا ومن بلوستارز فى الشواربى ومن راندافون فى إحدى الممرات من شارع فؤاد/26 يوليو

أما معرفتي الحقيقية وحبي لمنطقة وسط البلد فقد جاء بعد تخرجي من الجامعة مباشرة فى أول التسعينات وعلى مدار عام ونصف تقريبا كنت يوميا أذهب إلى وسط البلد لعدة أسباب أولها كنت بدأت العمل فى إحدى شركات السياحة هناك، وكذلك فى هذه الفترة تعرفت على صديقة كانت الأقرب والأحب إلى قلبي وكانت تسكن فى منطقة وسط البلد ـ التى طالما تساءلت وأنا طفلة هل يسكنها أفراد أم هى مجرد منطقة محلات وأعمال ـ وثالثهما لأني قبل عملي كنت بدأت دراسة التاريخ والآثار فى إحدى المعاهد الخاصة بنية دخول مسابقة الإرشاد السياحي، وكنا مجموعة الطلبة نلتقي مرتين أسبوعيا فئ ميدان الأوبرا قبل السير إلى منطقة الأزهر وشارع المعز فى إطار دراستنا للآثار الإسلامية فى القاهرة القديمة

أحببت وسط البلد بشوارعها وممراتها ومبانيها الأوروبية الطابع القديمة بأبوابها الضخمة وزخارف البنايات والتراسات، بالانسجام فى طابعها، وبمقاهيها ومطاعمها ، وكنت اقضي طوال اليوم في المنطقة ، صباحا فى العمل أو الدراسة وبعد الظهر والمساء مع صديقتي سواء في منزلها او نسير على أقدامنا نلفلف فى الشوارع، نأكل فى آلاميركين أو فلفلة أو إذا كانت الحالة المادية أفضل فى بيتزريا هيلتون النيل، أو نجلس فى ابيس كافيه فى نفس الفندق أو فى جروبى فى شارع قصر النيل أو الاكسلسيور فى تقاطع عدلى وسليمان، أو أحيانا نتجرأ لنكون الفتيات الوحيدة التى تجلس فى قهوة ريش فى وقت لم يكن جلوس الفتيات على قهوة ريش بعد أمرا شائعا باستثناء السائحات طبعا، كنا أيضا نمر على المكتبات بدءا من دار المعارف فى شارع عبد الخالق ثروت لمكتبة الانجلو فى شارع عماد الدين او لدار الكتاب الفرنسى فى شارع قصر النيل او مكتبة هاشيت فى ميدان طلعت حرب/ سليمان باشا

وقد تعرفت على أماكن لم أكن أعلم عنها شيئا مثل المبنى الجميل للفندق العتيق فى شارع فؤاد فى مواجهة الآميركين والذى لا أتذكر أسمه الآن ومدخله من ميدان خلفى مبلط يشبه الميادين الأوروبية الصغيرة القديمة، وكذلك مبنى فندق الميتروبوليتان ، كذلك عرفت أن هناك قهوة شعبية قرب منزل صديقتى يجتمع بها الصم والبكم ومشهورة بهذه الصفة، وسرت فى الممر الخفى الواصل بين شارع فؤاد وشارع عادلى

من وقتها أنا أعشق منطقة وسط البلد، ومازالت حتى الآن هذه المنطقة تذكرنى بهذه الفترة من حياتى وهذه الصديقة ذات القلب الطيب والدم الخفيف والتى فرقتنا الظروف فلم أعد أعرف منذ سنوات أين هى

مرت على وسط البلد مرحلة تدهورت فيها وربما مازالت، حيث انتقلت المحلات والأماكن الاكثر أناقة نسبيا إلى المهندسين أو مصر الجديدة وبعد ذلك مدينة نصر، ولكن يظل لوسط البلد عبق خاص لا يوجد بغيرها، عبق ما كناه وما يبدو أننا لن نكونه مرة أخرى

حين كنت في القاهرة فى يونيو ويوليو من العام الماضي كنت أمر بالسيارة بوسط البلد في طريقي شبه اليومي من المهندسين لمصر الجديدة وبالعكس، وأحيانا كثيرة تمنيت الوقوف والسير على قدمي ولكن الزحام الذي يفوق الوصف ليلا كان رادعا، إضافة إلى حقيقة أن أكثر من نصف المارة هم من شباب ثانوي والجامعة هو ما ضاعف من صعوبة فكرة السير، لكنى وجدت أن أفضل وقت للسير فى الشوارع هو يوم الجمعة صباحا، او خلال الأسبوع حوالي الساعة الرابعة او الخامسة بعد الظهر حين يخف الزحام فالموظفون غادروا وزوار المساء لم يصلوا بعد، ووجدت مجددا العام الماضي محال قديمة لكنها جديرة بالزيارة وشراء الهدايا مثل معرض شركة الخزف الصينى فى شارع طلعت حرب أو محل جميل للانتيكات والفضة الأسيوية الرائعة فى آخر شارع قصر النيل قرب ميدان الأوبرا

أتذكر منذ سنوات حين تحادثت مع
المهاجر الفلسطينى لمعان عينيه حين كان يتحدث عن وسط القاهرة فى نهاية الأربعينيات أو بداية الخمسينات من القرن الماضي، وكيف أنه في غربته كان وسط القاهرة حلما جميلا يراوده حتى زارها مؤخرا فى التسعينات وصدم بما رآه، ولكنى أجبته وقتها ـ فى حديثنا الذي استمتعت به كثيراـ أن الذكرى عادتا تكون أجمل وأكثر رومانسية من واقعها