قبل السفر للخارج ينتابنى عادنا شعوران
أولا هناك الشعور بالراحة والسعادة أنى سأترك مصر وبالذات القاهرة بكل ما فيها من مظاهر أكرهها وأستقبحها من زحام وضوضاء ولا أدمية وظلم وكبت وانعدام ذوق وتلوث وهوس جماعى بالقولبة، وهى كلها مظاهر ألمسها وأحسها فى حياتى اليومية وتغذى شعورى بالاحباط والرغبة فى الرحيل
.
زمان كنت أشعر بالخجل أن أعبر عن سعادتى أن أحيا خارج مصر، ثم صرت مع الوقت أقل خجلا الى أن أعلنت أننى أفضل الحياة خارج مصر بل وأتمناه
.
وفى بدء إعتيادى على السفر والاقامة حدث أن قابلت شاب فرنسى وسألته السؤال التقليدى المعتاد عن مدى إحساسه بالغربة والحنين الى فرنسا فجاوبنى ببساطة متناهية أنه لا يشعر بالحنين لأنه لا يحب الحياة فى بلده، ونظرا لحداثة عهدى بالغربة وقتها إندهشت من رده لثلاثة أسباب أولهما منلا يحب الحياة فى فرنسا الباهرة؟ وثانيهما لأننى ظننت أنه لا بد أنه تربى ـ مثلى ـ على أن فرنسا هى أمه وأن السين هو دمه، والسبب الثالث هو أنه حتى لو كان يكره بلده فلا يصح أن يقول هذا أمام الغرباء لأننى أيضا لم أكن قد تعلمت آنذاك ـ فى إطار ثقافتنا ـ أن الصدق أبو الفضائل بغض النظر ما اذا كان مضمون هذا الصدق سيعجب الآخرين أو ينسجم مع معتفداتهم أم لا
.
قد يستفز هذا الشعور البعض ويرونى أغالى فى الاحساس بالسلبيات، ولكن مع احترامى لأية رأى مخالف على إقتناع تام بما أحسه
.
الشعور الثانى هو شعور بالارتباط يزداد فى التبلور قبل رحيلى أحسه بمثابة حبل سرى يربطنى بكل شخص وكل شىء حولى كما لو كانت روحى مشدودة بهذه الاشياء وهؤلاء الاشخاص، بدءا من أخوتى ـ خاصة بعد وفاة والدتى ـ وأصدقائى وزملائى المعدودين، ومرورا بالاماكن التى أعتدت أرتيادها منزلى فى المهندسين ومنازل أخوتى وعملى فى البلد والنادى والعين السخنة وكافيه أو أثنين التقى فيهم ببعض أصدقائى
.
وبينما يبدو الشعور بالراحة للرحيل قويا وواضحا، فان الاحساس بعمق الارتباط يتسرسب شيئا فشيئا الى قلبى ليصل لذروته ربما ساعات قبل لحظة السفر والتى عادتا ما تجعلنى أتذكر أدونيس حين يقول
إنها لحظة الخرافة
إنها رعشة الوصول إلى آخر المسافة
.
، ويغلف الإحساسين دوامة من المشاوير والاجراءات والشوبنج والزيارات والتليفونات تجعل فى النهاية كلا الاحساسين توأمين لإحساس ثالث بالتعب والإرهاق بل قد يطغى هذا الأخير أحيانا عليهما
.
وأضيف هذه المرة ذكرى جديدة أن الاستعداد للسفر يتزامن مع وقت أستقطعه بسكين بارد للقراءة والإستزادة ثم الإعادة من ديوان سيرة البنفسج لحسن طلب والذى توقفت كثيرا عندما قرأته يقول
أولا هناك الشعور بالراحة والسعادة أنى سأترك مصر وبالذات القاهرة بكل ما فيها من مظاهر أكرهها وأستقبحها من زحام وضوضاء ولا أدمية وظلم وكبت وانعدام ذوق وتلوث وهوس جماعى بالقولبة، وهى كلها مظاهر ألمسها وأحسها فى حياتى اليومية وتغذى شعورى بالاحباط والرغبة فى الرحيل
.
زمان كنت أشعر بالخجل أن أعبر عن سعادتى أن أحيا خارج مصر، ثم صرت مع الوقت أقل خجلا الى أن أعلنت أننى أفضل الحياة خارج مصر بل وأتمناه
.
وفى بدء إعتيادى على السفر والاقامة حدث أن قابلت شاب فرنسى وسألته السؤال التقليدى المعتاد عن مدى إحساسه بالغربة والحنين الى فرنسا فجاوبنى ببساطة متناهية أنه لا يشعر بالحنين لأنه لا يحب الحياة فى بلده، ونظرا لحداثة عهدى بالغربة وقتها إندهشت من رده لثلاثة أسباب أولهما منلا يحب الحياة فى فرنسا الباهرة؟ وثانيهما لأننى ظننت أنه لا بد أنه تربى ـ مثلى ـ على أن فرنسا هى أمه وأن السين هو دمه، والسبب الثالث هو أنه حتى لو كان يكره بلده فلا يصح أن يقول هذا أمام الغرباء لأننى أيضا لم أكن قد تعلمت آنذاك ـ فى إطار ثقافتنا ـ أن الصدق أبو الفضائل بغض النظر ما اذا كان مضمون هذا الصدق سيعجب الآخرين أو ينسجم مع معتفداتهم أم لا
.
قد يستفز هذا الشعور البعض ويرونى أغالى فى الاحساس بالسلبيات، ولكن مع احترامى لأية رأى مخالف على إقتناع تام بما أحسه
.
الشعور الثانى هو شعور بالارتباط يزداد فى التبلور قبل رحيلى أحسه بمثابة حبل سرى يربطنى بكل شخص وكل شىء حولى كما لو كانت روحى مشدودة بهذه الاشياء وهؤلاء الاشخاص، بدءا من أخوتى ـ خاصة بعد وفاة والدتى ـ وأصدقائى وزملائى المعدودين، ومرورا بالاماكن التى أعتدت أرتيادها منزلى فى المهندسين ومنازل أخوتى وعملى فى البلد والنادى والعين السخنة وكافيه أو أثنين التقى فيهم ببعض أصدقائى
.
وبينما يبدو الشعور بالراحة للرحيل قويا وواضحا، فان الاحساس بعمق الارتباط يتسرسب شيئا فشيئا الى قلبى ليصل لذروته ربما ساعات قبل لحظة السفر والتى عادتا ما تجعلنى أتذكر أدونيس حين يقول
إنها لحظة الخرافة
إنها رعشة الوصول إلى آخر المسافة
.
، ويغلف الإحساسين دوامة من المشاوير والاجراءات والشوبنج والزيارات والتليفونات تجعل فى النهاية كلا الاحساسين توأمين لإحساس ثالث بالتعب والإرهاق بل قد يطغى هذا الأخير أحيانا عليهما
.
وأضيف هذه المرة ذكرى جديدة أن الاستعداد للسفر يتزامن مع وقت أستقطعه بسكين بارد للقراءة والإستزادة ثم الإعادة من ديوان سيرة البنفسج لحسن طلب والذى توقفت كثيرا عندما قرأته يقول
.
راهبة هائبة
لا راغبة فى جنة نار العشق ولا تائبة
.
وهى الأبيات التى جعلتنى حين قرأتها لوحدى فى غرفتى أتلفت حولى لأتأكد أن لا أحدا غيرى مقصود بها
.
راهبة هائبة
لا راغبة فى جنة نار العشق ولا تائبة
.
وهى الأبيات التى جعلتنى حين قرأتها لوحدى فى غرفتى أتلفت حولى لأتأكد أن لا أحدا غيرى مقصود بها
.