الاعتراف الأول
لدي استعداد لعمل أية مهام منزلية ولا أطيق الأسطح المتسخة أو زجاج النوافذ المغبرة أو أية بقع على الأرض، ولكن يبقى غسيل الأطباق آخر ما أحب القيام به، ومنذ سنوات مضت كانت عادتي أن اترك الأطباق متسخة أياما فى الحوض قبل أن اقترب منها
لم أعد أفعل هذا الأمر الحمد لله، ولكنى أشعر بالخجل من ذكر هذا الموضوع الآن ـ إذا تطرق الحديث عن نظافة المنزل وأن هناك من يترك الحوض متسخا لأيام ـ لأني أشعر أن ما سيدور فى عقل الآخرين هو: يا للقذارة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الاعتراف الثاني
زمان خرجت مع مجموعة أصدقاء فى رحلة ـ فى العمل ـ وكانت معي كاميرا تصوير وأخذت الكثير من الصور، وبعد تحميض وطباعة الفيلم استنسخت الصور ووزعتها على الأصدقاء وأخذت المقابل المادي لثمن الصور
حين أتذكر هذا الأمر الآن بجد ينتابني الخجل من أنى أخذت مبالغ زهيدة ثمنا للصور ولا أعلم لماذا فعلت هذا، ربما لو كانوا غير مصريين لكان الأمر عاديا، ولكن مع أصدقاء مصريين اشعر أن تصرفي كان
Cheap
وما زاد الطين بله أنه فى رحلة تالية رفضت إحدى المشاركات فى الرحلة أن تأخذ ثمن الصور التي أخذتها لنا قائلة أن المبلغ لا يستحق
ما أتمناه أن يعرف الناس أننا أحيانا نخطأ ونرى سخافة أخطاءنا ولا يجب أن يحكم علينا الآخرون بسبب خطأ واحد
ـــــــــــــــــــــــــــ
الاعتراف الثالث
صديقتي وطبيبتي التي تحدثت عنها في تدوينة الأوله آه
كانت متزوجة ولديها طفلان، وكانت حياتها الزوجية حين عرفتها تمر بمرحلة باردة للغاية انعدمت فيها العاطفة وتحولت إلى روتين يومي يبدأ بتوجه كل من الزوجين للعمل صباحا والاستذكار للأطفال بعد الظهر ثم عمل كل منهما في عيادة خاصة في فترة المساء والعودة متأخرا، حتى لحظاتهما الحميمة ـ كما قالت لي ـ أصبحت نادرة وميكانيكية تبدأ باقتراح من طرف، واستجابة (أو عدم استجابة) من الطرف الآخر وفقا للمزاج والظروف
قادت الصدفة صديقتي لمقابلة خطيبها وحبها الأول والذي أيضا تزوج وأنجب، وعادت المشاعر بينهما مرة أخرى للظهور، وذات يوم أرادت أن ترسل له فاكس تتحدث فيه عن أشياء تخصهما، وأعطتني هذه الرسالة لأقرأها ولإرسالها من الفاكس الخاص بي، فقمت بذلك ثم أعدتها لها
ما أخجل أن أقول أنى فعلته هو أنى احتفظت بنسخة من هذا الخطاب معي ، لا أعرف لماذا فعلت ذلك وماذا كان هدفي، مجرد تصرف تلقائي وقتها جعلني أصوره واحتفظ به، ولكنى حين أحاول الآن أن أجد تفسيرا لما فعلته لا أجد تفسيرا مقنعا، المهم انقطعت صلتنا لأسباب خارج إرادتنا، وبعد سنوات عثرت على الخطاب بالصدفة بين أوراقي فمزقته
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الاعتراف الرابع
كنا نعمل معا، والعلاقة صداقة وود، ومع الوقت لم يكن لدى شك أن هذه الصداقة تتحول من جانبه تدريجيا إلى شيء آخر، وفى يوم تلقيت منه ايميل يصرح فيه دون مواربة عن شعوره، لم يكتب كلمة "أحبك" ولكنه قال المعنى بوضوح
أثار الأمر ضيقي لأني ـ في ظل عدم المبادلة ـ أحسست أن صداقتنا الحلوة في طريقها للنهاية، وفى نفس الوقت احترت فى كيفية الرد، وددت أن أركز تفكيري وأكتب ايميل يتضمن معاني تعكس مشاعري بالود والمعزة تجاهه وتقديري لجمال وقوة شخصيته ورجائي بأن يبقى ما هو جميل بيننا جميلا إلى الأبد، ولكن فى نفس الوقت أضع النقاط فوق الحروف بأسلوب لطيف وودي يمتص (أو يحاول امتصاص) أي خيبة أمل أو مشاعر سلبية تتولد لديه من مضمون الرد، ولكن نظرا لأن تلك الفترة كانت مشحونة بالعمل والانشغالات فقد أخذت يوما وراء يوم أؤجل الرد على الايميل حتى يكون لدى الوقت اللازم لصياغته
مضى تقريبا أسبوع، فإذا بهذا الشخص يتصل بى تليفونيا فى إحدى شئون العمل على غير المتوقع وكان صوته عاديا وفى نهاية المكالمة سألنى:
ـ لقد بعثت لك ايميل من أسبوع هل وصلك؟
أسقط فى يدي، فلم أكن أتوقع أن يسألني عن الموضوع، وفى خلال ثوان حسبتها سريعا هل من الأفضل الادعاء كذبا بأنه لم يصلني الايميل أم أقول له أنى كنت منشغلة لدرجة أنى لم أرد على رسالته وما تحويه من مشاعر، الرد الثانى سيوحي بالبرود والتجاهل و"الجليطة" رغم أنها والله لم تكن أسبابي فى عدم الرد، المهم لا أدرى إذا كنت ما فعلته صواب أم خطأ ولكني وجدت نفسي أدعى بأني لم أتسلم الايميل
اقسم بالله أن ما حدث بعد أسبوعين تقريبا هو الموقف التالي بحذافيره
كان على إرسال ايميل خاص بالعمل لهذا الشخص، وقتها لم أكن أحفظ العناوين فى الجزء الخاص بجهات الاتصال، وإنما عادتي استسهالا أن أقوم بعمل
Reply
على أية رسالة سابقة من الشخص الذي أريد مراسلته، فقمت بكتابة خطابي المهني وارسلته، وفى اقل من ثانية بعد أن ضغطت كليك إلإرسال اكتشفت أن الرسالة التي أجبت عليها هي رسالة الايميل الذي سبق وبعثها لى حول مشاعره دون أن أحذف رسالته الأصلية
مهما قلت شعوري بعد إدراكي ما فعلته لن أستطيع الوصف، ما أتذكره أنى ظللت اردد: شيت شيت شيت، لم أكن أريد أن أبدو كشخصية تتجاهل مشاعر الآخرين، فإذا بي أبدو كذلك، بل وأيضا كاذبة
لم يفتح معي هذا الشخص الموضوع بعد ذلك، ربما ظن أنى أرسلت الرد عمدا على رسالته القديمة، وربما فهم أنه خطأ منى، وربما وربما لا أدرى، من ناحيتي أردت يوما أن أتحدث معه وأوضح الحقيقة أن السبب الأصلي فى تأخري في الرد أنى أردت بعض الوقت للتركيز فى رد يحمل قدر ما أحمل تجاهه من ود ومعزة ورغبة فى استمرار صداقتنا، وأن الإحراج من تأخري فى الرد كان هو الدافع للكذب، ولكنى لم أفتح أبدا الموضوع معه،
فالحديث فى الأمر أصلا كان محرجا برفض مشاعره، فما باله الآن أصبح سلسلة متتالية من الموضوعات المحرجة بدءا برفض مشاعره وعدم الرد والكذب والخطأ في إرسال الرد المتعلق بالعمل على رسالته الشخصية ثم الاعتذار عن كل هذا، فى النهاية فضلت تجاهل الأمر برمته، وهنا أيضا لا أدرى إذا كنت ما فعلته خطأ أم صواب
ظلت علاقتنا جيدة وان لم تعد كسابقها، ثم فرقتنا الأيام والظروف، ورغم أني لا أعتقد أن الظروف ستجمعنا ثانية لكنى أشعر حتى الآن بالخجل والضيق من الموقف
بالمناسبة
هذا الشخص اصبحت له الآن مكانة مهنية واجتماعية مميزة للغاية، إحدى صديقاتي التى تعلم بالموضوع سألتني اذا كنت الآن أندم على رد فعلي تجاه مشاعره، فأجبتها نندم إذا كنا نحمل مشاعر تجاه شخص ما ولكن خطأ ما ـ منا أو من الطرف الآخر أو من الظروف ـ أدى للفراق، ولكن حين لا نحمل مشاعر لا يكون هناك ندم